الإرهاب والمناصحة و«فكوا العاني»..

  • 5/14/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«أعلنت وزارة الداخلية القبض على 62 إرهابياً متورطين في خلايا تنظيم مشبوه داخل المملكة، يستهدف تهريب النساء إلى الخارج عبر الحدود الجنوبية، والتخطيط لعمليات إجرامية ضد منشآت حكومية ومصالح أجنبية، واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل في مجال الدعوة ومسؤولين حكوميين. وقالت الوزارة: إن من بين المقبوض عليهم ثلاثة مقيمين (فلسطيني ويمني وباكستاني)، والبقية سعوديون، من بينهم 35 من مُطلقي السراح في قضايا أمنية وممن لا يزالون رهن المحاكمة. وأضافت في البيان أن مصلحة التحقيق تقتضي استجواب 44 من المتوارين عن الأنظار، مُررت بياناتهم للشرطة الدولية لإدراجهم على قوائم المطلوبين. وأوضحت أن البناء التنظيمي لخلايا التنظيم أظهر اهتماماً بالغاً بخطوط التهريب، خاصة عبر الحدود الجنوبية، وذلك لتهريب الأشخاص والأسلحة مع إعطاء أولوية قصوى لتهريب النساء، حيث هربوا المرأة أروى بغدادي، وكذلك المرأة ريما الجريش، في حين أحبطت قوات الأمن أخيراً محاولة تهريب المرأتين مي الطلق وأمينة الراشد، وبصحبتهما عدد من الأطفال. وأكدت ضبط معمل لتصنيع الدوائر الإلكترونية المتقدمة التي تستخدم في التفجير والتشويش والتنصت، وتحوير أجهزة الهواتف المحمولة، إضافة إلى تجهيزات لتزوير الوثائق والمستندات، كما تم الكشف عن خلية التمويل لهذا التنظيم التي قام أعضاؤها بجمع تبرعات عبر شبكة الإنترنت وتوفير مبالغ من مصادر أخرى، وتجاوز ما تم ضبطه 900 ألف ريال، بعضها بالدولار». كان هذا أهم ما ورد في بيان وزارة الداخلية الأسبوع الماضي، وقبل تناول بعض النقاط المهمة التي وردت في البيان، يجب أن نهنئ الوطن والمواطنين بهذا الإنجاز الكبير الذي حمى الله به الوطن من شرٍ مستطير، وأن نشكر وزارة الداخلية على نجاحها منقطع النظير في حربها الاستباقية ضد الإرهاب. من اللافت في هذا البيان أنّ توظيف النساء في العمل الإرهابي أصبح أمراً منظماً ولم يعد مجرد حالاتٍ فردية،حيث نجح التنظيم الإرهابي في تهريب مجموعةٍ من النساء الإرهابيات والأطفال إلى خارج الدولة، وهذا التوظيف الخبيث للنساء في الإرهاب ليس عبثاً، فقد حرص التنظيم والمتعاطفون معه على توريط كثيرٍ من النساء في هذه الأعمال نظراً لحساسية وضع المرأة في مجتمعنا والحرج البالغ من التحقيق معها أو توقيفها، وما يتبع ذلك من المحاكمات وغيرها من الإجراءات المعمول بها، فالتنظيم لا يريد من هولاء النسوة المشاركة في العمليات القتالية للتنظيم، بل يريد منهنّ أن يجمعن التبرعات وينشرن الفكر الضال، حيث تصبح حركتهن بحكم خصوصية وضع المرأة لدينا أسهل وتصبح الشبهة عنهنّ أبعد، كما أنّ وجودهنّ في التنظيم يستدعي تعاطف السذج ويساهم في تكثير الأتباع، هذا عدا عن أثرهنّ البالغ في أطفالهنّ وإعدادهم ليصبحوا جنوداً جدداً في التنظيم. كما أشار البيان إلى الحدود الجنوبية ونشاط التنظيم في استخدامها للتهريب والتواصل مع أفراده في الخارج، فالحدود الجنوبية نظراً لطبيعتها الجغرافية والديموغرافية كانت ولاتزال مسرحاً لتجار السلاح والمخدرات والإرهاب، ولذلك فقد حان وقت التعامل مع هذه الحدود بجديةٍ بالغة، حيث يجب مراقبتها بالكامل وتسييجها إن لزم الأمر، فالواقع يشهد بعجز حرس الحدود في جنوب المملكة عن القيام بدوره نظراً لضخامة العمل الإجرامي هناك ولقلة الإمكانيات البشرية