أشاد المقرر الخاص للأمم المتحدة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب "بن إيمرسون"، بالشفافية وبالطريقة الراقية والبناءة والتعاونية التي استهلت ويسرت بها المملكة زيارته الرسمية، وكذا زيارته السابقة على مستوى العمل، والتي تمت في نوفمبر 2016م، على نحو أتاح إجراء حوار صريح ومفتوح. ووجه في بيان صحفي اليوم الخميس في ختام زيارته؛ الشكر لحكومة المملكة، والتي كانت بهدف تقييم التقدم الذي أحرزته الحكومة في نظمها، وسياساتها، وممارساتها في مجال مكافحة الإرهاب، بالقياس على القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما أعرب المقرر الخاص عن إعجابه بشكل خاص بظروف الاحتجاز في السجون الخمسة المخصصة لإيواء المشتبه بهم في القضايا الإرهابية والمدانين بالإرهاب. وقام المقرر الخاص في هذا الصدد بزيارة سجني الحائر وذهبان، وفحص المرافق وتحدث مع كلٍّ من الموظفين والنزلاء في كلتا المؤسستين. وكان مستوى الرعاية، وظروف الاحتجاز في هذه المرافق، بما في ذلك المرافق الطبية والترفيهية؛ من بين الأعلى على مستوى العالم؛ حيث توفر بسخاء الزيارات الأسرية والزوجية، ويشجع السجناء على البقاء على مقربة من أسرهم، والسماح لهم بحضور المهام الأسرية المهمة، وربما إتمام الزواج في السجن. ويحق للمملكة العربية السعودية أن تفخر بالطبيعة التأهيلية للمرافق التي تضم السجناء المتهمين بالإرهاب. ولفت إلى أن ما يثير الإعجاب بشكل خاص البرامج الفريدة، والمهنية، والقائمة على الشواهد، والإبداعية لإعادة التأهيل والإدماج المصممة في مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية؛ حيث يضم هذا المرفق سجناء الإرهاب الذين أوشكوا على إنهاء مدة عقوبتهم ويزودهم بمجموعة متنوعة من المهارات الحياتية البديلة، بدءًا من العلاج النفسي إلى الإرشاد الديني، بهدف ترسيخ خطاب مضاد للتطرف، وتحضيرهم للإفراج عنهم. ويذكر المركز أن معدل عدم الانتكاس بلغ "86 %"، وأن المنهجية المتبعة فيه تستحق اهتمام الدول الأخرى التي تسعى إلى اعتماد برامج لمكافحة التطرف للمجرمين المدانين. وأشاد المقرر الخاص بالجهود التي تبذلها الحكومة ومؤسساتها للتخفيف من معاناة ضحايا الإرهاب من خلال برامج شاملة تنطوي على الدعم المالي والنفسي والتعليمي والفرص الوظيفية، فضلاً على الدعم المعنوي. ويشكل الدعم المالي، والإسكاني، والنفسي والاجتماعي لضحايا الإرهاب وأسرهم؛ جزءاً أساسياً من إستراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب، على نحو ما أوصى به المقرر الخاص في مبادئه الإطارية لحماية حقوق ضحايا الإرهاب وتعزيزها. وأثني المقرر الخاص أيضاً على الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة انتشار التطرف المتبني لسياسات العنف والأيديولوجيات المرتبطة به؛ حيث لا يقتصر ذلك فقط على التدابير الأمنية، ولكن من خلال العمل المنسق في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كذلك. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة فنّد هذه الادعاءات أثناء لقائه مع المقرر الخاص، مطمئناً إياه على مراعاة جميع الحقوق المكفولة للمتهمين في كل القضايا، وأنه لا توجد قضايا يحاكَم المتهمون فيها سراً أو غيابياً. وتوجه المقرر الخاص بشكر خاص لرؤساء جميع المؤسسات الحكومية الذين التقاهم؛ حيث أتيحت للمقرر الخاص وفريقه فرصة قيّمة لتبادل الآراء بشأن جهود الحكومة في مكافحة الإرهاب، ولاسيما مع وزير العدل، ورئيس هيئة التحقيق والادعاء العام، والمدير العام للمديرية العامة للمباحث العامة في وزارة الداخلية، ورئيس المحكمة الجزائية المتخصصة، ورئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ورئيس هيئة حقوق الإنسان. كما أجرى هو وفريقه مناقشات مع مدير مركز شرطة المنار، ومديري وموظفي سجني الحائر وذهبان، وكذلك مع المسؤولين في مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية. وأجرى فريق المقرر الخاص مقابلات مع أشخاص متهمين وأدينوا في جرائم إرهابية، كما التقى بممثلي أسر ضحايا العنف الإرهابي. ولفت المقرر الخاص للأمم المتحدة إلى ما عانت منه السعودية على مدى العقود الثلاثة الماضية من عدد كبير جدًّا من الهجمات الإرهابية الموجهة ضد أهداف عسكرية ومدنية وأفراد مدنيين، من قبل تنظيم القاعدة، ومؤخراً من قبل تنظيم داعش وغيرهما من الجماعات. وفقًا للسجلات الرسمية تم اكتشاف ما يصل إجماليه إلى "1075" مخططًا إرهابيًّا في البلاد منذ عام 1987م. وأبلغ المقرر الخاص بأن "844" منها كانت فعالة، وكان للعديد منها آثار مدمرة، كما تم إفشال "231" مخططاً، وراح ضحية الإرهاب أو أصيب ما مجموعه "3178" شخصاً خلال هذه الفترة. والمقرر الخاص على وعيٍ كذلك بعديدٍ من التحديات والتهديدات الأمنية الأخرى الناجمة عن عدم الاستقرار الإقليمي والتي يتعين على الحكومة مواجهتها يومياً. وحرصت الحكومة على إبراز الجهود المبذولة في إنفاذ القانون في مجال منع الإرهاب وصون حياة الإنسان. وأكدت مصادر حكومية، على وجه الخصوص، التزام المملكة العربية السعودية بالتعاون الدولي والمساعدة القانونية المتبادلة، واستحداث نظام صارم لمكافحة غسيل الأموال لوقف تدفق التمويل إلى الإرهابيين. ويتعين التأكد من مدى تنفيذ هذا النظام تنفيذاً فعالاً. وفيما يتعلق بعمليات مكافحة الإرهاب التي تنفذها المملكة العربية السعودية خارج حدودها الإقليمية في اليمن وسوريا، فهي تخضع لكلٍّ من قانون حقوق الإنسان وقانون النزاعات المسلحة. وقد أبلغت المملكة المقرر الخاص بأنها تصنّف الحوثيين المتمردين في اليمن كإرهابيين برعاية الدولة؛ وبالتالي تصنّف عملياتها، على الأقل جزئياً، كعمليات لمكافحة الإرهاب. وفيما يخص النزاع المسلح المدوّل في سوريا، يحيط المقرر الخاص بالإسهامات الكبيرة للمملكة العربية السعودية لمكافحة داعش. وفي ختام البيان الصحفي أعرب المقرر الخاص عن شكره لفريق الأمم المتحدة في المملكة العربية السعودية على تقديمه الدعم الثمين طوال زيارته.
مشاركة :