رحم الله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن أبو حيمد رحمة واسعة

  • 4/27/2017
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

انتقل إلى رحمة الله عميد أسرة آل أبوحيمد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن أبو حيمد صباح يوم الأربعاء الموافق 1 - 7 - 1438هـ عن عمر ناهز 92 عامًا بعد معاناة قصيرة مع المرض، وحياة حافلة بالخير والعطاء. وقد صُلِّي عليه بعد صلاة العصر في مسجد الراجحي، ودُفن في مقبرة النسيم بالرياض. والشيخ عبدالعزيز وُلد في مدينة الرياض في بستانهم المسمى بالبديع، الذي يطلق عليه اليوم العطايف، وفقد والدته منيرة بنت محمد الفياض في طفولته، وترعرع في كنف والده عبدالرحمن الذي أدخله الكتاتيب لحفظ القرآن الكريم وتعلُّم الكتابة والقراءة على يد العديد من مشايخ وعلماء عصره. إن الموت حق، وكلنا سائرون في هذا الدرب، ولكن خير البشر منا من تبقى ذكراه الحسنة خالدة بأفعاله وأعماله الصالحة الخيّرة النبيلة. سبحان الله الذي جعل الموت علينا حتمًا محتومًا، يأخذ منا آباءنا وأمهاتنا وأبناءنا وأقاربنا وأصدقاءنا وجيراننا ومن نحب. كل يوم لنا فقيد عزيز على قلوبنا، وليس بأيدينا إلا أن ندعو الله للمتوفَّى بالرحمة والمغفرة, وأن نسامحه، ونطلب من الله له المغفرة. الحياة أيام قلائل، مهما عشنا ومهما طالت السنون فإنما هي كحلم أو لمح بصر تنقضي، نفقد والدينا وأولادنا، نفقد الأخ والأخت، نفقد الصاحب والصديق.. ونفقد أحبابنا وعلماءنا الأجلاء، وهم سيفقدوننا، إنه الموت الذي يفر المرء منه إليه، يفر الولد من أبيه، ومن حضن أمه، ومن بين إخوانه وأخواته في لمحة بصر، والزوج من زوجته، نصحو على أمر عظيم، وأعظم من المصيبة الفقد، نصحو على واقع نرضى به، رضينا أم غضبنا، نجد أنه لا مناص من الصبر والاحتساب، والصبر في حد ذاته مُر، ونجد أنفسنا بين أمرين لا ثالث لهما: الأول أن نبقى نبكي ونلوم أنفسنا ونلوم الزمن والقدر ونقول: يا ليت الذي جرى ما كان.. بالأمس كانوا معنا، واليوم رحلوا، ساعات الفرح لا تدوم طويلاً.. والابتسامة لا تبقى على الشفاه مرتسمة، والأمل لا يبقى دائمًا حليفنا، وإن حاولنا، ولكن!! ساعات الحزن تدوم بشكل طويل.. والحزن يبقى على الشفاه مرتسمًا.. والحزن يصبح حليفنا في كل ساعة ودقيقة وثانية.. أمور كثيرة تجعلنا نبكي لفترة طويلة.. هذه هي الدنيا.. موت وحياة، وضحك وبكاء، فرح وسرور، وحزن وبكاء.. كثير منا فقدوا أشخاصًا يستحيل أن ننساهم مهما طالت الأزمان أو بعدت المسافات.. هم أشخاص رحلوا وتركوا بصمة في قلوب كل من قابلهم، أشخاص عانوا الكثير، فقط ليسعدوا حياة الآخرين.. لقد شهد للشيخ عبدالعزيز أبو حيمد البعيدون قبل القريبين بالمواقف الإنسانية النبيلة التي خلفها وراءه.. أقول: إننا فقدنا رجلاً فاضلاً عزيزًا عطوفًا شفوقًا بشوشًا بارًّا، لا يعوَّض، وفقدنا إنسانًا قلَّ أن يجود الزمان بمثله.. إنني مهما قلت وكتبت عن الشيخ عبدالعزيز فلن أوفيه جزءًا