أطفال الموصل يجمعون القمامة ويعملون في ورشات تصليح السيارات ويبيعون الخضار والمرطبات بدلا من الذهاب إلى المدارس. هذا هو ثمن صراع النفوذ في بلادهم. عشرات الآلاف منهم اضطرتْهم الظروف إلى العمل وترك مقاعد الدراسة منذ سيطرة التنظيم المسمى “الدولة الإسلامية” على مدينتهم في يونيو/حزيران من العام ألفين وأربعة عشر لاقتناعهم واقتناع أوليائهم بعدم جدوى مواصلة الدراسة بل لخطورته عليهم، لأن التنظيم غيَّر المناهج وأدخل مواد تدريب عسكرية، من بينها تعليم إطلاق النار، قبل تجنيد بعضهم أو هكذا، على الأقل، تقول شهادات من عين المكان. أحد الأطفال يؤكد أن التنظيم كان يعلمهم الحساب باستخدام الرصاص والبنادق وغيرها من الأسلحة والذخيرة. بعد استعادة بغداد وحلفائها غالبية الموصل، التي ما زالت آخر جيوب التنظيم المسلح تقاوم في غربها بشراسة، عمدتْ السلطات إلى إعادة فتح ثلاثمائة وعشرين مدرسة من بين أربعمائة في شرق الموصل، غير أن هذا الجُهد على أهميته غير كاف. المدارس التي أُقيمت في المخيمات، التي أصبح فيها أهالي الموصل لاجئين في بلادهم، لا تفي بالمتطلبات الدراسية والبيداغوجية لنقائصها الكثيرة، فضلا عن الظروف الإنسانية الصعبة لعشرات الآلاف الأطفال الذين أصبحوا يتامى ومشردين. منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف، تقول إن حوالي مليون ومائتيْ ألف طفل في العراق لا يذهبون إلى المدارس. وكما جرت العادة في كل حروب البشر منذ فجر التاريخ…أطفال الحرب لا طفولة لهم.
مشاركة :