حذر البابا فرانسيس، أمس، من خطورة التطرف الديني، ودعا إلى نشر ثقافة الحوار، وذلك خلال ترؤسه قداساً احتفالياً في القاهرة بحضور آلاف الكاثوليك المصريين من كل الطوائف، في اليوم الثاني والاخير لزيارته ذات القيمة الرمزية الكبرى لمسيحيي مصر بعد الاعتداءات الدامية ضد الأقباط في هذا البلد.واعتبر البابا الذي وصل اول من امس ، إلى مصر حاملا رسالة «وحدة وأخوة»، ان «الايمان الحقيقي هو ذاك الذي يحضنا على أن ننشر ثقافة اللقاء والحوار والاحترام والاخوة. الإيمان الحقيقي یحملنا على حمایة حقوق الآخرین بنفس القوة والحماس اللذین ندافع بهما عن حقوقنا».وحضر القداس، نحو 15 ألف شخص، وفقاً للفاتيكان، اي قرابة نصف سعة استاد الدفاع الجوي التابع للجيش (30 ألفاً) الذي اقيم فيه القداس في ضاحية التجمع الخامس بشرق القاهرة.وطغت أجواء الفرح والحماسة على الحضور الذين اعتبروا ان زيارة البابا «تمسح حزن» المسيحيين المصريين بعد الاعتداءين الإرهابيين ضد الكنيستين في التاسع من ابريل الجاري.وقال البابا في عظته ان «الايمان الحقيقي هو ذاك الذي ينعش القلوب ويدفعها الى محبة الجميع مجاناً، من دون تمييز ولا تفضيل، هذا ما يقودنا الى أن نرى في القريب، لا عدوّا علينا أن نهزمه، بل أخاً علينا أن نحبه ونخدمه ونساعده».وأضاف البابا فرانسيس ان «التطرف الوحيد الذي يجوز للمؤمنين إنما هو تطرف المحبة. وأيّ تطرّف آخر لا یأتي من الله ولا یرضیه».وبارك مصر «باعتبارها واحدة من أقدم الدول التي اعتنقت المسيحية» وكرر دعوته الى التسامح.وقبيل القداس، جاب البابا، في عربة غولف مكشوفة، الاستاد محييا الحضور، وتوقف عند مجموعة من الاطفال يرتدون زيا فرعونيا واستقبلهم مبتسما وفاتحا ذراعيه.وعلى أنغام الترانيم الدينية، توجه البابا في موكب مهيب ضم كل ممثلي الطوائف الكاثوليكية في مصر نحو منصة عالية شيدت في مكان بارز في الاستاد.وأطلقت في سماء الاستاد بالونات صفراء وبيضاء، وهي ألوان علم الفاتيكان، علقت فيها صورة للبابا وكتب عليها شعار زيارته لمصر وهو «بابا السلام في مصر السلام».واتخذت الشرطة مدعومة بقوات من الحرس الجمهوري اجراءات امنية مشددة في محيط الاستاد وعند مداخله فيما كانت مروحية تحلق فوقه.واختارت أجهزة الامن ان يقام القداس في استاد الدفاع الجوي البعيد عن المدينة حتى يسهل تأمينه.ومنذ ساعات الصباح الولى، توافد آلاف الاقباط إلى الاستاد حيث اصطفت عشرات الحافلات والسيارات في طوابير لعبور نقاط التفتيش التي اقامتها الشرطة التي انتشرت بكثافة في المكان مدعومة من قوات الحرس الجمهوري.وفور انتهاء القداس، غادر البابا الاستاد لتناول الغداء مع اساقفة مصريين، ثم التقى كهنة المستقبل الذين يدرسون في معهد ديني للاقباط الكاثوليك في جنوب القاهرة، قبل ان يغادر العاصمة المصرية عصراً في ختام زيارة استغرقت 27 ساعة.وخلال لقائه بابا الفاتيكان في مقر الكاتدرائية، مساء أول من أمس، قال بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني إنه «خلال الأوقات العصيبة يتجلى المعدن الحقيقي للمصريين في الفرح والألم ليعلنوا للعالم كافة بأن فجيعتنا أنما هي فجيعة وطن مترابط لن يفلح المغرضون أن يشتتوا قلوبهم ما يضرب القدوة والمثل للأجيال».وأضاف إن «مصر التي يعرفها التاريخ هي واحة سلام ومهبط الرسالات وهي بلد سلم وأمن وواحة تتلاقى فيها الحضارات حتى نهاية الزمن».وقال: «زيارتكم خطوة جديدة على طريق المحبة والتآخي بين الشعوب، فأنتم رمز من رموز المحبة والسلام في عالم صاخب بالصراعات والحروب. عالم يتوق لجهود مخلصة لنشر السلام والمحبة ونبذ العنف والتطرف».وشهد اللقاء توقيع البابا فرانسيس والبابا تواضروس، وثيقة لإنهاء الخلاف بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية بشأن إعادة «سر المعمودية».ويقضي الاتفاق باعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى، حيث كانت الكنيسة المصرية لا تعترف بمعمودية الكنائس الأخرى، وتلزم المسيحي الذي يتحول إليها من أي كنيسة أخرى بإعادة التعميد وفقا لطقوسها.وأصدرت الكنيسة الأرثوذكسية البيان المشترك للزيارة، ونص على 12 بنداً.من جهة ثانية، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء أمس في قصر الاتحادية «دعم العلاقات وموقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية» عشية توجه عباس الى واشنطن.وقال الناطق باسم الرئاسة علاء يوسف، أن «الرئيسين اتفقا على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة، بما يمكن كافة دولها من العيش في أمن وسلام وتحقيق الازدهار والتنمية التي تتطلع إليها شعوبها».وذكرت مصادر فلسطينية في القاهرة، أن «عباس أشاد بالجهود المصرية الساعية إلى التوصل لحل للقضية الفلسطينية».
مشاركة :