محمد أمين | «الآن، نحن نمتلك قوة نووية كبيرة لحماية أنفسنا من التهديد النووي الأميركي، سوف نردّ بلا أدنى تردد على الحرب الأميركية الشاملة بحرب شاملة، وسنوجه لهم ضربة نووية بأسلوبنا الخاص، وسوف ننتصر في المعركة النهائية مع الولايات المتحدة». هذه أحدث التصريحات الصادرة عن وزارة الداخلية الكورية الشمالية مع تصاعد التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة بشأن التجارب الصاروخية لبيونغ يانغ، فضلاً عن برنامجها النووي. لقد حاول الرئيس دونالد ترامب إظهار موقف متشدد، مهدداً بــ«التعامل المناسب» مع كوريا الشمالية إن لم تستطع الصين كبح جماح حليفتها، من خلال إرسال ما وصفه بــ«أسطول» من السفن الحربية إلى شبه الجزيرة الكورية. أم القنابل وربما كان قرار ترامب استهداف نظام الكهوف الذي أقامه تنظيم داعش في أفغانستان باستخدام ما أطلق عليها بــ«أم القنابل»، وهجومه الصاروخي على القاعدة الجوية السورية قبل شهر، ربما كان في ذلك إشارات تحذيرية لبيونغ يانغ، ولكن هذه الهجمات أثارت التساؤلات حول ما إذا كان الرئيس مستعداً لاتخاذ خطوة مماثلة مع كوريا الشمالية والمجازفة باندلاع مواجهة نووية شاملة. وكشف العقيد المتقاعد في القوات الخاصة الأميركية ديفيد ماكسويل، الذي خدم ضمن القوات الأميركية في كوريا واليابان، أن الجيش الأميركي طور قنبلة أكبر حجماً وأكثر تدميراً تعرف بـ«الذخيرة الضخمة الخارقة»، التي تستهدف المنشآت الكورية تحت الأرض. وأضاف أن «هناك الكثير من الأهداف في العالم المدفونة في أماكن عميقة تحت الأرض، وقد تم تطوير هذه القنبلة من أجلها، ولكن أظن أن هناك سؤالاً يطرح نفسه: ألا يترتب على أي ضربة عسكرية أن يستدعي رداً كارثياً من كوريا الشمالية؟». الخيار الوحيد وحذر ماكسويل الذي أصبح مديراً لمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورجتاون من أن بيونغ يانغ إذا شعرت بخطر على وجود نظامها، فقد تشن هجوماً نووياً. وأضاف: «لا يمكنهم تحقيق الانتصار في أي حرب ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، لكنهم يعتقدون أن ذلك هو خيارهم الوحيد». وأشار ماكسويل إلى أنه «حتى إذا وجهنا ضربة استباقية لكوريا الشمالية ودمرنا قدراتهم الصاروخية والنووية، قد تتمكن كوريا من الرد، وهذا هو مأزق المخططين الاستراتيجيين وصناع القرار». وحذر المسؤول السياسي في قيادة القوات الخاصة الأميركية لشؤون كوريا من أن «أي غارة جوية معزولة قد تستدعي (رداً كارثياً) يتطلب إخلاء أجزاء واسعة من كوريا الجنوبية ونشر قوات أميركية استعداداً لخوض حرب برية». تهديدات فارغة ويعتقد الدكتور جون نيلسون راتيس كبير الباحثين في برنامج آسيا التابع لــ كاثام هاوس أن إمكانية التدخل العسكري الأميركي «ضئيلة جداً». وأبلغ هذه الصحيفة أن «مخاطر اندلاع صراع إقليمي تقليدي أو غير تقليدي مع سقوط عدد كبير من الضحايا في كوريا الجنوبية، قد يردع الأميركيين عن القيام بأي عمل عسكري. فواشنطن لا يمكنها المجازفة باستعداء سيئول وطوكيو، وترامب نفسه يبدو أكبر اهتماماً باللجوء إلى التهديدات الفارغة والغامضة بشكل متعمد والخطابة الحماسية، أكثر من كونه ملتزماً بالقيام بعمل عسكري حقيقي». وكان ترامب قد خفف أخيراً من لهجة خطابه بعد أن بحث الموضوع مع الزعيم الصيني زي جنبنغ ووصف الصين بأنها «شريان الحياة الاقتصادي لكوريا الشمالية». وأضاف: أنه «في حين أنه لا توجد خيارات سهلة أمام الصين، لكن إذا أرادوا حل مشكلة كوريا فسوف يمكنهم ذلك». خطوات مشجعة وجاء تصريح ترامب في أعقاب تأكيد مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية بأن الولايات المتحدة لا تفكر في توجيه ضربة عسكرية لكوريا الشمالية، وتأكيد نائب الرئيس مايك بنس أن الحل السلمي مايزال ممكناً، ووصف الخطوات التي قامت بها الصين بـ«المشجعة». وحذر ماكسويل من أن أي ضربة صاروخية لكوريا الشمالية على غرار سوريا، ليس من شأنها سوى تقوية تصميمها على زيادة قدراتها العسكرية. وقال إن «الورقة الغربية الحقيقية هي كيم نفسه الذي عمل على تصفية عدد من أركان دائرته الداخلية خلال سنوات حكمة الممتدة لست سنوات. ويرد د. نيلسون رايت على بعض الدعوات داخل الولايات المتحدة بالقضاء على ترسانة كوريا الشمالية من الصواريخ والأسلحة النووية بالقول ان من الصعب تحديد مواقع هذه الأسلحة المخبأة في أماكن سرية حول البلاد. السبيل الأمثل وقد تشمل الاجراءات المحتملة في التعاطي مع كوريا الشمالية، فرض الصين عقوبات اقتصادية عليها وعرض تنازلات سياسية عليها مقابل تجميد برامجها لاختبار الصواريخ وقيام عملية سلام مع الأطراف الإقليمية. ويتفق ماكسويل مع ذلك قائلا انه على الرغم من نجاح بيونغ يانغ في الالتفاف على العقوبات الدولية، فإن ذلك هو السبيل الأمثل في التعاطي معها. وحث الولايات المتحدة على تخفيف اجواء القلق والتوتر مع الكوريين، ويقول ان «كيم يتصرف مثل الإرهابيين، ومن أهم الأشياء التي يسعى إليها الإرهابيون هي السمعة السيئة». واضاف أن العالم يجب أن يركز على ملف كوريا الشمالية لحقوق الإنسان الذي يتجاهله العالم على نطاق واسع منذ عام 2014، حين أجرت الأمم المتحدة تحقيقا في «الجرائم المسكوت عنها» لنظام بيونغ يانغ. ويعتقد ماكسويل ان «ملف حقوق الإنسان السيئ يُضعف شرعية نظام كيم، وهناك قيمة أخلاقية واستراتيجية في ابلاغ الشعب الكوري الشمالي بأننا نُحسِّ بمعاناتهم». ■ اندبندنت ■
مشاركة :