الدعم القطري يذهب إلى طيف واسع من الفاعلين السيئين بدءا من طالبان الأفغانية إلى القاعدة في سوريا والميليشيات الإسلامية الليبية وحركة حماس في غزة. العرب حسين حقاني [نُشر في 2017/05/02، العدد: 10620، ص(6)] أثناء جولته السريعة في منطقة الشرق الأوسط واجه وزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس المهمة الصعبة المتمثلة في بناء تحالف فعّال ضد إيران والإرهاب الإسلامي السني بمساعدة الحلفاء العرب الذين شعروا بأن إدارة أوباما قد أهملتهم. كما واجه مهمة أخرى لا تقل صعوبة وهي إيجاد طريقة للتفاوض عبر مجموعة الأولويات الإقليمية المختلفة والمصالح الوطنية والنظامية المتناقضة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. قال ماتيس في الرياض إن الإدارة الأميركية جادة في احتواء “النفوذ الإيراني الخبيث”، مضيفا أن الولايات المتحدة ستعمل مع بلدان في المنطقة “لمحاصرة إيران وكمّ المشاكل والاضطراب الذي يتسببون فيه”. ويبدو من الممكن تكوين تحالف ضد إيران شبيه بالائتلاف المكوّن في سنة 1991 ضد غزو صدام حسين للكويت، وتكون مصر والسعودية الدعامتان الأساسيتان لهذا الائتلاف. ومن المتوقع أن يمثّل التحالف الأميركي في الشرق الأوسط طيفا واسعا من السياسات والسلوكيات تتراوح بين الحليف النموذجي ممثلا في الإمارات العربية المتحدة وبين الشريك المتمرد، قطر، التي تأوي قاعدة عسكرية أميركية من ناحية وتموّل الشيوخ والنشطاء المتطرفين من ناحية أخرى. لقد شاركت القوات الإماراتية في أكبر عدد من العمليات المشتركة مع القوات الأميركية أكثر من أي بلد آخر في المنطقة. وبرهن الإماراتيون عن تصميمهم ضد داعش من خلال مشاركة إحدى طياراتهم في قصف أهداف تابعة لداعش. ويبدو أن القادة في دولة الإمارات يؤمنون بالكلام القليل والعمل أكثر، وذلك عبر الانضمام إلى الولايات المتحدة في احتواء إيران، فضلا عن إنشاء خطاب مضاد للتوقي من الأيديولوجيا المتطرفة التي تساهم في صعود الإرهابيين الجهاديين. وفي افتتاحية صحيفة وول ستريت، كتب السفير الإماراتي إلى الولايات المتحدة يوسف العتيبي يقول “في الإمارات العربية المتحدة نحن نؤمن بأنه من الممكن أن تكون مسلما ومعتدلا وعصريا في الآن نفسه”. قد لا تكون هذه البلاد الخليجية ديمقراطية وفق مقاييس الغرب، وصاحبة سجل نظيف مئة بالمئة في حقوق الإنسان حسب المعايير الغربية، لكنها تمثل مجتمعا منفتحا وشموليا بشكل غير اعتيادي حسب معايير المنطقة، وذلك بتنامي مشاركة المرأة والتسامح مع الأقليات الدينية. وفي الطرف الآخر من طيف حلفاء واشنطن في الشرق الوسط نجد قطر التي تستمر في دعم خطاب ديني مناهض للحداثة وتوفر مساعدات مالية وملاذا آمنا لأفراد ومجموعات تعتبرهم الولايات المتحدة وغيرها في المجتمع الدولي من الإرهابيين أو من الممولين له. ويذهب الدعم القطري إلى طيف واسع من الفاعلين السيئين بدءا من طالبان الأفغانية إلى القاعدة في سوريا والميليشيات الإسلامية الليبية وحركة حماس في غزة. كما تنظر قطر إلى الإخوان المسلمين في مصر نظرة تختلف عن الحلفاء الآخرين للولايات المتحدة الذين يعتبرونهم “المرجع الأم” للإسلام الأصولي. تعتبر قطر مقر الشيخ حجاج العجمي والشيخ شافي العجامي، وكلا الرجلين عرّفتهما الولايات المتحدة على أنهما من جامعي التبرعات لجماعة النصرة في سوريا التابعة لتنظيم القاعدة، إضافة إلى العديد من المتطرفين الآخرين الذين يدعون إلى الجهاد ضد الغرب وينشرون فكرا إسلاميا يعتمد على تصادم الحضارات. ويعيش أعضاء من الإخوان المصريين والسوريين في الدوحة منذ العشرات من السنين، بمن في ذلك الشيخ المصري يوسف القرضاوي. وتمكّن هؤلاء من نشر آرائهم من خلال قناة الجزيرة المموّلة من قطر منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي. وحاليا هناك على الأقل ستة من الذين وصفتهم الولايات المتحدة على أنهم من الممولين للإرهاب مازالوا يترددون على الدوحة. وتعتبر قطر حاليا أكبر داعم للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية في المنطقة. وتتمثل حجة قطر في أنها لا تريد قطع الروابط مع شيوخ الدين المحافظين والجماعات التي تمتلك جذورا شعبية، لكنها في الحقيقة تستمر في توفير الأكسجين للمعتقدات الأصولية في وقت تحاول فيه بلدان أخرى وخاصة الإمارات العربية المتحدة ولكن أيضا بشكل متصاعد المملكة العربية السعودية ومصر، بناء خطاب مضاد للإسلام السياسي. وبينما تعمل الولايات المتحدة على بناء تحالف ضد المتطرفين الإسلاميين وإيران، عليها ألا تسمح لقطر بأن تتلاعب بها مستغلة وضعها كمقر لقاعدة عسكرية أميركية. سيجد الأميركيون أنفسهم يخوضون حروبا لا تحصى في الشرق الأوسط إذا استمر المتطرفون المدعومون من قطر في تجنيد وتدريب وتجهيز الإرهابيين وفي الوقت نفسه تسمح للولايات المتحدة بإطلاق مهمات عسكرية انطلاقا من أراضيها. دبلوماسي باكستاني سابق * عن معهد هدسون للدراساتحسين حقاني
مشاركة :