حتى يمكن الإجابة بموضوعية على هذا التساؤل لا بد أن نلقى نظرة موضوعية على طبيعة العلاقات الدولية السائدة فى عالم اليوم؟ وربما قد مثل وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية العام الماضى توجها جديدا فى العلاقات الدولية يميل نحو أدبيات اليمين المتطرف، وفى اعتقادى أن فرنسا أيضا تتجه - إن لم يكن اتجهت فعلا - نحو هذا التوجه الذي يراه البعض تقاطعا إلى حد ما مع القيم الديموقراطية وقيم الانفتاح على الغير، حيث يصبح من الضروري التدقيق فى قبول الآخر وإعلاء الأصول الوطنية على كل ما عداها، الأمر الذى يعود بنا إلى نظرة شوفينية عنصرية، بعبارة أخرى إنها عودة وبقوة إلى التقاليد المحافظة ما قد ينعكس بشكل ملحوظ على بناء أى جسور ثقة جديدة بين الثقافات ومن ثم العلاقات بين الشعوب. وفى اعتقادى أن هذا يعود إلى عدم وجود صيغة يطرحها المجتمع الدولى لتجسيد التعاون الجماعى على الأقل حتى الآن فى مكافحة ظاهرة الإرهاب التى استشرت فى السنوات الأخيرة ولم تعد مقصورة على منطقة أو إقليم إنما عبرت الأنشطة الإرهابية حدود الدول والقارات وأضحت ظاهرة عالمية وهو الأمر الذى ما زالت بعض الدول تغض الطرف عنه معتقدة أنها فى مأمن من يده وبعيدة عن عملياته الغادرة حتى طال الإرهاب دولا مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وما زالت الولايات المتحدة رغم مرور ١٦ عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر هى الدولة الأكثر تأثرا بالإرهاب، وكان من المفترض أن تقود أمريكا الحملة الدولية على الإرهاب لأنها كما تقول أكثر المضارين من ويلاته ولكننا اكتشفنا أن واشنطن منذ عصر الحرب الباردة هى التى صنعت قواعد الإرهاب ومهدت له معتقدة أنه الوسيلة الناجعة لمواجهة المد الشيوعى فى العالم، وكانت جماعة طالبان ثم تنظيم القاعدة فى أفغانستان البذرة التى ارتوت باهتمام ورعاية أمريكا وأفرزت كل أشكال الإرهاب فى العالم اليوم حتى كانت الولايات المتحدة أول من عانت من الإرهاب عندما «انقلب السحر على الساحر»!. نعود إلى الإجابة على التساؤل المطروح هل فشل العالم فى مكافحة الإرهاب؟ من وجهة نظرى أقول نعم فشل العالم فى مكافحة الإرهاب إقليميا ودوليا. ويمكن القول إن مرد الفشل الدولي فى مكافحة الإرهاب باعتباره ظاهرة عالمية يرجع إلى أن التعامل معه ما زال بشكل منفرد وإذا وقع حادث إرهابي بدولة ما فإن إجراءات التعامل مع الحدث تتم داخل حدود هذه الدولة وتتخذ الدول المتاخمة لها إجراءات احترازية فقط، وذلك إذا اتخذت!! ولم نجد رؤية متكاملة تطرح استراتيجية عالمية للتصدي لكل أنواع الإرهاب رغم أن المنظمة العالمية المتمثلة فى الأمم المتحدة من المفترض أنها المنوط بها وضع هذه الاستراتيجية وتنفيذها على الأرض، وعليه لم يكن من المتوقع أن تتعامل التجمعات القارية والإقليمية بسلوك مختلف عن توجه الأمم المتحدة، وعلى سبيل المثال لا الحصر لم يطرح حلف شمال الأطلسي - وهو تحالف عسكرى مهمته توفير الأجواء الآمنة لأعضائه - صيغة جماعية للتعاون فى مكافحة الإرهاب وما ينطبق على «الناتو» ينطبق على الاتحاد الأوروبى ودول الكومنولث المستقلة (جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق). وللحديث بقية..
مشاركة :