قضت المحكمة الكبرى الإدارية برئاسة القاضي جمعة الموسى، وعضوية القضاة محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبدالله إبراهيم بإلغاء قرار إيقاف طبيب للنساء والتوليد في السلمانية عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليهم المصروفات، وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة. كان المدعي قد أقام دعواه مطالباً بالحكم أولاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 15 ديسمبر/ كانون الأول 2015، والمعتمد من اللجنة التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان في الاجتماع المنعقد بتاريخ 11 فبراير/ شباط 2016، وذلك لحين الفصل في موضوع الدعوى، وثانياً بإلغاء القرار المطعون عليه سالف الذكر، مع إلزام المدعى عليهم المصروفات. وقالت المحكمة في حيثيات الحكم أن المستقر عليه أن تسبيب القرار الإداري لا يكون لازماً إلا إذا استلزمه صريح نص القانون ويفترض في القرار غير المسبب أنه قام على سبب صحيح وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل عليه، إلا أنه إذا أفصحت جهة الإدارة عن سبب قرارها أو كان القانون يلزمها بتسبيبه، فإن ما تبديه منه يكون خاضعاً لرقابة القضاء وله في سبيل إعمال رقابته أن يمحصه للتحقيق من مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار. وتابعت المحكمة أن هذه الرقابة القانونية لركن السبب تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها مادياً لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار فاقداً لركن السبب ووقع مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء. ولما كان الثابت من الأوراق قيام جهة الإدارة بإصدار القرار المطعون عليه بوقف المدعي - وهو استشاري أمراض نساء وولادة - عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، وذكرت لذلك أسباباً حاصلها ارتكابه مخالفات مهنية تجاوز الأصول الطبية المتعارف عليها في علاج العقم وذلك أثناء قيامه بعلاج مريضة، على نحو ما انتهى إليه تقرير اللجنة الفنية المنتدبة للنظر في الشكوى المُقدمة من مجمع السلمانية الطبي عن المريضة المذكورة. وإذ جاء بتقرير هذه اللجنة أن المريضة المذكورة كانت تعاني من العقم الأولي وخضعت للعلاج لدى المدعي حيث أجريت لها عملية أطفال الأنابيب، نتج عنها حمل المريضة المذكورة، والتي توجهت إلى مجمع السلمانية الطبي وهي في الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل، وتم إجراء عملية قيصرية لها نتج عنها استخراج طفلين، الأول كان متوفياً والثاني كان حياً لما كان ذلك، وكانت المريضة المذكورة قد رُزقت بطفل بعد خضوعها لعملية أطفال الأنابيب لدى المدعي، على نحو ما سبق بيانه. وكان الثابت من كتاب الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الطبية أن الهيئة لا تصدر قواعد علاجية فيما يتعلق بعمليات التلقيح الصناعي، وأن هذا الأمر منوط بالطبيب المعالج وفقاً لما يراه من مستجدات في الحقل الطبي، ومن ثم فإن ما ساقته الجهة الإدارية من أسباب لتبرير قرارها الطعين لا تقوى على حمل ذلك القرار ولا يستدل منها على مخالفة المدعي للأصول المهنية؛ لاسيما وقد رُزقت المريضة المستشهد بها بطفل حي بعدما كانت تُعانى من العقم، كما تقدم، الأمر الذي يغدو معه القرار المطعون عليه - والحالة هذه - فاقداً سببه القانوني الذي يقوى على حمله، ويكون النعي عليه في محله بما يتعين معه إجابة المدعي إلى طلبه والقضاء بإلغاء القرار المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار. لهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من وقف المدعي عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليهم المصروفات، وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة.
مشاركة :