التحليل الكامل للقاء ولي ولي العهد مع "داوود الشريان" يؤطره باحث أردني

  • 5/4/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أكد المحلل والباحث السياسي الأردني أسعد العزوني أن لقاء ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مع داود الشريان في برنامج "الثامنة"، اتسم بالشمولية والشفافية والمصداقية، وحمل البُشرى للمواطنين بأن الأمور بدأت تعود تدريجياً إلى سيرتها الأولى في المملكة، بعد الهزة غير المتوقعة التي نجمت عن انخفاض أسعار النفط، مؤكداً أن عملية تنفيذ رؤية السعودية 2030 تسير وفق المخطط لها بما يخدم الدولة ومواطنيها. وقال "العزوني" في حديثه لـ"سبق": "عزف سموه على وتر يهمّ قطاعات كبيرة من أبناء الشعب السعودي من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، وبعد المتوسطة، وهو السكن؛ تلك المشكلة التي تؤرق أكبر البلدان في العالم ومنها أمريكا، وأعلن عن خطط مدروسة تقضي بتوفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية مجاناً لذوي الدخل المنخفض، وعن مليون وحدة سكنية سيتم طرحها بقروض ميسرة للتخفيف عن المواطنين من أصحاب الدخول غير الكبيرة. وأشار إلى أن هذه الرسالة كافية لطمأنة المواطنين الذين ينضوون تحت فئة الدخول الضعيفة، وهي هدية مقدرة من القيادة للشعب، في وقتٍ نشهد فيه أنظمة استبدادية تقوم بهدم المساكن على رؤوس ساكنيها، كما يحدث منذ ستّ سنوات في سوريا على أيدي جلاوزة الحكم في سوريا، الذين ينفذون شعاراً بائساً ينص على "إما الأسد أو نحرق البلد". وأضاف: "بالمناسبة فإن رؤية السعودية 2030 التي يقودها الأمير محمد بن سلمان، بحاجة لتضافر جهود الجميع مع القيادة؛ للتسريع في إنجازها بنجاح، ولكي تحدث النقلة النوعية المرجوة في المملكة وفق تصور القيادة، التي تعمل على طمأنة الشعب بأن المستقبل يحمل في ثناياه الخير كل الخير للمملكة وشعبها، وبالتالي لا يجوز حصرها في القيادة فقط؛ لأن دور القيادة المفترض هو التأشير على الخطوط والنقاط وتوفير الدعم والإمكانيات، ليترك الأمر للمعنيين من المختصين كي يقوموا بالتنفيذ وفق تصور القيادة". وأردف: "وضع سموّه في لقائه التلفازي النقاط على الحروف، وعالج كل القضايا الداخلية، وأعلن تصوره للقضايا الخارجية، وكانت رسالته واضحة للشعب السعودي أن غدنا سيكون بأمر من الله أفضل من يومنا، وأننا تجاوزنا المحنة، وخرجنا من عنق الزجاجة، بتغلبنا على الإرهاب أولاً، وعلى المؤامرات الخارجية ثانياً، وعلى المصاعب الاقتصادية ثالثاً، وأن سفينتنا انطلقت مجدداً وسترسو في نهاية المطاف على بر الأمان". وبيّن "العزوني" أن سموه تحدث بإسهاب عن البرامج الحكومية المعتمدة لعلاج أزمات المملكة الداخلية، وأسهب في التفاصيل لتطمين المواطنين بأنهم أمام حقائق ثابتة وليس أمام تهيؤات مفترضة، بقوله: "إن الجهات الحكومية تعمل مع مجالس البرامج المعتمدة للإعداد والإطلاق لها خلال الأشهر الستة المقبلة"، وهذه إشارة واضحة على الجدية والرغبة الملحّة في التنفيذ السليم للخطط المدروسة الموضوعة. وأشار إلى أن سموه كشف عن دفعة جديدة من الجهات الحكومية التي ستنضم إلى برنامج التحول الوطني خلال المرحلة المقبلة، ويدلّ ذلك في علوم النفس والمنطق أن ما يجري الحديث عنه ليس مضيعة للوقت، ولا استغلالاً لمناسبة ما من أجل التنفيس وكسب التعاطف والتأييد، بل ما يجري هو تسمية الأمور بمسمياتها؛ لقطع الطريق على كل مشكك يحاول الاصطياد في الماء العكر، وحتى لا يظن أحد أن ما يجري هو قفز في الهواء إلى الأمام، بل هو عمل مدروس ومخطط له جيداً، وجرى توثيقه علانيةً ضمن برنامج حكومي مؤطر، وعلى لسان سموه وعلى الهواء مباشرةً وفي منبر إعلامي سعودي بامتياز. وذكر أن لقاء سموه اتسمَ بالحديث المسهب عن التفاصيل؛ إمعاناً في تطمين المواطنين، ولسد الطريق على المشككين في الداخل والخارج، الذين يفكرون ويتصرفون وفق أهوائهم وتخيلاتهم غير السوية، وقد تحدث سموه عن الموازنة، وأكد أن نسبة العجز فيها ليست كما يشاع هنا وهناك، مؤكداً أن نسبة العجز انخفضت مؤخراً إلى 44% وهذا مؤشر على تعافي الأوضاع في المملكة؛ بسبب السياسة الحكيمة التي تتبعها القيادة. وقال: "لم يُخفِ سموه التداعيات غير المرغوبة التي نجمت عن عملية الإصلاح الاقتصادي، وانخفاض أسعار النفط، وأدّت إلى حلول موجعة واضطرارية مثل فصل موظفي بعض الشركات، لكنه أكد أن من أهداف رؤية السعودية 2030 خفض البطالة إلى 7%، كما لفت إلى أن قرار إيقاف البدلات كان مؤقتاً اقتضته ظروف المرحلة الماضية، وأنه بعد المراجعة وتحسين المدخول عادت البدلات إلى سابق عهدها حقاً مكتسباً لأصحابها". وبيّن أنه في لفتة ذات مغزى من سموه، نفى الأمير محمد بن سلمان أن يكون قرار إعادة البدلات ناجماً عن ضغوط داخلية، مع تأكيده أن الأمر متعلق بالتقلبات، كما أن سموه طمأن المواطنين بأن الحكومة ستعوضهم عن ارتفاع أسعار الطاقة والمياه من خلال برنامج حساب المواطن؛ حفاظاً على أوضاع ذوي الدخول الضعيفة والمتوسطة، والذي يشمل تعويضهم بقرار حكومي، منوهاً سموه بأن عدد المشمولين بالتعويض يبلغ 10 ملايين مواطن، كما وعد بشمول التعويض لأصحاب الدخل فوق المتوسط أيضاً. وأضاف: لقد وضع سموه الرأي العام في الداخل والرأي العام العالمي في صورة الإصلاحات والهيكلة الاقتصادية، وهذه سابقة عربية بامتياز؛ إذ لم يخرج مسؤول عربي صانع قرار، ويتحدث مع شعبه بمثل هذه الصراحة والشفافية، ويوثق حديثه رسمياً في منبر إعلامي وطني، مطمئناً المواطنين بأن المرحلة المقبلة إن شاء الله تحمل في ثناياها الفرج من خلال فرص العمل الجديدة، كما بشّرهم بأن المملكة لم تعد قائمة على المدخول النفطي فقط، بل دخلت مرحلة تنوع الدخول، وبلغت دخولها في السنتين الماضيتين ما بين 111 - 200 مليار دولار، وقد تحدث سموه عن شركة "أرامكو"، وكشف أنها ووفق ميثاق تأسيسها في عهد الملك عبدالعزيز ستطرح جزءاً من أسهمها في السوق المحلية على طريق الخصخصة المدروسة، وأن أموالها ستساعد في تنمية المملكة. أما على الصعيد الخارجي فقال "العزوني": إن سموه لم يكن أقل شفافية في تشخيص الأمور، لكنه كان أكثر حدة في طرح التصورات، فعند سؤاله عن الحرب في اليمن أجاب كحصيف أنها لم تكن خيار المملكة، بل كانت ضرورة لا بد منها؛ لتلافي سيناريوهات أسوأ كانت ستواجه المملكة لاحقاً، وكان الهدف منها هو مواجهة انقلاب غاشم وآثم ضد الشرعية في اليمن، مؤكداً أن تشكيل مليشيات مسلحة في اليمن تأتمر بأوامر خارجية وتنفذ أجندة عدوة، هو خطر أكيد على الملاحة الدولية وعلى جيران اليمن جميعاً، بمن فيهم المملكة العربية السعودية بطبيعة الحال. وأكد سموه أيضاً أنه لولا هذه الحرب لتفاقم الخطر وانتقلت الحرب إلى الداخل السعودي وإلى دول الخليج العربية أيضاً، كما أكد أن القوات السعودية والقوات المشاركة في