والتقنية، ولذلك وبعيداً عن المجاملات السياسية يجب على وزارة الداخلية مضاعفة عدد أفراد حرس الحدود وزيادة الإنفاق على توفير أحدث المعدات اللازمة لضبط الحدود ومراقبتها، فنحن ولله الحمد- لا نعاني نقصاً في الشباب الباحث عن العمل ولا عجزاً مالياً يحول بيننا وبين الإنفاق لحماية الوطن بتأمين حدوده. كما يشير هذا البيان إلى أنّ أكثر من نصف المقبوض عليهم ممن تم إطلاق سراحهم في قضايا أمنية وممن لا يزالون رهن المحاكمة! وهذا يدل على أنّ تراجع بعض أفراد هذا التنظيم وزعم تأثرهم ببرنامج المناصحة لا يعدو أن يكون تصنعاً يهدفون من ورائه إلى إطلاق سراحهم ليعودوا للإرهاب مجدداً، وقد تابعت قبل بضعة أشهر حملة « فكوا العاني» التي تم ترويجها ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد حاول أصحاب هذه الحملة الظالمة أن يقنعوا الناس أنّ هؤلاء الإرهابيين أبرياء وأنّهم مجرد سجناء رأي!! وقد تولى هذه الحملة كثيرٌ ممن يسمون أنفسهم بالدعاة وطلبة العلم، ثم بعد هذا البيان وبعد هروب الإرهابيتين أروى بغدادي وريما الجريش إلى اليمن والقبض على الإرهابيتين أمينة الراشد ومي الطلق بصحبة مجموعةٍ من الأطفال، ثم بعد صدور بيان الداخلية بحثت عن هؤلاء الدعاة وطلبة العلم لأرى موقفهم من هذه الأعمال الإجرامية فلم أجد أحداً، حيث اختفى صوتهم وصراخهم وأصبحوا كأنّ على رؤوسهم الطير!! بقي هناك نقطةٌ أخيرة تتعلق بلجان المناصحة، حيث شكك كثيرٌ من الناس في أفرادها ومدى أهليتهم، ولذلك ربما تعيد وزارة الداخلية النظر في اختيار هؤلاء المناصحين، وسأنقل هنا تصريحاً لأحد أعضاء لجان المناصحة في وزارة الداخلية لننظر هل يتفق مع طبيعة عمل لجنة المناصحة. حيث صرح الشيخ عبدالله السويلم لجريدة الحياة في عددها الصادر يوم الخميس 1/5/ 2014 بما يلي: «شدد إمام وخطيب جامع الأمير خالد بن سعود في الرياض عضو لجنة المناصحة الشيخ عبدالله السويلم على أن السفر إلى بلاد الكفار محرّم نهائياً، محذراً المسافرين من أنه يخشى على من مات في بلاد الكفار أن يدخل النار. وقال في تصريح للحياة: الذهاب إلى الخارج محرّم شرعاً، إلا في حال الضرورة وبشروط، الأول أن تكون عنده عقيدة تردعه عن الشبهات، وأن تكون عنده حصانة إيمانية تمنعه عن الشهوات، ومن يخشى على نفسه الوقوع في المحرمات كشرب الخمر لا يجوز له السفر حتى في حال الضرورة، وإذا كان لا علم عنده لا يجوز. وأضاف: «يُخشى على من مات في بلاد الكفار أن يكون من أهل النار، لأن المسلم مأمور أن يهاجر من بلاد الكفار، فكيف للمسلم أن يذهب إليها». وذكر السويلم أن «العيش مع الكافر والنظر إليه من الأمور التي لا يحبها الله، إلا أن السفر إلى الدول الغالب فيها إقامة شرع الله هذه أخف بكثير، إذ يسمع فيها الأذان، وتقام فيها الصلوات. وقال: ينبغي على المسلم أن يتبع الدليل من الكتاب والسنة، وأن يحذر المخالفات الشرعية، ولا يغتر بكثرة الهالكين، مضيفاً أن السفر إلى بلاد الكفار بغرض التجارة والدراسة محرم، إلا إذا كانت هناك ضرورة قصوى، وتنطبق عليها الشروط، أما إقامة مؤسسات تجارية صغيرة في بلاد الخارج فذلك من التلاعب بالنفس والدين والعقيدة، إلا إن كانت هناك صفقات كبيرة تنفع المسلمين، وهم بحاجة إليها فهذا قد يُعفى عنه». وبعد هذا التصريح لعضو لجنة المناصحة!! من حق القارئ الكريم أن يضع من الأسئلة ما يشاء، وله أن يجيب عليها بما يشاء كذلك، أمّا أنا فسأكتفي بعلامات التعجب هذه !!!

مشاركة :