شهدت الرياض العاصمة حدثاً مهماً في تاريخ بنائها الحضاري وهو خروج مشروع النقل العام في العاصمة من مرحلة الورق والدراسات والأمل والحلم إلى حيز التطبيق وتوقيع عقود التنفيذ لخطوط القطارات لمشروع النقل العام في الرياض والذي يعتبر نقطة تحول للنقل عموما في المملكة لأن فلسفة النقل العام ستشمل مدن المملكة داخلها وفيما بينها، وإذا اكتملت مشاريع القطارات في المنطقة الغربية والعاصمة سيتلوها مشاريع داعمة تصنع تقاربا ينعكس إيجابا على جميع النواحي الحضرية من اجتماعية واقتصادية. أعود إلى مشروع النقل العام في الرياض مستشهداً بأهميته ما صدر من توجيه كريم بإطلاق اسم الملك عبدالعزيز (رحمه الله) عليه وكأن المشروع ارتبط بقواعد التأسيس وضم شتات المملكة تحت راية التوحيد الخالدة، والمشروع ليس بحجم قيمته المادية الضخمة وما بذل فيه من جهد فحسب بل ايضا بقيمته المعنوية إذ إن شبكة القطارات في أي مدينة من مدن العالم تعتبر عنوان تقدم ودليل تطور يتيح لساكنيها ممارسة حياة عملية جادة بدون عوائق تقف أمامها. ولعلي هنا اشير الى نقطة مهمة وهي الاستعداد لما بعد التشغيل عندما ينتهي المشروع ماذا أعدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من تهيئة نفسية واجتماعية لاستقبال المولود الجديد؟ او هل يستحق الحدث إعداد برامج ودراسات اجتماعية ونفسية وتوعية وإرشاد لأفراد المجتمع المستفيد بفئاته وشرائحه فإذا كانت الإجابة بنعم فهل عُمل شيء من ذلك من خلال الجامعات او الهيئات الاستشارية؟ نريد ان نطمئن على استغلال المنشآت التنموية لتكون فرصة لرفع كفاءة الوعي الفكري والحضاري لدى المجتمع لأننا ندرك تماما ان مسؤولية وعي افراد المجتمع تقع على عاتق مؤسساته لذا لا نلوم فرداً مارس سلوكا غير حضاري ما لم نوفر له مكتسبات تلزمه التوقف عن أي سلوك يخدش الوضع العام السليم حتى يكون ذلك جزءاً من تفكيره وأخلاقه العامه التي ينقلها بدوره الى محيطه الصغير فيتوارثها افراد العائلة ويشكل مجموع العائلات كتلة المجتمع الحضاري الواحد.. والمجتمعات الغربية سبقتنا في ذلك وتجاوزتنا كثيرا عندما كنا نحن السابقين بأخلاق ديننا الاسلامي ولم يصل الغرب الى ما وصل اليه من وعي الا من خلال مؤسساته التي اجبرت أفراده على الاخذ بالسلوك القويم، فهل نتعلم منهم؟
مشاركة :