القاهرة: علي إبراهيم قد يكون أبرز الظواهر التي صاحبت التغيرات العاصفة التي شهدتها دول عربية بدءا من انتفاضات 2011، هي أهمية المعلومات التي يجري تداولها، سواء كانت صحيحة أو مغلوطة، في ثوان لتشكل رأيا عاما وحركة سياسية أو شعبية ضاغطة، وفي بعض الأحيان صدامات ودم. في مصر، وبعد متاعب المرحلة الانتقالية الأولى يبدو أن أحد الدروس التي استفاد منها الجيش المصري هو أهمية وجود متحدث رسمي لتصحيح المعلومات ونقل الحقائق والتواصل مع المجتمع، وأصبح العقيد أركان حرب أحمد محمد علي هو الوجه المعروف للجيش الذي يطل على المصريين لإذاعة أخبار وبيانات ورسائل القوات المسلحة، وهي مؤسسة بحكم طبيعتها كتوم ولا تميل إلى كشف الأسرار. يتحدث العقيد أحمد محمد علي، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في القاهرة، عن حروب غير نمطية الآن تشهدها منطقة الشرق الأوسط هي حروب معلومات تواجه بالمعلومات، كما تحدث عن دور الجيش والتحديات الحالية بعد 30 يونيو (حزيران) الماضي ودخول مرحلة انتقالية جديدة إثر عزل الرئيس السابق محمد مرسي بعد تدخل الجيش تأييدا لملايين نزلوا إلى الشوارع مطالبين بالتغيير. ويذكر أن العقيد أحمد محمد علي ضابط محترف تخرج في الكلية الحربية المصرية عام 1991 وحصل على شهادات عسكرية رفيعة، بينها بكالوريوس العلوم العسكرية من الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية «ساند هيرست» عام 1994، وماجستير العلوم العسكرية أركان حرب من مصر عام 2000، وماجستير العلوم والفنون العملياتية من كلية الدراسات العسكرية المتقدمة في الولايات المتحدة عام 2004، ودورة كبار القادة من كلية دفاع حلف «ناتو» في روما عام 2011. وإلى أهم ما جاء في الحوار: *البعض من المصريين لديه وجهة نظر تقول إن الجيش طلب تفويضا من الشعب لمكافحة الإرهاب والعنف، وحصل على هذا التفويض، لكنه لم يفعل هذا التفويض في مواجهة العنف؟ - في الحقيقة، إن ما أريد أن أؤكده حول هذا الكلام هو أن هناك خطوات محسوبة ومعروفة بدأت منذ قرار مساندة الشعب المصري في الثورة. كانت هناك رؤية واضحة؛ أن هناك ثورة، وأن هناك متطلبات للدفاع عن ثورة الشعب، والدفاع عن الشعب نفسه في ظل وجود ملايين في الشارع لهم حقوق ولهم تطلعات ولهم إرادة شعبية. ودور الجيش طبقا للدستور وفي أي بلد في الدنيا الحفاظ على الإرادة الشعبية والأمن القومي، وبالتالي هذا كان هدف التدخل في البداية. طبعا، الأوضاع على الأرض تطورت، وبات يوجد مثل هذه المظاهرات غير السلمية.. طبعا، إذا كنت تريد أن تتظاهر وتعتصم لأي مدة، ولو لسنين، (من الممكن) لكن في ظل إطار سلمي ويحافظ على حقوق الإنسان ولا يضر بالآخرين، ولكن تلاحظ أن المظاهرات خارجة عن سياق السلمية، بل تنحو نحو العمل العنيف في مشاهد كثيرة، وبالتالي تزامن مع هذا أعمال إجرامية على مستوى أوسع في سيناء قد توصف بالإرهاب. ونحن نرى اليوم استهداف حافلات بـ«آر بي جيه» واستهداف مدن بصواريخ «غراد» وهاون، وقتل يومي لرجال الشرطة والجيش في سيناء.. حل هذا الأمر يحتاج إلى توافق شعبي، خاصة أن كل هؤلاء مصريون وليسوا من جنسيات أخرى. وبالتالي، هذا ربما