كرة القدم هذه اللعبة المجنونة التي أسرت القلوب والعقول معا لم تعد كما عهدناها ترفيهاً وتسلية وترويحاً عن النفوس المتعبة بقدرما تحولت الى النقيض، تحولت إلى همجية وشتم وعدائية. ـ ففي واقع المعايشة مع هذا الجلد المنفوخ هنالك من يحضر ليشتم ويصرح ليسيء ويكتب ليتهم حتى مقولة الروح الرياضية التي ارتبطت بهذه اللعبة ومجالها ماتت ولم يعد لنا منها سوى ذكريات الزمن الجميل، زمن الوعي والحضارية ومثالية الانتماء. ـ البعض يسأل لماذا تحول المشهد في رياضتنا إلى ما هو عليه اليوم من تجاوزات وعداء ومفردات مفخخة بأبشع صور الشتيمة؟ ـ سؤال يطرح وآخر يوازيه من حيث الأهمية لكننا في خضم البحث عن الجواب لا نجد من المدلولات سوى تلك التي تدين هذا المجال وتدين كل من ينتمي إليه. ـ في المدرجات تستمع كل ما تحويه كتب الشتيمة وفي الإعلام تقرأ من عبارات (تقريع) الآخر ما قد يتجاوز الخطوط الحمراء أما إن اتجهت صوب رؤساء الأندية فهؤلاء بعضهم لا جميعهم يقدحون بالمرفوض دونما أي اعتبار لا للناس التي تسمع وترى ولا للقانون الرادع الذي وأقولها بكل أسف تحول إلى من ليسوا جديرين بصيانته. ـ نختلف ليس لكون الاختلاف حالة مألوفة عرفت بها الرياضة بل نختلف لكي نصادر الآخر ونوصمه ونقصيه ونجعل منه الضحية. ـ مدانون نعم .. متهمون في كل ما يحدث صحيح وإذا ما اعترفنا بأننا جميعا شركاء في صناعة هذا الوضع المتأزم فربما يقودنا ذلك إلى تصحيح الجرم الذي ارتكب باسم رياضتنا وباسم هذا الجيل الذي نخشى عليه أن يقتبس ثقافته من الشتم والسب والعدائية. ـ تعالوا نتعاون لننهض بقيمة الأخلاق التي فقدت في مجالنا .. أدعوكم لهذا اعتقادا مني بأن ذلك هو الحل الذي قد يسهم في إزالة مثل تلك الممارسات الخاطئة، أما المكابرة والتعصب فستبقى بمثابة المرض والعلة والكارثة. ـ قبل سنوات سمعنا عن المبادرة التي تقول (الكرة لا تعني الكره) وسمعنا كذلك مقولة (الرياضة تجمع ولا تفرق) .. هكذا سمعنا أما على أرض الواقع فلم نر لا هذه ولا تلك ويبدو أنها تبخرت برياح هذا الاحتقان التعصبي المقيت الذي اجتاح مجالنا دونما قدرة منا على ردعه. ـ حتى وأنت تناصر الحق وتنصف الحقيقة سرعان ما تصبح في نظر الطرف المضاد مجرما، فالكل وهنا المأساة يحلل لنفسه ولفريقه المفضل ما يحرمه على غيره .. يبادلونك الحب والعشق إذا انسجمت أفكارك مع أفكارهم ويعكسونها عداوة إذا ما تعارضت. ـ عموماً رياضتنا لم تعد كما كانت خالية من الشوائب بل أضحت مجالا خصباً لسوء الأخلاق فهل من وقفة تستهدف تعديل مسارها الخاطئ؟ ـ بالطبع أنا مثلكم لا أعلم لكنني سأبقى منادياً بضرورة العمل على كبح جماح المتجاوزين والشاتمين والعدائيين حتى نضمن استعادة التوازن الذي فقدناه.. وسلامتكم.
مشاركة :