التحالف، حققت إنجازاً كبيراً تمثل في إعادة 80- 85% من الأراضي اليمنية إلى الشرعية اليمنية، وأنقذت اليمن من الانهيار. ولفت إلى أن سموه، ومن خلال اللقاء، قارن بين ما يجري في اليمن وما يجري في العراق وسوريا ضد "داعش"، مؤكداً أن قوات التحالف في اليمن أنجزت الكثير بأقل الخسائر والزمن، في حين أن الحرب على "داعش" في سوريا والعراق تسببت في خسائر كبيرة، وأدت إلى انتهاكات كثيرة، ولم تحقق المأمول منها. وفي معرض ردّه على سؤال يتعلق بمدى إمكانية اجتثاث علي صالح والحوثي من اليمن، أكد سموه أن المملكة تريد تلافي ذلك؛ لأن الوقت يعمل لصالح التحالف الذي يمتلك المال والعدد والعدة، وأنها تريد إنجاز أهدافها بأقل الخسائر الممكنة. وكشف سموه أن "صالح" يختلف مع "الحوثي" رغم أنه يقع تحت سيطرته وحمايته، ولو أن "صالح" خرج من تحت حماية الحوثي لاتّخذ مواقف مغايرة له وغير مؤيدة له، كما كشف سموه عن اتصالات متفرعة تجريها المملكة مع كل الأطراف اليمنية، وفق سياسة مدروسة؛ لتحويل مسار الأحداث في اليمن لصالحها، وأن المملكة تستقطب في كل يوم أطرافاً يمنية مؤثرة، مؤكداً أن القبائل اليمنية تُكِنّ كراهية شديدة للحوثي، وترغب بالتخلص منه؛ للتفرغ للتنمية وإعادة الإعمار. ورداً على سؤال حول ما يشاع عن خلافات مزعومة بين السعودية ودولة الإمارات في اليمن، أجاب سموه أن ما يُتداول على ألسنة المغرضين الحاسدين هو شائعات فقط، وأكد أن الأعداء يتربصون بعلاقات البلدين؛ للنيل منها وتعكير صفوها. وأما بخصوص العلاقة مع الشقيقة الكبرى مصر، فأكد سموه كصانع قرار في المملكة أن الإعلام المشبوه في مصر هو الذي يضخّم المسائل، ويضع الأمور في غير مسارها الصحيح، مؤكداً أن أياً من البلدين الشقيقين لم يعلن موقفاً عدائياً رسمياً تجاه الآخر، مشدداً سموه على أن المملكة هي الداعم الرئيس لمصر، لكنه حذر من تمكين المغرضين من تنفيذ أجنداتهم بإلحاق الضرر بعلاقات البلدين الشقيقين، وفي مقدمتهم "الإخوان" والإيرانيون. وحول الاتفاقيات المبرمة بين المملكة ومصر، وفي مقدمتها الجسر الواصل بين البلدين، أشار "العزوني" إلى تأكيد سموه بأنه سيعلن عنه رسمياً يوم وضع حجر الأساس قبل 2020، كما أكد أن جزيرتي صنافير وتيران سعوديتان، وأنهما مسجّلتان باسم المملكة في سجلات المحافل الدولية، واصفاً ما جرى مؤخراً بأنه عملية ترسيم حدود بحرية، وأن المملكة لن تتنازل عن أي شبر من أراضيها. وأضاف: "لدى حديثه عن العلاقة مع إيران وإمكانية احتوائها بالمفاوضات تساءل سموه: كيف نتفاهم مع نظام قائم على إيديولوجية متطرفة، وينطلق في سياسته من وصية الخميني التي تنص على الرغبة الملحة في سيطرتهم على المسلمين؛ تمهيداً لظهور المهدي المنتظر؟". وأكد سموه أنه لا تفاهم مع إيران وفق عقليتها المتعارف عليها؛ لانعدام نقاط الالتقاء مع النظام الإيراني، متمنياً عودة نظام "رفسنجاني" المسالم، كما أكد أن المملكة لن تعيد تجربة نظام أحمدي نجاد، ولن تنتظر حتى تصبح المعركة في أراضيها. وبخصوص حرب النظام السوري ضد شعبه، أكد الأمير محمد بن سلمان أن الوضع معقد في هذا البلد، متهماً الرئيس الأمريكي السابق "أوباما" بأنه أضاع فرصاً كثيرة للحل، مؤكداً أن القضية السورية أصبحت قضية دولية، وأن روسيا وأمريكا ودول كبرى أخرى تتواجد قواتها على الأرض السورية، وأن أي عمل غير محسوب سيؤدي إلى أزمة تنعكس سلباً على السلام العالمي.

مشاركة :