يسيرًا من حقه، إنه رمز للوفاء والشهامة والكرم، وحبيب مقرب من الناس.. باختصار رجل متواضع مهيب في نبل رفيع بشوش، لا يطلبه أي إنسان في شيء إلا وتجده ملبيًا له دون انتظار لشكر أو مديح. كان وفيًّا أمينًا حنونًا كريمًا لمن يأتي إليه. عاش حياته في بيت صلاح وتقى وعبادة وكرم، وكان إنسانًا شهمًا متواضعًا لطيفًا ابنًا وأخًا للكبير، وأبًا للصغير.. صديقًا للجميع، طيب المعشر، لين الجانب، كيس فطن، صاحب حنكة وبصيرة ثاقبة، لا يمل مجلسه وحديثه، بيته وقلبه وأذنه مفتوحة للجميع من حبه للناس وحب الناس له وحبه لتواصل صلة الرحم.. يتألم لما يؤلم الناس، ويفرح لهم بما يفرحهم، محل ثقة وتقدير من الجميع ومن يعرفونه، كان ينصح بنصح المحب ومحبة الناصح. وهو الرجل الذي أود أن أسطّر بعض كلمات الوفاء والعرفان بحقه، ولا أظنها ستفي؛ فهي ليست إلا جهد المقل العاجز، إنه ذلك الرجل الحكيم كبير الهمة، صريح صدوق، لم تغيّره الأيام والليالي، ولم تنل من همته السنون، بل هو في الواقع مَن زيّنها بعطائه وحكمته ووفائه ولطفه ودماثة أخلاقه وتفانيه وإخلاصه وبشاشته، إنه الرجل الذي أجزم أن كل من عرفه -حتى ولو لبعض الوقت- يتفق معي أنه قد تملك فيه جانبًا من مودة خالصة وإعجابًا عميقًا.. بالطبع كثير هم أولئك الرجال الذين نلتقيهم في مراحل حياتنا، ونعايشهم، ولكن قليل هم أولئك الذين يتركون في أنفسنا أثر الوفاء والحب العميق؛ فيبقى وجودهم فينا راسخًا نتعايش معهم في تجاربهم وحكمتهم ورؤيتهم الثاقبة. إننا أمام رجل من خيرة رجال هذا الوطن، ونموذج مشرف لرجل الأعمال المكافح الصبور.. ويكاد يجمع كل من عرف الراحل أنه كان شخصية لافته بذكائه وفراسته وقدرته على التفاعل مع مختلف المستجدات مقارنة بأبناء جيله. كان مثلاً للوفاء الصادق في ظاهره وباطنه، كما أن له باعًا طويلاً في معرفة القبائل والأنساب، ودراية متميزة بالفلك ومواقع النجوم والاتجاهات والمسارات البرية والصحراوية ونباتاتها وأعشابها.. إنه من يعاشره -رحمه الله- يعرف أنه أمام موسوعة علمية نادرة، غلفت بحسن المعشر والخلق النبيل والتواضع وحب الخير للناس والذاكرة القوية والقدرة على تذكُّر القصص والأحداث، وتكوين علاقات قوية مع الآخرين.. والفقيد له من الأبناء عبدالله -رحمه الله- وناصر وعبدالرحمن وسعد وإسماعيل، ومن البنات منيرة وفوزية ولطيفة, وتزوج ثلاث نساء (الجوهرة -رحمها الله- وزينب وسميرة). ونعزي في الفقيد الشيخ عبدالعزيز أبناءه الأستاذ ناصر والأستاذ عبدالرحمن والأستاذ سعد والأستاذ إسماعيل وبناته الأستاذة منيرة والأستاذة فوزية والأستاذة لطيفة وزوجتَيه زينب وسميرة وأبناء أخيه فهد -رحمه الله- وهم الأستاذ عبدالرحمن والأستاذ خالد والأستاذ عبدالله وجميع أسر آل أبو حيمد، وجميع محبيه وأقاربه وزملائه وجيرانه، سائلاً الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان, وأن يرحمه رحمة واسعة، ويرفع درجاته يوم يلقى ربه. - د. فهد بن عبدالرحمن السويدان

مشاركة :