أزمة القانون الانتخابي تزرع بذور الشقاق بين حزب الله والتيار الحر

  • 5/4/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

رئيس حركة أمل نبيه بري للثنائية المسيحية: الشارع اللبناني له أربابه ونقطة على السطر.العرب  [نُشر في 2017/05/04، العدد: 10622، ص(2)]الطائفة أولا بيروت - عمقت أزمة القانون الانتخابي الفجوة بين التيار الوطني الحر من جهة وحركة أمل من جهة أخرى، كما ساهمت بشكل واضح في اهتزاز الثقة بين الأول وحزب الله. ويتمسك حزب الله وحركة أمل بالنسبية الكاملة، فيما يصر التيار الوطني الحر على القانون التأهيلي الذي طرحه رئيسه جبران باسيل قبل فترة، يدعمه في ذلك حزب القوات اللبنانية (من فريق 14 آذار). وتؤكد التسريبات على أن القانون الانتخابي لن يطرح الخميس على طاولة مجلس الوزراء، لترك المجال أمام إمكانية التوصل إلى تسوية تكاد تكون شبه مستحيلة، في ظل ضغط الوقت خاصة وأن على القوى اللبنانية التوصل إلى اتفاق قبل 15 مايو. وأبدى حزب الله، مؤخرا، مرونة في التعامل مع هذا الاستعصاء، حيث أكد أمينه العام حسن نصرالله في خطاب متلفز، عصر الثلاثاء “أنه لا مشكلة لدى حزب الله وحركة أمل في أي قانون انتخاب يتم التوصل إليه”. وقال “حين نتحدث عن النسبية فإنّنا لا نهدف إلى الفرض أو الضغط وإنما نهدف إلى شرح إيجابيّاتها على الجميع”. واعتبر نصرالله في إشارة إلى التيار الحر “أن هناك أطرافا تتعامل مع هذا الأمر على أنه قضية حياة أو موت”، معتبرا أنه “يجب أن يتم تفهّم موقف هذه الأطراف”. وذكر أن “هناك من يستغل قانون الانتخاب لتصفية حسابات سياسية أو تسجيل نقاط أو تخريب التحالفات”، واصفا الاتهامات لحزب الله برفض انتخاب المسيحيين نوّابهم بأصواتهم أنها “بلا دليل”. تصريحات نصرالله التي بدت إيجابية لجهة عدم فرض النسبية الكاملة أو وضع فيتو على أي من القوانين المطروحة، قابلتها تأكيدات لرئيس حركة أمل نبيه بري بأنه لا مجال لقبول طرح التأهيلي لجبران باسيل. ويرجح محللون أن التضارب بين الثنائية الشيعية ليس في واقع الأمر إلا عملية جديدة لتبادل الأدوار سبق وان تم انتهاجها في أزمة الاستحقاق الرئاسي. فحزب الله لا يريد في ظل الظرفية الحساسة التي يمر بها أن يدخل في خلاف مع التيار البرتقالي، ويسعى إلى الإبقاء على شعرة معاوية قائمة بينهما، وبالتالي هو يوكل لأمل مهمة مقارعة باسيل. وقال رئيس أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوراه “أنا أريد قانونا للبلد، وبطرحي هذا لا أشتغل لنبيه برّي، بل للبلد، ولأحميَ العهد، ومع الأسف هم يقدّمون طروحات تهدم العهد ولا تساعده”. واعتبر بري أن “المرحلة من الآن فصاعدا ليست مرحلة مسايرة أو سكوت، بل هي مرحلة اعتماد سياسة ‘الرطل بدّو رطل ووقيّة’، قالوا وزايَدوا في أنّهم يريدون تمثيل المسيحيين فتبين أنهم يريدون مسيحيّين هم يختارونهم وإقصاءَ المسيحيين الآخرين، فهل يجوز الفرز بين مسيحي ابن ستّ (امرأة) ومسيحي ابن جارية؟ لقد قدّمت مشروعي للتمثيل العادل والصحيح للجميع، وفي مقدّمهم المسيحيين، وإن كانوا لا يصدّقون ذلك فليجرّبوه”. ومعلوم أن الصيغة التي يطرحها رئيس التيار الوطني الحر والمسماة بـ”التأهيلي” تهدف إلى تصويت كل طائفة لنوابها، وهذا مثار خلاف حتى بين المسيحيين أنفسهم باعتبار أنها تصب في صالح القوات والتيار على حساب باقي الأحزاب المسيحية الأخرى. في المقابل تشرع النسبية الكاملة الباب أمام استفراد حزب الله بالحياة السياسية في لبنان خاصة مع امتلاكه قوة السلاح، وهذا محل رفض من معظم القوى. وأبدى بري استغرابه من تراجع التيار الحر عن النسبية، قائلا “أنا في مرحلة ترشيح الرئيس لم أسمع منه كلمة غير أنه مع النسبية، فما الذي حصَل ليتبدّل هذا الموقف؟ لا أعرف، لقد صُدمت”. وحيال التهديدات بنزول التيار إلى الشارع أوضح “هناك مَن يظنّ أنّ الشارع لعبة، وأكثر من ذلك يظنّ أنّ له أرجلا صلبة على الشارع. الشارع له أربابُه ونقطة على السطر”. ويقول مراقبون إن أزمة القانون الانتخابي تعكس في واقع الأمر عدم ثقة مزمن بين الفرقاء والحلفاء على حد السواء، كما هي مؤشر على النزعة الطائفية المستفحلة في النخبة السياسية لهذا البلد. ويرى المراقبون أن الهزات السياسية التي يشهدها لبنان منذ أزمة الرئاسة وصولا إلى اليوم هي مخاض لولادة تحالفات جديدة تحمل مشاريع طائفية. ويلفت هؤلاء إلى أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لطالما أبدى رغبة في التحالف مع القوات على حساب تحالف 8 آذار (يضم أمل وحزب الله)، وهذا التوجه يتأكد يوما بعد يوم، وهو ما يفسر الهجوم عليه من الأقلام الموالية للحزب. وتشكل تحالف 8 آذار في ظرفية دقيقة مر بها لبنان عقب اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في العام 2005 وتعزز بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006، إلا أنه في السنوات الأخيرة شهد هزات متلاحقة كان بطلاها الوطني الحر وأمل حيث كانت “الكيمياء” بينهما شبه مفقودة. وأبرزها حين أصرت أمل على رفض انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية، وسط تحليلات تقول إنه كانت هناك عملية توزيع أدوار بين الثنائي الشيعي هدفها الإبقاء على الفراغ الرئاسي، وقد أثر ذلك بشكل واضح على مواقف التيار وأيضا على جمهوره الذي كان خير معبر عنه. واليوم تأتي أزمة القانون الانتخابي لتؤكد للبنانيين أنه لم يعد هناك وجود فعلي لتحالف اسمه 8 آذار. ويشير المراقبون إلى أن ما يحصل اليوم بين أقطاب هذا التحالف ينطبق أيضا على 14 آذار وإن كان ذلك بأقل حدة، ويستدلون على ذلك بحالة الفتور التي تشهدها العلاقة بين تيار المستقبل والقوات في ظل حرص الأخير على تكريس تحالفه مع التيار البرتقالي على حساب علاقته مع الأزرق.

مشاركة :