أبا الخيل في مؤتمر تاريخ علوم المسلمين: المملكة جمعت بين الأصالة والمعاصرة

  • 5/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في إطار سعيها إلى بلورة رؤية المملكة 2030، وما تضمّنته من عناية بالجانب التاريخي والعمق الحضاري للسعودية، دشّن معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، المؤتمر العالمي الأول لتاريخ العلوم التطبيقية والطبية عند العرب والمسلمين، بقاعة الشيخ عبدالعزيز التويجري بمبنى المؤتمرات بالمدينة الجامعة، وبحضور وكلاء الجامعة، وأكثر من 145 باحثًا بينهم نحو 38 باحثة من مختلف دول العالم. دولة تجمع بين الأصالة والمعصرة: وأكّد أبا الخيل، خلال كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح، أنَّ الجامعة تستحضر اتجاهات قيادتنا الرشيدة أيدها الله نحو العناية بالإرث التاريخي والحضاري للأمتين العربية والإسلامية، مشيرًا إلى أنَّ “هذا المؤتمر يأتي مبلورًا رؤية المملكة 2030، التي عنيت بالجانب التاريخي والعمق الحضاري للمملكة، بوصفها مهبط الوحي ومهد العروبة”. وأوضح أنّه “جاءت تلك الرؤية الوطنية الطموحة الشرعية العالمية الاقتصادية، التي اشتملت على أهداف في غاية الأهمية، ورسالة واضحة تستشرف وتتلمس كل ما يجعل أبناء الوطن يعيشون في راحة وأمن، ويوفر لهم العناية بالتراث الإسلامي وإظهار محاسنه ومكتسباته، عبر قنوات وأعمال متعددة، فهي ولله الحمد دولة جمعت بين الأصالة والمعاصرة وقامت بواجبها بما شهد له العالم أجمع”. جامعة الإمام تحتضن أقطاب العلم: ورحّب معاليه بالمشاركين والمشاركات، متمنيًا لهم وللمؤتمر التوفيق والنجاح، نحو ما يخدم الحقل العلمي والتطبيقي والطبي الذي أسهم علماء العرب والمسلمين في إرساء أسسه وقواعده الأولى، ليعم نفعها بلدان العالم وثقافات الأرض وحضارات التاريخ. وأوضح معاليه أنَّ “العرب والمسلمين كانوا أصحاب فكر وثقافة ماضي، ولديهم من الذكريات والخبرات والأعمال والجهود، ما يؤهلهم ليكونوا أفضل بكثير مما كان عليه السابقون”. وأشار إلى أنَّ “الجامعة اعتنت بهذا الشأن، وتوجهت لهذا التوجه، بغية أن تجمع أقطاب المعارف والعلوم، وتربط بعضهم ببعض ويعرف المجتمع أنها جامعة شرعية عربية عالمية تراثية، لا تقف عند أي حد، لتحقق الهدف، وفق توجيهات ولاة الأمر”. تنمية المملكة العلمية: من جانبه، أكّد رئيس اللجنة التحضيرية وكيل جامعة الإمام للتبادل المعرفي والتواصل الدولي الدكتور محمد بن سعيد العلم، أنَّ المملكة شهدت خلالَ العقودِ الماضية؛ لاسيّما العقدَ الأخير تنميةً علمية شاملة متكاملة، حيث طرحت المملكةُ خُطتها التاريخيةَ المتمثلةَ بالرؤية 2030 لمواكبةِ التحولات الكبرى والمتسارعة التي يشهدها العالم”. وبيّن العلم، أنَّ المؤتمرُ يهدف إلى تحقيق غايات تلك الرؤية العميقة، عبر تفعيل اتجاهاتها نحو إبراز العمق التاريخي للمملكة بوصفها ارتكازًا رئيسًا للفعل الحضاري عربيًا وإسلاميًا على مرّ العصور، بما تتوافر عليه من إرث تاريخي سعودي وعربي وإسلامي. وأضاف “عُرفت أرضُ المملكة على مرّ العصورِ بالحضارات العريقة والطرقِ التجارية التي كانت حلقةَ وصلٍ بين حضاراتِ العالم المختلفة فاكتسبت بذلك عمقًا علميًا وثقافيًا فريدًا، وقد أولتْ الجامعةُ بقيادةِ مديرِها اهتمامًا كبيرًا بإنشاء الكليات