عواصم (وكالات) أكد تقرير فرنسي يتضمن نتائج تحاليل لأجهزة الاستخبارات في باريس أمس، استخدام غاز السارين القاتل في الاعتداء الذي استهدف في 4 أبريل الحالي، مدينة خان شيخون في ريف إدلب وأوقع 87 قتيلاً ونحو 400 مصاب، واستبعد أي شكوك بشأن مسؤولية نظام دمشق عن الهجوم، في ضوء مقارنة عينات من المنطقة المنكوبة وفحص دم من أحد الضحايا، بعينات من هجوم مماثل آخر العام 2013. وأشار إلى أن أوامر الضربة جاءت من الرئيس الأسد أو الدائرة المقربة منه. كما يفيد التقرير أن «نظام الأسد لا يزال يحتفظ بعناصر تدخل في تركيب الأسلحة الكيماوية في ما يعد انتهاكاً لالتزاماته بالتخلص من هذه الإسلحة في 2013، وفق بيان للرئاسة الفرنسية. وكان الأسد قد قال إن الدليل على شن هجوم بالغاز السام «مفبرك» ونفى استخدام حكومته أسلحة كيماوية في أي وقت من الأوقات. وجاء التقرير الفرنسي في 6 صفحات وشاركت في إعداده أجهزة الجيش والمخابرات. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت الذي عرض التقرير بعد اجتماع لمجلس الدفاع برئاسة الرئيس فرنسوا أولاند، إن «فرنسا قررت مشاركة المعلومات التي في حوزتها مع شركائها ومع الرأي العام العالمي» مضيفاً «نعرف من مصدر موثوق أن عملية تصنيع العينات المأخوذة تضاهي الأسلوب المستخدم في المختبرات السورية». وتابع «هذه الطريقة هي بصمة النظام وهي ما يتيح لنا تحديد المسؤول عن الهجوم. نحن نعرف لأننا احتفظنا بعينات من هجمات سابقة واستطعنا استخدامها للمقارنة». ومن بين العناصر التي ظهرت في العينات مادة الهيكسامين المميزة للسارين الذي تنتجه الحكومة السورية حسبما أورد التقرير مشيراً إلى أن النتائج تضاهي نتائج عينات حصلت عليها المخابرات الفرنسية، منها قذيفة لم تنفجر، من هجوم على مدينة سراقب في 29 أبريل 2013 واتهمت قوى غربية حكومة الأسد بتنفيذه. وقال آيرولت «عملية الإنتاج طورها مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا من أجل النظام». وكانت سوريا قد وافقت في سبتمبر 2013 على تفكيك برنامجها للأسلحة الكيماوية بالكامل بموجب اتفاق تفاوضت عليه مع الولايات المتحدة وروسيا بعد مقتل مئات بهجوم بغاز السارين في غوطة دمشق الشرقية. وجاء في التقرير الفرنسي أن هناك «شكوكا خطيرة فيما يتعلق بدقة تفكيك الترسانة الكيماوية السورية واستكمالها وصدقها». وأورد نحو 140 هجوماً يشتبه بتنفيذه بالأسلحة الكيماوية في سوريا منذ 2012، موضحاً إن أجهزة المخابرات تعلم أن طائرة حربية من طراز سوخوي 22 تابعة للحكومة السورية نفذت 6 ضربات في خان شيخون وإن العينات التي استخلصت من الأرض تضاهي مواد مقذوف محمول جواً يحمل ذخيرة مغلفة بالسارين. وأضاف التقرير «تعتقد المخابرات الفرنسية أن أمر استخدام أسلحة كيماوية لا يمكن أن يصدر إلا عن الأسد أو بعض أفراد دائرته الأكثر نفوذاً». وأضاف أن الجماعات المتشددة في المنطقة لا تملك القدرة على شن مثل هذا الهجوم وأن «داعش» لا يتواجد في تلك المنطقة. وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أكدت في 19 أبريل الحالي أن السارين أو مادة سامة محظورة أخرى استخدمت في خان شيخون، بينما قالت روسيا إن الغاز انطلق نتيجة ضربة جوية على موقع لتخزين الغاز السام تسيطر عليه المعارضة. وأفاد مصدر دبلوماسي فرنسي كبير أن باريس أحالت التقرير إلى شركائها وستواصل السعي لإجراء تحقيق. في الأثناء، أيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إجراء تحقيقات بشأن الهجوم الكيماوي في خان شيخون، موضحاً «يجب أن يدفع النظام السوري ثمن استخدام الكيماوي». كما أعلن الجبير خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو أمس، أن السعودية تنسق مع روسيا المواقف بشأن الأزمة في سوريا، مشيراً إلى أن البلدين متفقان على احترام سيادة الدول. وأظهرت تصريحات الوزيرين الاختلاف في مواقف موسكو والرياض بشأن مصير الأسد ودور القوات الإيرانية و«حزب الله» في سوريا وتدخل طهران ومليشياتها في دول أخرى في المنطقة. وأكد الجبير أن «لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، ولا مكان لـ«حزب الله» في أي مكان في العالم، مشدداً بقوله «نعمل على وضع حد لتدخلات إيران وحزب الله في المنطقة». من ناحيته، قال لافروف إن «حزب الله» والقوات الإيرانية تعمل في سوريا تلبية لطلب الحكومة تماما مثل القوات الجوية الفضائية الروسية. وذكر أن روسيا لا تعتبر «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني من التنظيمات الإرهابية، بل يتعلق الحديث عن استثناء الإرهابيين من العملية السياسية في سوريا، بتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» فقط. وقال «هناك تباين ملحوظ مع السعودية بخصوص سوريا لكننا نعمل سوية لإيجاد حل».
مشاركة :