هو السبب الرئيس (في التأني). الفريق أول عبد الفتاح السيسي حين طلب تفويضا، لم يكن هذا التفويض مقترنا بتوقيت.. لم يقل أعطوني التفويض يوم الجمعة لأتخذ إجراءات صباح السبت. هذا لم يحدث. كما قلت هم مواطنون مصريون، الأمر يتطلب كثيرا من التقديرات والحسابات والاعتبارات الخاصة بالأجهزة الأمنية التي ستقوم بفض الاعتصام، وللتعامل مع هذا الأمر هناك اعتبارات كثيرة يتم مراعاتها. وبالتالي، هذا لا يعني أن هناك تراجعا أو أن هناك ضغوطا. بالعكس.. هناك إرادة وهناك رغبة وحرص على التنفيذ. القوات المسلحة، والفريق أول عبد الفتاح السيسي شخصيا لم يخالف ما عاهد عليه الشعب ولم يخالف التوقيتات التي التزمها. ولكن هذا الأمر أسيء تفسيره في وسائل الإعلام بأن الاعتصام سيفض عقب التفويض بيوم. وهذا لم يحدث ولم يقترن بوقت، وكما قلت إن الوقت تحسبه الأجهزة الأمنية التي تقوم بهذه الأعمال بالتوازي مع وسائل أخرى. ونتمنى أن يكون هناك فض سلمي لهذا الأمر. لا أحد يرغب، والقوات المسلحة لا ترغب أبدا أبدا، في أن نرى دماء أي مصريين. المشهد كما نرى، هناك استجلاب للأطفال والنساء للاعتصام. والطريقة التي يدار بها الاعتصام، الطريقة التي يدار بها العنف، تنمي من فرص استهداف السيدات والأطفال، وهذا شيء طبعا نحرص على تجنبه. *هل الوقت في صالح المرحلة الانتقالية، خاصة أنه يلاحظ وجود توتر في المرحلة الحالية مثل تعطيل الطرق وغيره؟ - هذا شيء مؤرق، ويؤرق الدولة بشكل عام. والمواطنون المصريون بعد ثورتهم لا يريدون مثل هذا التعثر. وهذا يؤرقنا طبعا، ولكن هناك حسابات كثيرة جدا تراعى عند اتخاذ أي إجراءات في مثل هذا الشأن. الوقت من الممكن ألا يكون في صالحنا، لكن يجب ألا يكون الوقت ضاغطا لاتخاذ قرارات أو تنفيذ إجراءات لا تتسم بالدراسة الجيدة والإعداد الجيد. *أنتم على وعي بأن هناك تيارا شعبيا يريد التخلص من الوضع الحالي في الشارع؟ - نعم.. نحن نعي ذلك جيدا. ونتفهم ذلك، وهو يعد في اعتبارنا بشكل كامل، لكن كما قلت يجب ألا يكون الوقت ضاغطا.. القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لها أسلوبها في العمل وفي التخطيط وفي الإعداد والتجهيز واختيار التوقيت المناسب وتمهيد الظروف وإيجاد الظروف المناسبة لتنفيذ أي عمل. هذا عسكريا أو أمنيا لا يعلن عنه. وفي نفس الوقت، وهذا ما نؤكده، نتمنى من الله أن يدركوا أنهم ليسوا في مواجهة مع جيشهم، ونتمنى أن يتفهموا أن هناك واقعا جديدا وليست هناك مواجهة. الذي في الجيش هو أخوك أو قريبك، ولكن الخطير في الأمر هو استخدام عقول ومحاولة تفسير الأمر من على منصة «رابعة العدوية» أن هناك معركة حتمية بين الإسلام والكفر، وكأن في مصر لا يرفع آذان، وكأن في مصر لا يصوم المصريون بعد ذهاب الرئيس المعزول، وكأن الإسلام ينتهي في مصر، وللأسف بعض الناس تعتقد هذا الأمر. أيضا، كما قلت، «الإخوان»، أو أشقاؤنا الموجودون في «رابعة العدوية» مصريون، منهم جاري ومنهم زميلي في الفصل الدراسي، وقد يكون بعض الأشقاء داخل البيوت المصرية من هو إخوان ومن هو ليس إخوان. وبالتالي تفسير الأمر على أنه أمر ديني هذا تفسير أعتقد أن فيه الكثير من