الطبية والتطبيقية، إلى جانب الكليات الشرعية والعربية والإنسانية والاقتصادية والإعلامية، وكذا البرامجِ والمشروعاتِ التعليمية، بالإضافة إلى المعاهد العليا والمعاهد العلمية ومعاهد اللغة العربية في الخارج، والمراكز البينية المتخصصة”. وأردف “كلُّ ذلك بتوجيهات حكومتنا الرشيدة، ودعمها غيرِ المحدود للجامعة، بقيادةِ خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ سلمانَ بنِ عبدِالعزيز، ووليِّ عهدهِ الأمين وزيرِ الداخليةِ صاحبِ السموِ الملكيِّ الأميرِ محمدِ بنِ نايف، ووليِّ وليِّ العهدِ وزيرِ الدفاع صاحبِ السموِّ الملكيِّ الأميرِ محمدِ بنِ سلمانَ حفظهم الله”. جسر علمي عالمي: وأوضح العلم أنَّ “المؤتمر جاء انطلاقًا من دور الجامعة ممثلةً بمعهدِ العلوم العربية والإسلامية في الاهتمامِ بتاريخ العلوم التطبيقية والطبية عند العرب والمسلمين، وحرصًا منها على تنظيم هذا المؤتمر في رحابها، وذلك للتعريف بإسهامات العرب والمسلمين في تطور مختلفِ العلوم التطبيقية والطبية، لينشأَ الجيلُ المقبلُ على وعي بتاريخه وماضيه، الذي كان له الأثرَ الكبيرَ في تطور العلوم التطبيقية والطبية، فقد حظيَ منذ أولى لحظاتِهِ بدعم مستمر ومؤازرة متواصلة من معالي مديرِ الجامعةِ لإنجاحِ وتفعيلِ هذا المؤتمر الفريد الذي يعدُّ جسرًا علميًا عالميًا، يشعُّ نوره من بلاد الحرمين الشريفين ليمتد أثرُهُ إلى أنحاءِ العالم، ويكونَ حافزًا لبذل المزيد من الجهد والإسهام في النهضة العلمية التي يعيشها العالم اليوم”. معهد متخصص بتاريخ علوم العرب: من جانبه، أشاد الأستاذ الدكتور رشدي راشد مدير أبحاث المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي بجهود جامعة الإمام في إبراز دور العلماء العرب والمسلمين في كافة العلوم التطبيقية والطبية، مبينًا أنها هي الجامعة الوحيدة التي لديها معهد متخصص في مجال تاريخ العلوم العربية والإسلامية، متمنيًا أن تحذوا الجامعات العربية والإسلامية بحذوها. وأضاف “البحث العلمي في هذا المجال لازال في بدايته، ولن نخطو كثيرًا إلا بمثل هذا المعهد الذي يحقق الأهداف المرجوة منه منها الكشف عن البعد العلمي والتقني في الحضارة الإسلامية عن طريق بحوث جادة ودقيقة على أعلى المستويات، وتهيئة جيل من الشباب متخصصين بتاريخ العلوم وعلى دراية بالمادة العلمية بمختلف اللغات”. انفتاح تجاه ثقافات العالم: بدوره، أكّد رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر عميد معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية الدكتور سعد بن سعيد القرني، أنَّ المملكة حملت على عاتقها العناية بإنجازات وإسهامات العرب والمسلمين انطلاقًا من عقيدة التوحيد الإسلامية الوسطية، المنفتحة تجاه ثقافات العالم لتزيد وتستزيد بذلك مكتسبات الحضارة الإنسانية”. وأشار إلى أنَّ “المؤتمر الذي تتبناه الجامعة ممثلة بمعهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، يجسد أحد المعاني الحقيقية لتوجهات المملكة في استنباط معالم حضارة العرب والمسلمين، لأهم ميادين العلوم التطبيقية والطبية”، موضحًا أنَّ “المشاركين في المؤتمر هم من نخبة العلماء في العالمين العربي والإسلامي والذين سوف يثرون هذا المؤتمر بأوراقهم العلمية وبحوثهم المحكمة”. علم الفلك: وانطلقت