لبنان في خضمّ الهجرة: واقع متأزم بفعل التأرجح بين هويّتين

  • 4/29/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتكرر يومياً مشاهد اليأس الذي يعبر عنه لبنانيون في ظل أوضاع متوترة أمنياً وتراجع فرص العمل في البلد الذي فقد فيه هرَم الأعمار توازنه بنزيف شريحة الشباب وتوسع نسبة كبار السن والأطفال، ولم يعد يحافظ على شكله الطبيعي. قاعدته التي من المفترض أن تمنحه رسوخاً وثباتاً ليست في مكانها. وبالطبع رأسه المثلّث في غير موضعه في القمّة.. دقّق ربيع (26 عاماً) بما صار عليه هذا الهرم، فانتابه شعور باليأس والتشاؤم: «إنها المرّة الأولى، منذ عشرات السنوات، الذي يشهد فيه هذا الهرم انقلاباً رأساً على عقب على هذا النحو الدراماتيكي.. والمنحى الغالب يعبّر عن نسبة هجرة الشباب الذين رحلوا أو أولئك الذين يعتزمون الرحيل. وما بين المشاهد المتكرّرة، تنتشر على الطرقات اللبنانية من حين إلى آخر لوحات تحمل توق عناوين لحملة «شبكة الأمل» الإعلانيّة إلى الجمهور اللبناني، على مثال: «يمكن للأمل أن يطلي الغراب بالأبيض فيصبح طائر سلام، ويمكن للبنانيّين أن يتفاءلوا، لأنّ الأمل وحده سيقدّم لهم فرصاً كي لا يهاجروا ويتركوا وطنهم للغرباء. ويمكن للأمل أيضاً أن يصنع المعجزات.. كأن تنبت أرزة وسط حفرة على طريق سريع».. وذلك، لكون قطاع الإعلان هو من أهم القطاعات التي يمكن أن تساهم في التأثير في الرأي العام. والحملة الإعلانية تديرها شركة طلبت من جميع الشركات الإعلانية في لبنان المساهمة في هذه الحملة لإعطاء اللبناني أملاً في البقاء في بلده وحثّه على عدم الهجرة. الحقائب الموضّبة «احمل حقيبتك»، واتبعني. هكذا، بات حلم شريحة واسعة من اللبنانيين الحصول على تأشيرة خروج، وربما هجرة، إلى بلدان أكثر أمناً، حتى لو اضطرّه الأمر إلى ترك لبنان إلى الأبد. ويزيد في رغبة اللبناني على الهجرة والحصول على جنسيات أخرى غير اللبنانية، ما يحصل خلال «الخضّات» الأمنية من جلاء للرعايا الأجانب، حاملي الجنسيات الكندية والفرنسية والأسترالية والأميركية وغيرها، ما يولّد لدى اللبناني الأحادي الجنسية «عقدة التمايز». وبالتالي، يتهافت الكثيرون على السفارات للحصول على تأشيرات، وإن بـ«القطّارة»، أو ربما لتقديم الأوراق من أجل الحصول على هجرة، وبعدها على جنسية البلد الذي قد يستضيفهم. أما الاستقرار المنشود في البلد، فمتعذّر الحضور ما لم يكن مصحوباً بهوية يُصار الى التصالح عليها والتوحّد حولها، وفق إجماع الكثيرين. هي البطالة أم الشرور، ومصدر القلق الدائم، بحسب الأخصائيّة في علم النفس د. سناء رحال، إذ تزداد يوماً بعد يوم، في ظل تخرّج عدد كبير من الطلاب الجامعيين سنوياً من دون عثورهم على فرص عمل، ليبدأوا مشوار القلق والمعاناة والاضطراب والضغط النفسي، ما يؤدي بهم إلى حالة إحباط شديدة. وتلخّص تبعات حالة الإحباط على الشباب والوطن بجملة عناوين، أهمها: الهجرة، بحثاً عن عيش آمن ومستقبل مشرق، ومنهم من يستبدل هويته بوطن بديل بتركه الولاء للأصيل، فتكون الازدواجية الخطيرة. من جهته، يعزو المختصّ في علم الاجتماع د. أنطوان مسرّة هذا الواقع إلى الوضع الاقتصادي وضيق سوق العمل. واحتقان الوضع السياسي والتخوّف من عودة الحرب مجدّداً، ويشدّد على أهمية اندماج اللبنانيين بتراث وطنهم الغني، مقابل خلافاتهم عليه، شعاراتياً وأيديولوجياً، وإعادة تكوين فكرة النظام، ابتداءً من البيت والمدرسة وصولاً إلى المؤسسات السياسية.

مشاركة :