صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) على برنامج حكومة سعد الدين العثماني، بأغلبية 208 أصوات ومعارضة 91 نائباً، فيما امتنع 40 نائباً عن التصويت من حزب الاستقلال. وقبل نيله ثقة البرلمان، دافع العثماني، في جلسة عامة عقدت مساء أول من أمس بمجلس النواب، عن تشكيلة حكومته، والسياق السياسي الذي أفرزها، رداً على انتقادات نواب حزبه (العدالة والتنمية) في مجلسي البرلمان. وقال العثماني إنه حرص على تشكيل الحكومة «حتى لا نعطي إشارات سلبية عن الوضع السياسي في بلادنا»، متجنباً الخوض فيمن يتحمل مسؤولية عرقلة النسخة الأولى من مفاوضات تشكيل الحكومة، التي قادها عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والتي انتهت بإعفائه من منصب رئيس الحكومة من قبل الملك محمد السادس، وتعيين العثماني خلفاً له. وكان كل من إدريس الأزمي الإدرسي، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، ونبيل الشيخي، رئيس فريق الحزب بمجلس المستشارين، قد انتقد العثماني لإغفاله الحديث عن السياق السياسي الذي أفرز الحكومة، وذلك عند عرض برنامجه أمام البرلمان، وتحدثا عن «تنازلات مؤلمة» قدمها الحزب، بما فيها إعفاء ابن كيران من منصبه، وما تلا ذلك من تنازلات، حيث فقد الحزب وزارات مهمة، رغم تصدره نتائج الانتخابات التشريعية بـ125 صوتاً، فيما حصل حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يرأسه عزيز أخنوش المقرب من القصر، على وزارات الفلاحة والمالية، والعدل، والصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، والشباب والرياضة، رغم أن عدد المقاعد التي فاز بها لم تتجاوز 37 مقعداً. ورداً على تلك الانتقادات، قال العثماني إنه «منذ انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، مرت البلاد بأشهر صعبة، وشهدت تجاذبات سياسية وتحديات، لكننا حاولنا الوفاء لأحكام الدستور»، مشيراً إلى أنه «عندما عينني الملك كان هدفي هو الخروج بالحكومة في أقرب وقت ممكن حتى لا نعطي إشارات سلبية عن الوضع السياسي في بلادنا»، ووصف العثماني ما حدث من عرقلة مفاوضات تشكيل الحكومة بأنه لم يرق إلى «أزمة سياسية، بل صعوبة في تدبير تحالفات»، وقال إنه لن يتحدث عن المسؤول عنها لأن «المواطن هو من سيحكم على تلك الفترة، ويعرف جيداً ما حدث». وأوضح رئيس الحكومة المغربية أن «تصويت المواطنين في السابع من أكتوبر له دلالة سياسية، ونحن أوفياء لها»، بيد أنه بصفته رئيس الحكومة كان «مكلفا بتدبير الزمن السياسي مع إكراهاته وصعوباته لأنه زمن ثمين»، مشيراً إلى أن حزبه وأحزاب التحالف تحلت بدرجة عالية من المسؤولية والشجاعة لتشكيل الحكومة، وكل حزب ساهم من جهته وساعد لخروجها. كما أبرز العثماني أن الهدف من تشكيل الحكومة كان «محاربة كل محاولات التيئيس والإحباط، وإبعاد الناس عن الأحزاب السياسية والانتخابات، وفقدان الثقة في العمل السياسي»، بالإضافة إلى أن «يخرج المغرب قوياً وفياً لدستوره ضد دعوات التنكر لأحكامه»، في إشارة إلى الدعوات التي كانت تطالب بإسناد رئاسة الحكومة إلى الحزب الذي حل ثانياً في الانتخابات، وهو «الأصالة والمعاصرة» المعارض. وقال العثماني في هذا الصدد: «هناك أصوات كانت تتمنى ألا ينجح هذا التحالف الحكومي، وألا يتشكل، حتى إن هناك من ذهب إلى التشكيك في تصويت الأغلبية الحكومية على البرنامج الحكومي». ورداً على ملاحظات النواب الذين انتقدوا خلو برنامجه من الرؤية السياسية، قال العثماني إن البرنامج «يستند إلى رؤية سياسية واضحة، تتمثل في مواصلة بناء النموذج الديمقراطي، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات والجهوية». ونفى في المقابل غياب الانسجام عن تركيبة الحكومة، أو وجود صراع على الاختصاصات بين أعضائها، موضحاً أنه جرى تقليص عدد الوزراء إلى 26 وزيراً، مقابل 13 كاتب دولة ووزيراً منتدباً، وهو نموذج معمول به في بلدان ديمقراطية، مثل بريطانيا وفرنسا. ورداً على ما أثير بشأن هيمنة التكنوقراط على الحكومة، أقر العثماني بوجود نسبة منهم، بيد أنه اعتبر أن حكومته من بين الحكومات التي تضمنت أقل عدد من التكنوقراط خلال الـ20 عاماً الماضية، لافتاً إلى أن الحكومة تخضع لمراقبة البرلمان بغض النظر عن الانتماء السياسي لأعضائها. وتعهد العثماني بمراجعة منظومة الانتخابات «حتى تكون الانتخابات أكثر نزاهة، وتعبر عن تركيبة المؤسسات»، مؤكداً تشبثه بنهج التشاور مع الفرقاء السياسيين والنقابات.
مشاركة :