الجلسة الأولى للمؤتمر، برئاسة وكيل الجامعة للتبادل المعرفي والتواصل الدولي الدكتور محمد بن سعيد العلم، حيث تحدث في بداية الجلسة الدكتور محاسن محمد الوقاد عن إسهامات علماء العرب المسلمين في علم الفلك، الذي يعتبر من أقدم العلوم، مشيرًا إلى أنَّ “علماء العرب قاموا بدور بارز في تطوير علم الفلك والمحافظة عليه”. المغرب تحصر التراث المكتوب في الطب: من جانبها، أشارت الدكتورة زُليخة بنت رمضان، في دراستها التي حملت عنوان “الأطباء والصيادلة العرب ومؤلفاتهم المحفوظة في الخزانة الحسنية بالرباط”، إلى “تضاعف الجهود في المملكة المغربية، من أجل حصر وفهرسة التراث المكتوب في علوم الطب والصيدلة، الذي تزخر به الخزانات الوطنية الخاصة والعامة، وذلك بغية تقريب هذا التراث إلى الباحثين المشتغلين بالحضارة الإسلامية وبالحضارات المقارنة، كحقول معرفية جديدة في هذا الباب، ونقلها إلى ذوي الاختصاص من الأطباء في عصرنا هذا، مع تصاعد ما اصطلح على تسميته بـ(الطب البديل) أو (الطب الطبيعي)، والذي أضحت له سوق رائجة عبر العالم”. المتحف الافتراضي لعلماء العرب: واقترح الدكتور د. أحمد محمود أبو العز، في بحثه الذي جاء بعنوان: “تصميم المتحف الافتراضي في تاريخ العلماء العرب في العلوم لاستكشاف المواهب الصغيرة”، إنشاء المتاحف الافتراضية، التي تمثل مستقبل التعليم في القرن الحادي والعشرين، إذ تعتمد في تصميمها عل التفكير التصميمي في معالجة المعلومات في صورة مرئية حية أكثر ارتباطًا بوجدان الطالب. طب المسنّين: وبدأت الجلسة الثانية برئاسة وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور محمد بن سليمان آل محمود، التي افتتحت ببحث الدكتورة نجلاء النبراوي، والذي جاء بعنوان “تدبير المشايخ .. جهود علماء العرب والمسلمين في مجال طب المسنّين”، مشيرةً إلى أنَّ “تسمية تدبير المشايخ هي التسمية المتداولة في تناول هذه المؤلفات”. وبيّنت النبراوي أنَّ “التدبير يعني اتخاذ إجراءات أو ترتيبات لنفع المسنين وصالحهم، مثلما كُتب عن تدابير الأطفال والحامل والمرضع وكل من يحتاج إلى تدبير يقتدى به لصحة أفضل”. تطوير الصيدلة الإسلامية: وبيّن الأستاذ صاحب عالم الأعظمي الندوي، في بحثه الذي حمل عنوان “إسهامات علماء الهند والعرب في تطوير علوم الطب والصيدلة في العصور الإسلامية”، أنَّ “الهند وشبه الجزيرة العربية ودول الخليج العربية شهدت تقدمًا كبيرًا في العلاقات التجارية والثقافية والسياسية قبل البعثة النبوية وبعدها”. وسلط الندوي الضوء على مساهمة الهنود الملموسة في علوم الطب والصيدلة في العصور الهندية القديمة من ناحية، والبحث عن روافد العلوم الطبية الهندية وتأثيرها في الحضارات القديمة المعاصرة لها من ناحية أخرى. الإبداع الفلكي: وبدأت الجلسة الثالثة، التي رأسها وكيل الجامعة لشؤون المعاهد العلمية الأستاذ الدكتور إبراهيم بن محمد قاسم الميمن، ببحث الدكتور حسن محمد بيلاني، الذي حمل عنوان “إبداع العلماء العرب والمسلمين في تصميم وصناعة الآلات الفلكية – الإسطرلاب أنموذجًا”، أوضح فيه أنَّ “الحضارة العربية والإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقات العملية أسهمت إسهامًا كبيرًا، فقد حافظت على علوم وتقنيات ووسائط الأمم المجاورة (هنود وفرس وروم)، وقامت بتطوير