الفريدي نجومية "بالهواية" في زمن الاحتراف

  • 5/1/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

حين يداعب "أحمد الفريدي" الكرة بكلتا قدميه، تشعر وكأن الكرة لوهلة من الصمت تستكين لموهبته الفذة، وتتحول معه إلى آلة موسيقية، يعزف بها أجمل الأنغام، أو كريشة تخضع لأصابع رسّام ماهر، ينثر بها أجمل الألوان، وحين يمضي بأناقة فكره الكروي في مساحات الملعب الشاسعة، أو زوايا محيطه الضيقة، يعتقد المشاهد بأنه يركض وحيداً لايجاوره أحد، وكأنه يختصر كل المسافات بين قدميه، يسير بخطوات متثاقلة ولكنها تبدو كرشات العطر الفواح في أرجاء الملعب، تحمل كل الخطورة البالغة على مرمى المنافسين، ويظل ملهماً يلفت الأنظار بعزفه المنفرد، ليغرد وحيداً بفواصل من الإبداع، تخلد في ذاكرة الجماهير طويلاً لتذكرهم بزمن الكرة الذهبي الجميل. "أحمد الفريدي" عازف وسط النصر، وقبله الاتحاد والهلال والأنصار، له في كل تجربة بصمة من التألق الساطع والتفرد المختلف، تبدو موهبته النادرة غير صالحة في زمن الاحتراف، التي تهوى الانعتاق، إذ لا يمكن لها الارتباط بعقود ملزمة، ومعاملات مادية بحتة، ولعل ذلك قد يكون سراً من أسرار تمرده على هذه الموهبة الفطرية، قبل ظلم الآخرين، فهي موهبة تتواءم مع زمن الهواية فقط، والأداء المزاجي، الذي لا يخضع لقيود أو ضوابط معينة. يهتم "الفريدي" الآن علناً بتجارته خارج الملعب، وهو لا يعي أن موهبته النادرة هي الكنز الحقيقي الذي لم يستثمر داخل الملعب، حتى وهو يشارف على الثلاثين من عمره، يحضر يغيب، ثم يحضر ويغيب، كنجم يتوارى في سماء الاهمال المقصود، وكما يأسر حضوره الرائع الألباب، فغيابه يرسم علامات استفهام حول تمرده وقساوته على جماهيره الذواقة، وكأنه بهذا التواري يعاقب ولادته في زمن الاحتراف، الذي يقيد حضوره وأدوات إبداعه، بتأخر واستلام مستحقاته المالية، ولاذنب لجماهيره هنا سوى انتظار عودته في كل مرة من نافذة الهواية، في سنوات الاحتراف الظالمة، التي يسير معها الفريدي وغيره من المواهب الفذة، إلى عالم النسيان المجحف، دون حتى اكتراث. مشهد النصر الموحش الآن، والمثخن بالديون، وتأخر مستحقات النجوم، لم يعد جاذباً لحضور اللاعب السينمائي "أحمد الفريدي"، فإما الوفاء بحقوقه والقبض على موهبته النادرة لزمن أطول، وترويض مزاجيته بالانضباط لمصلحة الفريق كمجموعة، أوالاستسلام لتمرده الذي يشبه تمرد العباقرة على واقع مرير، أما الفريدي نفسه فهو يدرك أن دهشة حضوره في كل فاصل من فواصل المتعة، وحدها ستكفل له تصنيفاً مختلفاً عن كل أقرانه، سينصف ذلك حتماً موهبته لدى كل المدرجات، حتى وهو يظلمها بسياط الأفول المتعمد.

مشاركة :