شركة ناشئة ألمانية تختبر مبدأ الراتب الأساسي بطريقة مبتكرة

  • 5/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

برلين (أ ف ب) - سيتقاضى ميكو ألف يورو شهريا على مدى عام رغم عدم تخطيه سن الخامسة، فهذا الطفل المقيم في برلين هو من بين مجموعة من المحظوظين اختارتهم شركة ناشئة كنماذج لاختبار مفهوم "الراتب الأساسي" في بلد يبدي مسؤولوه ترددا في تعميم هذا المبدأ. وتقول الوالدة بيرغيت كاولفوس بحماسة "هو لا يستطيع أن يفهم ما حصل لكن الأمر بمنتهى الروعة بالنسبة للعائلة كلها". واختير ابنها الاصغر في سحب قرعة تسجل فيه والداه ايضا. واستفاد نحو 85 شخصا بينهم ما يقرب من عشرة أطفال من هذه المبادرة الموقتة، منذ منتصف العام 2014 بفضل هبات مقدمة من 55 ألف فرد لحساب هيئة "مين غروندينكومن" الخاصة في برلين. ويوضح مؤسس الهيئة مايكل بوماير البالغ من العمر 31 عاما "تقاضيت دخلا ثابتا بفضل أول شركة ناشئة لي وأصبح حيز الابتكار اوسع في حياتي التي باتت صحية أكثر. لذا أردت إطلاق تجربة اجتماعية". ويرمي القائمون على هذه المبادرة التي أُعد لها بإتقان وتتضمن "عجلة حظ" يتم من خلالها اختيار فائز مباشرة عبر الانترنت، إلى الرد على سؤال محدد: ماذا يحصل عندما يتقاضى الشخص مبلغا كافيا يتيح له العيش من دون عمل؟ ويلخص مايكل بوماير النتيجة قائلا "الجميع بات ينام بشكل أفضل ولم يصبح أي منهم خمولا"، في حين تظهر الشهادات المنشورة عبر الانترنت تجارب متنوعة تراوح بين الإفادة من فترة استراحة مهنية من دون مخاوف مالية إلى تحقيق تحول على الصعيد الشخصي. - زيادة الابداع - وتمثل هذه الخطوة بالنسبة إلى والدي ميكو، ايكه مصمم الغرافيك وبيرغيت المصورة الفوتوغرافية، فرصة للعيش "بارتياح اكبر" وتمضية اجازة عائلية للمرة الأولى. وقالت فاليري روب ردا على أسئلة لمحطة "ايه ار دي"، "الابتعاد عن ضغوط الحياة اليومية يجعلنا أكثر ابداعا وقدرة على اختبار أفكار" جديدة. وقد اختار رابحون كثيرون تلقي تدريبات مهنية عبر ترك مهنة في القطاع الغذائي ليصبحوا مدرسين أو "مدربين ذهنيين"، فيما يخضع آخرون لعلاجات من أمراض مزمنة أو لجلسات للإقلاع عن الكحول ويقدم البعض دعما ماليا لأحد الأقارب أو يدفعون تكاليف تعليم أطفال. وتعيد هذه المبادرة التي ترددت أصداؤها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، النقاش في المانيا بشأن الراتب الأساسي في وقت تجري فنلندا تجارب على هذا المبدأ تطاول ألفي عاطل عن العمل وتدور في فرنسا نقاشات بهذا الشأن في أوج مرحلة الانتخابات الرئاسية. - الفقراء والأثرياء معا؟ - هذا المبدأ "المثالي" القديم الذي تجري اختبارات في شأنه من ألاسكا إلى ناميبيا، شكل في سنة 2009 موضوع عريضة جمعت حوالى 50 ألف توقيع لكنها قوبلت بالرفض من البرلمان الألماني، وهو كان يستهوي في حزيران/يونيو من العام الماضي 40 % من الألمان بحسب استطلاع للرأي لمعهد "امنيد". وقبل بضعة أشهر من الانتخابات التشريعية، بات لمبدأ الراتب الأساسي مجموعة ضغط متخصصة هي "بوندنيس غروندينكومن" لكنه يواجه صعوبة في استقطاب دعم أي من الأحزاب الكبرى. ولهذا المبدأ مؤيدون من اليسار واليمين والمنظمات الكاثوليكية ورؤساء الشركات، لدوافع مختلفة بينها مكافحة الفقر و"تبسيط الاجراءات البيروقراطية" والتكيف مع التبدلات الجذرية في مجال العمل في العصر الرقمي. غير أن المترددين حيال هذا المبدأ كثيرون أيضا وهم يركزون على جانب رمزي في المانيا يتعلق بالعلاقة مع العمل. وتخشى قوى اليمين أن تشكل هذه المبادرة "مكافأة على الكسل" في حين أبدى الحزب الديموقراطي الاجتماعي الألماني في 2006 قلقه من أن يؤدي اعتماد الراتب الأساسي إلى تصنيف الأشخاص العاطلين عن العمل على أنهم "غير ذي جدوى" بدل مساعدتهم على ايجاد وظائف. كذلك دارت نقاشات في النقابات الكبرى انتهت الى اعتبار الراتب الأساسي بمثابة "حصان طروادة لليبرالية" كما أنه "يعزز الفروقات" الاجتماعية من خلال معاملة الفقراء والأثرياء بالطريقة عينها. - مهن غير جذابة - ويعتبر الخبير الاقتصادي في جامعة فرايبورغ الكسندر سبيرمان لوكالة فرانس برس أن هيئة "مين غروندينكومن" التي حققت خطوتها نجاحا إعلاميا، "غير مؤهلة" معالجة هذه الأسئلة في العمق. كذلك فإن تمويل الهيئة الذي يعتمد على الفضول أو التزام المانحين يصعب ان يستنسخ على نطاق واسع نظرا إلى أن تركيبة الهيئة وموظفيها البالغ عددهم 20 يستوعبون "60 % من الميزانية المجمعة" وفق مايكل بوماير. إلى ذلك، مع هذه التجربة المحددة زمنيا بسنة واحدة وتشمل بضع عشرات من الأشخاص، يكمن السؤال بشكل رئيسي في معرفة "ما العمل بعد تلقي شيك على بياض خلال عطلة عيد الميلاد" بحسب الكسندر سبيرمان. إلا أن موضع الغموض الرئيسي في مبدأ الراتب الأساسي في حال تعميمه يكمن في "خيارات التأهيل والنشاط" التي سيتخذها المستفيدون من هذه الخطوة إذا ما تأكدوا من أنهم سيتقاضون هذه المبالغ مدى الحياة بحسب الخبير الاقتصادي. وتساءل فيرنر ايخهورست من مركز مستقبل العمل في بون سنة 2013 "من سيتولى القيام بالمهام المضنية وغير الجذابة في كثير من الأحيان مثل جمع القمامة أو الاهتمام بالمسنين؟" وهو موضوع حساس في ألمانيا التي تسجل تركيبتها السكانية شيخوخة متسارعة. ويعتبر أنصار الراتب الأساسي أن المهن الأقل جاذبية ستصبح ممارستها "آلية" أم أنها ستخضع إلى "إعادة تقييم". غير أن منتقدي هذا المبدأ بينهم ايخهورست يؤكدون أن "أي آلة لن تعمل مكاننا وتدفع ضرائبنا".كورالي فيفر © 2017 AFP

مشاركة :