تلك التقنيات والوسائط، وابتكرت عددًا آخر كبيرًا من الآلات والوسائط”. وأضاف “يعتبر الإسطرلاب أنموذجًا لهذه التقنيات، باعتباره من أعقد الآلات تصميمًا وصناعة، ويمكن القول بأنه من أعظم إنجازات الحضارة العربية والإسلامية. ويتجلى الإبداع في تصميم الإسطرلاب من خلال تحويل الفراغ ثلاثي البعد إلى ثنائي البعد باستخدام نظرية نشر السطح الكروي المعروفة حاليًا بالإسقاط الستيريوغرافي”. الإنسان والتبادل الحضاري: وبيّنت الدكتورة بن شاهين، في بحثها الذي حمل عنوان “الجوانب الإنسانية والتأثيرات المتبادلة بين الحضارات المختلفة”، أنَّ “الحضارة العربية الإسلامية تشكل مجالاً معرفيًا كبيرًا واسعًا ومتفاعلًا مع الحضارة الإنسانية الأخرى، تأثرًا وتأثيرًا على مدى التاريخ”. وأبرزت أنّ “الحضارة العربية والإسلامية، أغنت الفكر الإنساني في مختلف جوانب المعرفة والتي انتقلت ضوؤها قبل الإسلام إلى الإغريق واليونان من منهلين أصليين هما حضارة وادي النيل وحضارة وادي الرافدين”. لسان الدين بن الخطيب الأندلسي: واستهلّت الجلسة الرابعة، برئاسة وكيل الجامعة للشؤون التعليمية الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن المحمود، بورقة الدكتورة بدرية بنت عبدالعزيز العوهلي، حول “إسهامات لسان الدين بن الخطيب الأندلسي (713-776هـ) الطبية من خلال مؤلفه: (رسالة مقنعة السائل عن المرض الهائل)”، مشيرةً إلى أنه “كان مؤرخًا وأديبًا وعالمًا موسوعيًا خاض غمار مختلف ميادين العلم والمعرفة وأبدع فيها شعرًا، ونثرًا، وكتابة، وأدبًا، وتاريخًا، ورحلة، وفلسفة، وطبًا، وصنف مؤلفات نفيسة ذات قيمة علمية كبيرة أثرت المكتبة الأندلسية. العلوم الهندسية: وأبرز الدكتور إيهاب خفاجي، في ورقته التي حملت عنوان “إسهامات العلماء العرب في مجالات العلوم الهندسية (العمارة)”، أنَّ “الفهم الواعي للمعماريين المسلمين للبيئة استطاعوا الحصول على أفضل استخدام لعناصر البيئة الطبيعية وتطوير عناصر البيئة المبنية، وقاموا بتوظيف هذه العناصر لراحة الإنسان، فاستخدموا الماء والنباتات، ووضعوا الحلول المعمارية للأحوال الجوية والمناخية، دون إغفال الناحية الجمالية، وأيضًا تم استخدام النباتات على أسطح الأبنية وفي الأفنية، لتحقيق العزل الحراري للمنازل والأبنية، ما قد ثبت علميًا أن استخدام النباتات بهذا الشكل هو من أنجع طرق العزل الحراري للسقوف”. العلوم التطبيقية في الحضارة الإسلامية: واختتمت الجلسة بورقة كل الدكتور بندر بن عبدالله المشاري آل سعود، والدكتور عبدالحميد العبدالجبار، التي حملت عنوان “عوامل بروز العلماء في مجال العلوم التطبيقية في الحضارة الإسلامية”، أشار فيها إلى أنَّ “أهم العوامل والظروف المحيطة بالعلماء التي أدت إلى بروزهم في عصور الحضارة الإسلامية في مجال العلوم التطبيقية في قرونها الذهبية، وذلك من خلال النظر في سيرهم وبيئاتهم وخلفياتهم الفكرية والثقافية عبر الاستقراء والنظر الفردي، دون استحضار أو دراسة للثقافة العامة الشاملة للحضارة الإسلامية، التي عادة ما تُستَجلب في السرد العام حين تناول إسهامات العلماء المسلمين في العلوم الطبيعية”. للاشتراك في (جوال المواطن) .. ارسل الرقم 1 إلى : STC 805580 موبايلى 606696 زين 701589 ‎ "> المزيد من الاخبار المتعلقة :

مشاركة :