كشف مسؤول استخباراتي رفيع معلومات خطيرة عن تجارة المخدرات التي يقوم بها تنظيم داعش بين العراق وسوريا، بعد خسارته مصادر تمويله من النفط في محافظة نينوى ومناطق أخرى. ويؤكد المسؤول، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تجارة المخدرات صارت المصدر الأساسي لتمويل «داعش»، وأن محافظة الأنبار تعد المركز الأهم لإدارة هذه التجارة عبر تاجر معروف في المحافظة، يفضل أن يطلق عليه تسمية «بابلو إسكوبار العراق»، في إشارة إلى تاجر المخدرات الكولومبي الشهير. ويحذر المصدر من أن محافظة الأنبار معرّضة للسقوط مرة أخرى بيد «داعش»، في ظل التخبط الأمني والتقاطع بين الأجهزة المختلفة والنفوذ الذي يتمتع به تجار المخدرات داخل الأجهزة الأمنية. ويؤكد الخبير بالجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، كلام المصدر الاستخباراتي بشأن تجارة «داعش» في المخدرات، ويؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» قيام التنظيم بزراعة «القنب الهندي» في مناطق مختلفة من العراق مثل مناطق البوركيبة شمال بغداد، والشاخات في اللطيفية جنوب بغداد، والعويسات الواقعة بين محافظتي الأنبار وبابل، وقضاء تلعفر الذي يسيطر عليه حتى الآن، كذلك قرية الصكّار في البعاج بمحافظة نينوى، وفي شمال شرقي محافظة ديالي، وفي منطقة حوض حمرين تحديدا، إضافة إلى زراعته في بزايز مدينة بهرز في محافظة ديالي. ويقول الهاشمي، إن تنظيم داعش «يستغل جهل الناس بطبيعة نبتة القنب الهندي التي تزرع في مختلف الظروف، ويقوم ببيعها استنادا إلى فتوى (جواز بيع السم للكافر) الشائعة في فقه الجماعات التكفيرية». ويؤكد الخبير الأمني قيام القوات الأمنية بين فترة وأخرى بحملات لهذا النوع من المزارع، لكن طبيعة النبتة التي تشبه نبات الجت يحول ربما دون اكتشافها في أحيان كثيرة. ويعتقد أن زراعة المخدرات نقلها إلى مناطق سنة العراق المقاتلون الأفغان في «القاعدة» و«داعش»، فيما علم الإيرانيون زراعتها للشيعة في الجنوب. وبالعودة إلى المصدر الاستخباراتي الذي يشتكي من أن السلطات الحكومية ووسائل الإعلام لا تولي الاهتمام الكافي لقضية خطرة بحجم تجارة «داعش» بالمخدرات، فإنه يضرب مثلا بقضية «تجار الماشية» الـ16 الذين خطفوا في الأنبار قبل نحو شهرين، حيث أرادت وسائل الإعلام التركيز على البعد الطائفي، باعتبار وجود بعض الأفراد الشيعة مع المختطفين، لكن الحقيقة، والكلام للمصدر، تؤكد أن الجماعة المختطفة تنشط في تجارة المخدرات، وقد اختطفتها جماعات منافسه لها، وكانت مؤلفة 3 أعضاء من مدينة الشعلة الشيعية في بغداد و5 من عشيرة البوعيسى في الأنبار، والمتبقي منهم من عشيرة العكيدات السورية ومن سكنة منطقة البوكمال. ويرى المصدر الاستخباراتي، أن «العمل بتجارة المخدرات هي أقوى مصادر تمويل (داعش)»، ويؤكد أن حركة المخدرات اليوم تنشط عبر خطين، الأول، الخط الذي يعتمده تنظيم القاعدة، وينطلق من أفغانستان وباكستان مرورا بإيران والعراق ثم سوريا، وتصب بضاعته في بعض دول الخليج. أما الخط الثاني الذي يديره تنظيم داعش، ويتحاشى التعارض مع خطوط «القاعدة» ولا يرغب في الدخول في حرب معها، فيسير من العراق إلى سوريا ثم إلى تركيا وأوروبا. كما يؤكد وجود خط آخر عكسي للتهريب، ينطلق من الرمادي باتجاه منطقة القائم التي يسيطر عليها تنظيم داعش. وبرأيه، فإن الانتقال السهل لتجار المخدرات ومهربيها بين المناطق التي يسيطر عليها «داعش» في سوريا والعراق، يؤكد سيطرة «داعش» على تلك التجارة. كما يؤكد المصدر وجود تاجر كبير في محافظة الأنبار يعرفه شخصيا بمثابة «الراعي الرسمي الأول للمخدرات من محافظة الأنبار وإليها، وقبل فترة تم إيقافه في إحدى نقاط التفتيش في بغداد على خلفية الاشتباه في اسمه، فانقلبت الدنيا وأطلق سراحه»، ويحلو للمصدر إطلاق تسمية «بابلو إسكوبار العراق» على التاجر المذكور، في إشارة إلى تاجر المخدرات الكولومبي الشهير. وعن حركة تجارة المخدرات يقول: «المخدرات تدخل العراق عبر الحدود العراقية السورية، من خلال منطقة القائم وهي منطقة كانت ولا تزال تحت السيطرة المطلقة لـ(داعش)، ومن القائم تسير عبر طرق ترابية وصحراوية تعبر صحراء الأنبار لتصل إلى قضاء النخيب في كربلاء، فتتم عملية التدوير والانطلاق هناك». ويشدد على أن لدى تجار المخدرات «منطقتين في التوزيع؛ منطقة النخيب ومنطقة أخرى عند النقطة 35 غرب الرمادي، ثم تتم عملية التفريغ ومداورة الحمولة، وذلك يجري تحت غطاء بيع الماشية والأغنام». ويعتقد المصدر الاستخباري أن الرشى الضخمة التي تبلغ ملايين الدولارات التي يدفعها تجار المخدرات أشخاص نافذون في المؤسسات الأمنية تتيح لهم التحرك بسهولة، كما يتيح لهم النفوذ داخل الأجهزة الأمنية المختلفة إسكات الأصوات المنادية بالقبض عليهم أو ملاحقتهم. ويلاحظ المصدر الاستخباراتي أن المشكلة هي أن الأجهزة الاستخباراتية العاملة في محافظة الأنبار تعرف كل شيء عن تجارة المخدرات، لكن لا أحد يجرؤ على التعرض إلى المتورطين في هذه القضايا لما يتمتعون به من نفوذ وقوة.
مشاركة :