التضليل والاستخدام لأهداف سياسية مشبوهة، وتفسير خطير. هذا ليس أمرا دينيا، هذه جولة سياسية خسرها تيار ما، ولكن الحياة السياسية تستمر ومستقبل مصر مستمر. وليس هناك مستقبل لبلد يبنى دون كافة أبنائه. وهذا شيء يجب أن يفهموه بجدية، لأننا أشرنا منذ اللحظة الأولى إلى إعلان خارطة المستقبل؛ أنه لا استثناء ولا إقصاء لأحد ولا مطاردات، لكن طبقا للمعلومات المرصودة داخل «رابعة العدوية» هناك فزاعة تقول إنه سيتم اعتقالكم، وهذا بغرض إبقائهم في الاعتصام وعدم خروجهم. لن يؤخذ أي إجراء استثنائي. هناك الكثير من القيادات موجودة، أما المضبوطون في تهم معينة فالأمر متروك للقضاء. *هل هناك اتصالات بين القوات المسلحة أو أي جهات أخرى، مع الأطراف السياسية الرافضة للمرحلة الانتقالية الجديدة؟ - منذ أن تولى السيد رئيس الجمهورية ومنذ تشكيل الحكومة، لم تدخل القوات المسلحة في المشهد السياسي نهائيا، وأعتقد أن هناك داخل مؤسسة الرئاسة أحد السادة المستشارين الأفاضل مسؤولا عن ملف المصالحة والعدالة الانتقالية، وتحدثوا في هذا الموضوع أكثر من مرة، وهناك محاولات من مؤسسة الرئاسة في هذا الأمر، لكن المؤسسة العسكرية ليست شريكا في هذا التواصل السياسي منذ تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا مهام الرئيس (المؤقت). *يتردد أن منطقتي اعتصام رابعة العدوية ونهضة مصر فيهما أسلحة مع المعتصمين، هل لديكم معلومات عن حقيقة هذا الأمر؟ - هناك معلومات مؤكدة أن هناك أسلحة، وهذه تشاهد في مواقف مختلفة، أثناء المسيرات.. كل مسيرة يتبعها عنف يرصد فيها أنواع مختلفة. لكن، فكرة وجود صواريخ وهكذا فهذه معلومات يجري تدقيقها، ولكن هناك أعداد كبيرة من الأسلحة في هذه الأماكن. وبالنسبة للدعوات الغربية حول الحفاظ على المسيرات السلمية، فإن هذه المسيرات ليست سلمية. في كل فعالية من الفعاليات يظهر سلاح وينتج عنه قتلى. وللأسف، يسقط قتلى من الطرفين. في واقعة «الحرس الجمهوري» لدينا ضابط أصيب بطلقة من بندقية آلية «كيه 47» اخترقت أعلى رأسه واخترقت المخ وخرجت من ذقنه. وهو في حالة سيئة جدا. استخدام الأسلحة من جانب المتظاهرين مرصود بشكل كامل، وهذا يؤكد أنه عند التحرك والمسيرات والاحتكاك والاستفزاز عند بعض الأماكن، دائما ينتج عنها خسائر كبيرة وتنتهي بمشهد مأساوي لا يتمناه أحد. *في المرحلة الانتقالية الحالية، كيف نوصف دور القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية، مع مؤسسة الرئاسة والحكومة الانتقالية؟ - المؤسسة العسكرية هي ضمن أجهزة الدولة التنفيذية، وهي وزارة من ضمن وزارات الدولة، والسيد وزير الدفاع بحكم أقدميته وبحكم أشياء كثيرة، هو النائب الأول لرئيس الوزراء، وليس هناك دور مختلف عن ذلك.. إذا كان هناك أي نوع من أنواع المعونة من جانب المؤسسة العسكرية فهي تقدمها للوزارة أو مؤسسة الرئاسة ولا تتأخر عن ذلك، ولكن ليس في إطار خارج الشكل الطبيعي لمؤسسة عسكرية ضمن دولة وضمن أجهزة. *هل لها دور سياسي مثلا؟ - لا يوجد للمؤسسة العسكرية دور سياسي أبدا.. نحن حريصون على ذلك من اللحظة الأولى للبيان (الخاص بخارطة المستقبل) الصادر يوم 3 يوليو (تموز) وأعلنه السيد وزير الدفاع. وفي البيان (قلنا) إننا نرفض أي دور سياسي. والإجراءات التنفيذية الناتجة عن البيان ليس فيها دور سياسي زائد أو بارز للقوات المسلحة عن دورها الطبيعي. نريد أن نحقق شكلا ديمقراطيا صحيحا للثورة المصرية. نحن عاصرنا ثورة 25 يناير، لكن ثورة 25 يناير كان فيها شيء مختلف.. الأسرة المصرية، وما كان يقال في السابق عن حزب الكنبة (أي غير المشاركين في الحراك السياسي) نزلوا في هذه الثورة، وشاهدنا كل مصر في الشارع. استوقفنا مشاهد المصريين والأطفال.. هناك صورة لسيدة عمرها نحو 90 عاما في عربة وممسكة بعلم مصر. ثورة عظيمة كانت تستحق دعم القوات المسلحة، وأيضا تستحق الدعم الدولي. *هناك اعتقاد خارجي بأن الجيش يحكم مصر منذ 60 عاما وما زال...؟ - السادات لم يكن عسكريا حين تولى قيادة البلاد. الرئيس (الراحل) السادات كان يعمل في وظيفة مدنية قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية، والرئيس (الأسبق) مبارك كان يعمل في وظيفة مدنية قبل تولي الرئاسة. فكرة أن المؤسسة العسكرية أو الجيش المصري يحكم البلد بنفسه، وصف مبالغ فيه. الشعب المصري يحب مؤسسته ويعتمد على رجالها، وقادتها لهم دور تاريخي في تاريخ مصر الأخير، وبالتالي هذا شيء طبيعي. ومنذ المرحلة الانتقالية الأولى، والبيان الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء الثورة الأولى، أكد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يكون بديلا عن الشرعية، وأكد أنه لن يكون هناك دور سياسي وأنه لن يترشح أحد من أعضاء المجلس العسكري أو المؤسسة العسكرية للرئاسة. وهذا ما حدث والتزمناه، مع أن الكثير كانوا يكذبون نوايانا وأثبتنا أننا ملتزمون بما تعهدنا به وسلمنا السلطة لرئيس مدني منتخب. هذا الهاجس الموجود لدى البعض وموجود لدى الغرب عن المؤسسة العسكرية، أعتقد أنه غير صحيح. مصر كبيرة ولديها الكثير من القدرات ولديها الكثير من الأبناء الذين يمكن أن يتولوا (المواقع)، والقوات المسلحة دائما موجودة وتدعم شعبها في إطار دورها المكفول لها في الدستور. *لو استمر معدل العنف في البلاد، هل ستنجح مسألة إجراء الانتخابات، أم أن الأمر سيكون صعبا؟ - اتجاه الدولة المصرية هو المضي قدما نحو المستقبل، ولا بديل عن خارطة المستقبل كما أكد ذلك السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الدفاع، لأن الشعب هو من اختار هذه الخارطة، ولا بد على مصر أن تتحرك في الاتجاه الصحيح. *بالعودة إلى الوضع الملتهب في سيناء. لماذا تتركز عمليات المسلحين طوال الوقت في المنطقة من رفح حتى العريش. هل لأن هذه المنطقة المعروفة باسم «المنطقة ج» ممنوع وجود قوات الجيش فيها؟ - هذا كان في الأساس؛ أي في بداية وجود هذه العناصر (المسلحة) في ذلك الوقت. هذه العناصر لديها ارتباط بحركة حماس وبعمليات التسلل للعناصر التي تنفذ عمليات في هذه المنطقة. سيناء لم تكن تتميز بهذا الطابع الذي نراه الآن. لم يكن فيها الفكر الديني المتطرف. هذا شيء استجد على سيناء حديثا. أعتقد أن هذا الأمر بدأ يظهر ويتنامى عقب الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من الشريط الحدودي (مع قطاع غزة)، وترك هذا الأمر لمصر. وتلاحظ مع هذا انتشار ظاهرة الأنفاق وعبور بعض العناصر من التيارات الدينية الجهادية الموجودة في حماس، وبدء عملية نقل هذا الفكر إلى أبناء سيناء، ومن نتيجة هذا ما نراه اليوم. أضف إلى ذلك تزايد أعداد الهاربين من السجون المصرية عقب ثورة 25 يناير 2011. لأن سيناء لم يكن فيها أي وجود للشرطة، وبالتالي أصبحت سيناء ملاذا آمنا للعناصر الجهادية الهاربة من السجون المصرية، وبدأوا التمركز هناك. هذان النوعان، ومعهما عنصر ثالث هم العناصر الإجرامية التي رأت انتهاج الدين للحصول على مكانة. كل هذه مجموعات من العناصر تحمل توجهات مختلفة. هم قادمون من خلفيات مختلفة، لكن في النهاية نتيجة عملهم واحدة في سيناء. هذا الموقع الجغرافي ارتبط بالقرب من قطاع غزة، وهذه المنطقة هي من المناطق الأقل أمنيا وفقا لاتفاقية السلام (مع إسرائيل). *وماذا عن إمكانية السيطرة على الوضع الآن؟ - لا بد أن نقدر أنه عقب ثورة يناير حدث نوع من التراجع في القدرات الشرطية. الشرطة تعرضت لما يشبه الانهيار في سيناء، وهذا أدى إلى زيادة الموقف الأمني في سيناء سوءا. ومن ضمن أهم أهداف العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة في سيناء منذ أغسطس (آب) الماضي، هي إعادة الشرطة وتمكينها من العمل الشرطي في سيناء، خاصة في أماكن مثل الشيخ زويد ورفح وهكذا. هذه منظومة تقوم بها الشرطة، والقوات المسلحة بشكل غير مباشر، ويشترك فيها المواطن نفسه الذي هو جزء رئيس من المنظومة الأمنية. وأكدت أكثر من مرة أن القوات المسلحة لديها من القدرات القتالية والتسليح والقدرات المعلوماتية والقوات التي تمكنها من حسم الأمر في سيناء في توقيت لن يكون كبيرا إن شاء الله. وبالنسبة لإجراءات القبض على متهمين، نحن في بداية هذا الأسبوع تم القبض على 20 جهاديا، ومقتل أكثر من 10 جهاديين. وبالتالي، هناك إجراءات من دون عملية موسعة، يمكن أن أصفها بالإجراءات الاحتوائية، إلى الانتقال في مراحل لاحقة من الممكن أن يتم فيها تطوير العمليات. وأطمئن المصريين كلهم وأطمئن المجتمع الدولي إلى أن القوات المسلحة المصرية قادرة على مثل هذا الإجراء طبقا لاعتباراتها والتوقيتات التي تحسبها. *وماذا عن السلاح الذي يأتي من ليبيا ويذهب إلى غزة؟ - هذا الأمر ليس أمرا مصريا، ويجب ألا نختزله في أن هناك تقصيرا من ناحية مصر.. لا بد من النظر إلى المشهد كاملا في منطقة الشرق الأوسط، وانهيار بعض الدول وانهيار جيوشها، خاصة الجيش الليبي في ظل وجود حجم مهول من السلاح. مصر في وضع بعد فترة ما بعد ثورة يناير أصفه بالانكشاف الاستراتيجي؛ عندك حدود مفتوحة مع ليبيا، نحو ألف كيلومتر، وحدود قريبة من نفس الطول مع السودان، وهناك عمليات تهريب تتم من الاتجاهات المختلفة. وهناك مواجهة في الشمال الشرقي في سيناء. توجد حالة من الانكشاف الاستراتيجي وحالة من عدم الاستقرار داخل الشارع المصري. وانهيار حدث لأجهزة الشرطة التي هي الأساس في مثل هذا العمل وضبط أعمال التهريب. فكانت القوات المسلحة على مدار المرحلة الانتقالية الأولى ومع عودة الشرطة تدريجيا. ومن ثمار ثورة 30 يونيو عودة الشرطة مرة أخرى لحضن الشعب المصري. *بالنسبة للعلاقات مع أميركا. هل توجد ضغوط؟ - هذا أمر سياسي يمكن توجيه السؤال بشأنه لمؤسسة الرئاسة. لكن، يمكن أن أتحدث عن التعاون العسكري. *أعلن أن مناورات «النجم الساطع» مستمرة؟ - هي مستمرة وجار التنسيق لها والإعداد لها منذ العام الماضي. وهي من كبرى المناورات المخططة في تاريخ «النجم الساطع». هذا أمر ليست فيه مشكلة. تعاوننا كمؤسسة عسكرية مصرية مع الجانب الأميركي تعاون تاريخي يرجع لسبعينات القرن الماضي، وأعتقد أنه كان مثمرا جدا، وتوجد استفادة من الجانبين، سواء في مجالات التسليح أو التطوير أو التدريب المشترك. *بعد مقتل 16 من جنود حرس الحدود في سيناء في أغسطس العام الماضي، أعلن عن فترات أنه سيتم الإعلان قريبا عن المسؤولين عن تلك الحادثة. لكن الأمر تأخر حتى الآن، ولم يعلن عن أي جناة أو متهمين. فهل هناك توقيت قريب للإعلان عن ملابسات الحادث، وحادث خطف الجنود السبعة فيما بعد؟ - حادث رفح وحادث الاختطاف، هذه أمور تتوافر فيها بعض المعلومات، والمخابرات العامة المصرية قدمت بعض المعلومات، تم الإعلان عنها في حينه. هناك معلومات عن الحادث وما زال القضاء العسكري والأجهزة الأمنية المختصة إلى الآن، يعملون في هذا، وقد لا يكون الأمر قد اكتمل بشكل كامل لإعلان نتائجه، خاصة أنه أمر متشابك بشكل كبير جدا، في طبيعة التوقيت الذي تم فيه التنفيذ وطبيعة الأفراد الذين شاركوا فيه. أعتقد أن الأجهزة المسؤولة عن هذا الأمر ما زالت تعمل، وعند اكتمال الصورة والمعلومات بشكل كامل، فبالتأكيد القوات المسلحة المصرية عازمة على أن تخبر الشعب بحقيقة هذا الأمر لأننا نعلم، والسيد الوزير عبد الفتاح السيسي أكد أكثر من مرة أننا لن نترك حق هؤلاء المقاتلين المصريين الذين تم الغدر بهم بهذا الشكل وقت صيام رمضان. وندرك أن الشعب المصري في انتظار نتائج ما حدث. *كيف تجد مهمة المتحدث العسكري في هذه الظروف؟ - ليست سهلة.. أنا ضابط مقاتل من سلاح المشاة. لكن ضابط القوات المسلحة يتسم بأنه يمكن أن يعمل أي عمل. لا أريد أن أسميها وظيفة.. هي مهمة أؤديها، وأتمنى من الله أن أوفق فيها بقدر ما أستطيع، ولكن في ظل طبيعة ما يسمى الحروب الجديدة. هناك حرب من نوع جديد تدار في منطقة الشرق الأوسط، وهناك ما يسمى الحروب غير النمطية، وهي الحروب التي لا يتم فيها استخدام الأسلحة بعيدة المدى أو عبور الحدود، ولكن يتم توفير وسائل وآليات معينة لتحريك المواطنين داخل الدولة وتحريك بعض عناصر هذه الدولة للعمل ضد الدولة نفسها، وإيجاد حالة من عدم الاستقرار، وإيجاد بؤر وأماكن في الدول غير مسيطر عليها من قبل الدولة، والسيطرة العقلية بواسطة دول أخرى على بعض المواطنين في هذه الدول. هذه هي الحالة التي نراها اليوم في كثير من دول الشرق الأوسط. فهذا كله يمكن أن يدرج تحت اسم حرب المعلومات التي تفرض على المؤسسة التي تتعامل كمؤسسة عسكرية أن يكون لها متحدث يفرض عليه الكثير من التحديات وكثير من العمل، لأنه توجد حرب جديدة تواجه أيضا بالمعلومات، وبالتالي دور المتحدث العسكري ضروري ومهم. *يعني سيستمر في المستقبل أيضا؟ - القوات المسلحة، وفي ظل قيادة السيد الفريق أول عبد الفتاح السيسي، تنتهج كل ما هو حديث وكل ما هو مطلوب وكل ما يحقق الصالح ويتواكب مع متطلبات التوقيت ومتطلبات العصر. هناك تطور في الأساليب القتالية، وبالتالي لا بد أن تكون هناك آليات وطرق جديدة للتواصل، سواء مع الرأي العام الداخلي، في الجيش، أو الرأي العام الشعبي، وهذا شيء بالطبع مهم جدا في ظل هذه الحرب التي أتحدث عنها. التواصل المستمر والمعلومات المستمرة بين المؤسسة العسكرية والرأي العام الداخلي ومع الشعب، أصبح شيئا مهما جدا حتى تستطيع أن تواجه مثل هذه التهديدات التي تحدثت عنها. وهذا قمنا به منذ اللحظة الأولى، وهذا من الدروس المستفادة أيضا من المرحلة الانتقالية الأولى التي لم تكن فيها الرسالة الإعلامية أو المعلومات بين المؤسسة العسكرية والرأي العام، على المستوى المطلوب، مما أدى إلى بعض الصعوبات التي واجهت القوات المسلحة في الشارع المصري حينذاك. *هذا يعني أن القيادة العسكرية مدركة لارتباكات الفترة الانتقالية الأولى؟ - أكيد.. وأنا أشرت إلى شق المعلومات الخاص بنا، لكن أهم هذه الارتباكات هي عدم التدخل في الأمر سياسيا، وأننا استغنينا عن هذا العمل وتركيزنا فقط على تأمين الأمن القومي المصري والعودة بالجيش المصري إلى عمله الاحترافي والحفاظ على مكانة هذا الجيش وتطوره وتسليحه، لأنه لن ينقذ مصر في مختلف الافتراضات وفي مختلف الظروف إلا وجود جيش وطني قوي مستعد ومتطور، وهذا ما تسعى إليه القيادة العامة للقوات المسلحة ويسعى إليه السيد فريق أول عبد الفتاح السيسي منذ اللحظة الأولى لتوليه المسؤولية. *هناك ملاحظة، وهي أن قطاعات من الرأي العام في مصر تبدو غير سعيدة بالسماح لوفود أجنبية بالذهاب إلى الرئيس السابق مرسي في مقر احتجازه؟ - نحن نتفهم هذا. ومؤسسة الرئاسة أصدرت بيانا أشارت فيه إلى أن هناك رغبة في تلبية بعض المتطلبات الدولية، وهي بهدف أن نؤكد الشفافية في التعامل. أعني أن الدولة المصرية تريد أن تؤكد أنها دولة شفافة ولا تتخذ أي أعمال استثنائية ضد أحد حتى لو كان رئيسا معزولا في ثورة شعبية. أعتقد أن الدولة المصرية تحاول أن تؤكد مدى الشفافية ومدى الالتزام بالمعايير الإنسانية في التعامل مع الرئيس السابق. وهذا كان واضحا في بيان الرئاسة المشار إليه. وهذا الأمر أيضا لا يتم بالتعارض مع القوانين. أعتقد أنه كان هناك استئذان أو الحصول على موافقة قاضي التحقيقات والنائب العام. وهذا الأمر منحته الدولة المصرية لمسؤولة الاتحاد الأوروبي وأيضا منحته لوفد أفريقي ووفد حقوقي إنساني مصري للتأكد من أنه ليس هناك أي عمل استثنائي. القوات المسلحة هي المسؤولة عن فترة الاحتجاز خلال المرحلة الحالية، وهي مؤسسة منضبطة ووطنية وتعلي من القيم الإنسانية والقيم الأخلاقية والأدبية. وأتمنى ألا تنظر الناس إلى هذا الأمر من أفق ضيق، لأن هناك أكاذيب تنشر عن الحالة الصحية للرئيس السابق وعن سوء معاملته وعن تعرضه لضغوط وتعذيب، وبالتالي أفضل الطرق في هذا الموضوع أنه ليس لدينا ما نخفيه ونطرح الأمر للشفافية، وأعتقد أن هذا شيء إيجابي، وأتمنى من الناس أن تراه بهذا الشكل.
مشاركة :