من يملك السوق يملك كل شيء!

  • 5/5/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لماذا يهدد ترامب برفع الضرائب على المنتجات الصينية؟ ولماذا طالب المكسيك بدفع ضرائب على صادراتها لأميركا أو بناء جدار تدفع تكلفته المكسيك؟ ولماذا يهدد بالانسحاب من اتفاقية الشراكة على جانبي الهادي التي كان عرابها سلفه باراك أوباما؟ وكيف سيمول الإنفاق حينما يخفض ضرائب الشركات في أميركا من 35 إلى 15% فقط؟ أسئلة تبدو صعبة، والقراءة الاقتصادية لها أن ترامب يهدد ويتوعد ويلغي وينسحب، ويحق له ذلك لأنه يملك القوة السحرية الأهم، وهي قوة السوق الضخم بمستهلكين يربوا عددهم على 320 مليون شخص بقوة شرائية كبيرة. فماذا سيحصل لو فرض ترامب ضرائب على صادرات الصين أو المكسيك أو غيرهما؟ ستضطر شركات الصين والمكسيك وغيرها لإقفال أبوابها في الصين والمكسيك والانتقال لفتح شركاتها في أميركا، وسيحقق ترامب الشعار الذي نادى به قبل أيام "اشتر اميركيا، وظف اميركيا Buy American, hire American"، وبالتأكيد يساعده حاليا عودة اقتصاد أميركا للانتعاش وتراجع النمو في الصين وأوروبا لإجبار الشركات العالمية لدخول أميركا وبدء الانتاج من أميركا بحثا عن السوق الأميركي ذو القوة الشرائية الضخمة. وبالطبع سيسهم إقفال الحدود بالجدار أو برفع ضرائب الواردات بعودة الشركات الأميركية المهاجرة ابتداءً، وبمعنى أصح فإن ترامب سيفرض ضريبة أميركية على رؤؤس الأموال الأميركية المستثمرة في الخارج لتعود لأميركا حسب وصف أحد الاقتصاديين. ولعل السؤال الهام هو هل سبق لأميركا اتخاذ مثل هذه السياسة الحمائية؟ وهل نجحت؟ الإجابة نعم، فسبق أن فرضت أميركا سياسة الحمائية في 1981 ضد شركات السيارات اليابانية، حيث فرضت أميركا سياسة الحصص ( دخول عدد معين فقط من السيارات)، حتى لاتهدد واردات السيارات اليابانية رخيصة السعر ومرتفعة الكفاءة حينها صناعة السيارات في أميركا. وهي الاتفاقية التي عرفت بإسم " on automobile Voluntary export restraints"، مما اضطر شركات السيارات اليابانية لفتح مصانعها الخاصة في أميركا، حتى اصبحت تويوتا أميركا وليس اليابان هي المصنع الأكبر للسيارات في العالم (الغيت الاتفاقية في 1994). كما سبق لأميركا فرض ضرائب مرتفعة وكبيرة على صادرات الصلب الآسيوية بغرض حماية الصناعة الأميركية، والنتيجة انتقال بعض هذه الشركات للانتاج من داخل أميركا. وسبق أن كتبت مقالا في صحيفة الحياة عنوانه "هل يسير ترامب على خطى تاتشر وريغان؟، ويتضح حاليا أن ترامب فعليا يسير على خطى ريغان الذي بدأ سياسة الحمائية التي ذكرنا بعض امثلتها بداية حكمه لأميركا، بالرغم من الفارق حيث كانت حمائية ريغان لحماية الصناعات الأميركية، في حين أن حمائية ترامب هي لاستعادة الشركات والأموال الأميركية وغيرها لنقل أنشطتها لأميركا. ختاما، ماسبق هو قراءة اقتصادية لسياسات وتصرفات الرئيس الأميزكي قد تصدق مع الزمن وقد لاتصدق، سيما وترامب بدأ أكثر هدوءا وأقل هجومية وهو يجاوز المئة يوم الأولى له في المكتب البيضاوي، ولكن الأكيد أن ترامب يملك قوة السوق، ومن يملك السوق يملك كل شئ. ولعل المانع الوحيد لترامب من السير في السيناريو الذي ذكرناه هو احتجاج الدول الكبرى ومجموعة العشرين ومنظمة التجارة على ميل رئيس الدولة الأكبر اقتصاديا للحمائية واغلاق السوق، وهو مايناقض كثير من الاتفاقيات الثنائية والدولية التي تدعوا وتقوم على حرية التجارة وفتح الأسواق، وإن غدا لناظره قريب.

مشاركة :