شهدت مدينة الأقصر أخيراً انطلاق احتفالات مصر السنوية بيوم التراث العالمي، باعتبارها عاصمة الثقافة العربية لعام 2017. وتضمّ المدينة التي تقع في أقصى الجنوب المصري عشرات المعابد ومئات المقابر، شيدها ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة. بدأت الاحتفالات في الأقصر المصرية بافتتاح وزير الآثار خالد العناني معرضاً وثائقياً أقيم في ساحة الكرنك، ويحكي بالصور نتاج 50 عاماً من عمل بعثة المركز المصري الفرنسي في معبد الكرنك الفرعوني، وتحكي تفاصيل أهم الاكتشافات الأثرية وأعمال الترميم التي شهدتها معابد الكرنك على يد علماء مِصريات فرنسيين، وعلماء آثار مصريين، طوال نصف قرن من الزمان. تضمنت الاحتفالات رفع الستار عن تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني، أمام الصرح الأول لمعبد الأقصر الفرعوني، ذلك بعد جمع قطعه المتناثرة، وإعادة تركيبه، ضمن المشروعات الجارية لحفظ الآثار المصرية وصيانتها، في مختلف المواقع الأثرية. الزيارة مجاناً قال المدير العام لمنطقة آثار الأقصر د. مصطفى وزيري إن الأماكن الأثرية المسجلة في قائمة التراث العالمي تُفتح مجاناً للزائرين من أهل البلد والأجانب، مشيراً إلى أن الاحتفالات تتضمّن أيضاً مجموعة من الندوات والفعاليات الثقافية حول حاضر الأقصر وماضيها، وأهم ما شهدته من اكتشافات أثرية، وما تحويه بين جنباتها من آثار ضخمة، تمثّل تراثاً للإنسانية جمعاء. يذكر أن معابد الكرنك تعدّ أحد أكبر المزارات الأثرية في مصر، وأكبر دور العبادة في العالم، ذلك نظراً إلى اتساعها وتعدّدها وسلامة أعمدتها وأسقفها وجدرانها ونقوشها ورسومها، وهي أقيمت على مساحة 60 فداناً. أما معبد الأقصر الفرعوني فيقع في الجزء الجنوبي من مدينة الأقصر، وشُيِّد ليكون بمنزلة «المسكن السري لسيد الآلهة آمون» الذي كان يترك قصره في الكرنك مرة سنوياً على متن مركب في النيل، متجهاً إلى الجنوب ليزور معبد الأقصر، ذلك في مشهد احتفالي ضخم، كان يحضره عشرات الآلاف من المصريين آنذاك. وأعاد الملك أمنحتب الثالث بناء معبد الأقصر من الحجر الرملي، ثم بنى الملك رمسيس الثاني الفناء الأمامي، وزينه بتماثيل نحتت من الحجر الأسواني، والكوارتزيت والغرانيت. أهداف «التراث العالمي» يُحتفل بيوم التراث العالمي في 18 أبريل من كل عام، وهو اليوم الدولي للمعالم والمواقع الأثرية، ويهدف إلى تعزيز المشاركة في حماية الممتلكات الثقافية والحفاظ عليها. ظهرت الفكرة مع توقيع اتفاقية اليونسكو عام 1972 لحماية مواقع التراث الثقافي والطبيعي، وكانت نتيجة مباشرة لحملة إنقاذ آثار النوبة بمصر، والتي تمت بنجاح من خلال تكاتف الجهود الدولية. جاء توقيع الاتفاقية بسبب العبث بهذه المواقع وتدميرها، وغياب تشريعات وأنظمة وسياسات عامة تلزم المؤسسات والأفراد الحفاظ على المواقع التراثية والأثرية وتبين كيفية التعامل معها على المستويات كافة. والاتفاقية نقطة تحوّل مهمة في مسيرة حماية التراث الثقافي والطبيعي في العالم أجمع، وأصبحت، منذ إقرارها في 1972، أهم الآليات والأكثر فاعلية لحماية المواقع والآثار في العالم، ومن خلالها حوفظ على مواقع التراث الثقافي التي كانت مسؤوليتها قبل ذلك تقع على كاهل الدول من دون أي تدخل من المجتمع الدولي. وتشمل الاتفاقية 190 بلداً، فيما تضمّ قائمة التراث العالمي راهناً 962 موقعاً في 157 دولة (745 موقعاً ثقافياً، و188 موقعاً طبيعياً، و29 موقعاً مختلطاً).
مشاركة :