هل تجعل انتخابات بريطانيا المبكرة ماي امرأة حديدية؟

  • 4/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد بريطانيا جدلاً، بعد موافقة مجلس العموم البريطاني بأغلبية 522 صوتاً، على مقترح رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بإجراء انتخابات مبكرة في الثامن من يونيو المقبل، حيث كان من المتوقع أن تجري الانتخابات العامة في عام 2020، ولكن المفاجأة كانت كبيرة، حتى إلى أقرب المسؤولين، مثل وزيرة الداخلية أمبر رود. فقد أقرت رود بأنها فوجئت بالقرار، ولكنها تتفهم الأسباب التي دعت ماي لاتخاذ هذا القرار. وقد بررت رئيسة الوزراء قرارها، بالحاجة إلى تقوية موقفها وتفويضها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي للخروج بالطريقة التي تفيد المواطن البريطاني. يذكر أن ماي قد استبعدت إجراء أي انتخابات مبكرة قبل ذلك، ومن هنا، تم انتقادها من قبل معارضيها بعد تلك الخطوة. فقد قال زعيم حزب العمال جيرمي كوربون، إنه يرحب بالانتخابات، ولكن لا يثق في رئيسة الوزراء التي أكـــدت قبل ذلك علي عدم إجراء انتخابات مبكرة. انتقادات وقد انتقدتها رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا سترجين، واعتــــبرتها نوعاً من الانتهازية السياسية، ووضع مصــــالح حزب المحافظين فوق مصلحة المملكة المتحدة، بعد أن ارتفعت نسبة تأييدها في استطلاعات الرأي إلى 44 في المئة، بالمقارنة بنسبة 21 في المئة لحزب العمال. وانتقد ماي أيضاً، نائب رئيس الوزراء الأسبق نيك كليج، معتبراً أنها تريد أن تقوض الديمقراطية، وتقضي على المعارضة داخل مجلس العموم، بالنظر إلى ضعف حزب العمال. ولكن تيريزا ماي ردت على كل الانتقادات بالتأكيد على تقوية التفويض المخول لها، ولا سيما أنها لم تنتخب كرئيسة وزراء، ولكن تم تعيينها بعد استقالة رئيس الوزراء السابق دافيد كاميـــرون بعد خسارته نتيجة استفتاء البقاء في الاتحاد الأوروبي. ومن هنا، يرى بعض المؤيدين لها والمحللين والسياسيين، أنها تحتــــاج إلى تلك الانتخابات لإحداث نوع من الاستقرار واليقينية في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وعدم التخوف من رفض مجلس العموم الاتفاق الذي سيخرج في مارس 2019. مصلحة الحزب في هذا السياق، قال أحمد أصفــهاني الصـــحافي المتخــــصص فــي الشأن البريطاني لـ «البيان»، إن قرار ماي هو «انتــهازية سيــاسة، ووضع مـــصلحة حزب المــــحافظين فوق مـــصلحة البلد، ومحاولة فــــض الارتباط مع الاتحاد الأوروبي بصورة متــطرفة، وليس بصورة تدريجية». وهناك توقعات بخسارة حزب العمال لعدد غير قليل من المقاعد، وإمكــانية أن تزيد أغلبية حزب المحافظين داخل مجلس العموم بحوالي 60- 100 مقعد، بالمــقارنة بـ 17 مقعداً في الوقت الجاري، وهي أغلبية ضئيلة، قد لا تمكنها من تمرير الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. ولكن التخوفات أن استطلاعات الرأي، ولا سيما استطلاعات يوجوف الشهيرة، قد أثبتت خطأها في انتخابات 2015 البرلمانية، واستفتاء عام 2016. تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات المبكرة جرت في بريطانيا سابقاً. ويمكن الدعوة لانتخابات مبكرة لسببين، وهما التصويت بعدم الثقة في الحكومة، أو تصويت أعضاء مجلس العموم بأغلبية الثلثين لإجراء تلك الانتخابات، وهو ما حدث في تلك الحالة. ومن أهم الامثلة على الانتخابات المبكرة هي الانتخابات التي دعا اليها هارولد ويلسون رئيس الوزراء انذاك في عام 1966 بعد اقل من 18 شهرا علي فوزه بالانتخابات في اكتوبر عام 1964 وحصل علي أغلبية بفارق 100 صوتا عن حزب المحافظين لانه كان يتمتع بأغلبية ضئيلة عام 1964. وبالنسبة لرؤساء الوزراء الذين لم ينتخبوا في البداية ودعوا الى اجراء انتخابات مبكرة لتقوية موقفهم السياسي والتفويض المخول لهم لادارة البلاد فكانت حظوظهم كبيرة في النجاح. علي سبيل المثال حل أنتوني أيدن كرئيس للوزراء عام 1955 نتيجة مرض ونستون تشرشل. وقد دعا أيدن الي انتخابات مبكرة وحصل علي أغلبية بفارق 60 صوتا بعد أن كانت 17 صوتا. وقام هارولد ماكميلان بنفس الشئ وفاز بأغلبية 100 صوتا في أكتوبر 1959. وهكذا فعل جون ميجور عام 1992 وان فاز بأغلبية ضئيلة. أغلبية يبدو أن التاريخ في صالح تـــيريزا ماي، وقـــد تفوز بأغلبية كبيرة وتـــــصدق استـطلاعات الرأي. ويقلل أحمد أصفهاني في حديثه لـ «البيان»، من فرص حصول ماي علي أغلبية مريحة، لأن الحملة الانتخابية لحزب العمال تركز على قضايا اجتماعية، مثل الصحة والتعليم، ولم تقدم ماي أي شيء حتى الآن، إلا تقوية موقفها في المفاوضات، ولم تقدم أي برامج أخرى. ويضيف أصفهاني أن النتيجة غير محسومة، بالرغم من أن التاريخ يصب في صالحها، ويعتمد الأمر على الحملات الانتــــخابية الجارية للأحزاب المختلفة، وقدرة المرشحين على التواصل مع الناخبين. لمحة تأتي الانتخابات البريطانية بعد الانتخابات الفرنسية وقبل الانتخابات الألمانية، وفوز حزب المحافظين بأغلبية كبيرة، قد يؤثر في شكل الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وفي تماسك ومستقبل الاتحاد.

مشاركة :