نيودلهي: «الشرق الأوسط» احتفل الحزب القومي الهندوسي «بهاراتيا جاناتا» الذي يقوده نارندرا مودي أمس، بفوزه الساحق في الانتخابات التشريعية في الهند ووعد «بعهد جديد» يرتكز على إنعاش الاقتصاد بعد عشر سنوات من حكم حزب «المؤتمر» الذي أعلنت رئيسته أنها تتحمل مسؤولية هزيمته النكراء. وأشارت الأرقام المؤقتة أمس إلى أن حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) حصل على أغلبية مطلقة في البرلمان في سابقة منذ ثلاثين عاما لهذا الحزب. وتخطى حزب بهاراتيا جاناتا عتبة 272 مقعدا من أصل 543 وحصل على أكثر من 300 مقعد مع حلفائه، حسب أرقام مؤقتة. وكتب مودي في تغريدة على موقع الرسائل القصيرة «تويتر» أن «الهند رحبت. الأيام الجميلة بدأت». ويعيد انتصار الحزب القومي الهندوس رسم المشهد السياسي في الهند ويحول بهاراتيا جاناتا إلى قوة سياسية وطنية على حساب حزب المؤتمر الذي تقوده أسرة نهرو غاندي والمعتاد على الحكم في البلاد، لكنه هزم في هذه الانتخابات. وأعلن راهول وسونيا غاندي اللذان يقودان حزب المؤتمر أنهما يتحملان مسؤولية الهزيمة الساحقة التي مني بها الحزب. وقالت رئيسة الحزب سونيا غاندي للصحافيين بأن «الفوز والهزيمة جزء لا يتجزأ من الديمقراطية أتحمل مسؤولية هذه الهزيمة»، بينما عبر ابنها راهول غاندي (43 عاما) الذي قام بأولى حملاته الانتخابية «أريد أولا أن أهنئ الحكومة الجديدة. لقد تلقوا تفويض شعب هذا البلد. نحن سجلنا نتيجة سيئة». وأضاف: «بصفتي نائب رئيسة الحزب أتحمل المسؤولية». وصرح براكاش جافاديكار أحد المسؤولين في الحزب من مقره في نيودلهي «إنها بداية التغيير. إنها ثورة شعب وبداية عهد جديد». وأقر حزب المؤتمر الحاكم منذ عشر سنوات وغير المعتاد على الجلوس في مقاعد المعارضة منذ استقلال البلاد، بهزيمته التي قد تكون الأسوأ في تاريخه. وقال زعيم حزب المؤتمر والمتحدث باسمه راجيف شوكلا أمام الصحافيين في مقر الحزب في نيودلهي «إننا نقبل بهزيمتنا وإننا مستعدون للجلوس في مقاعد المعارضة» مضيفا أن «مودي وعد الشعب بالقمر والنجوم والناس صدقوا هذا الحلم». واستقطب مودي وهو ابن بائع شاي في الخامسة والستين من العمر الانتباه في الحملة الانتخابية حيث ضاعف التجمعات الانتخابية وركز رسالته على الوعد بتجسيد سلطة قوية قادرة على تحريك الاقتصاد الهندي، متغاضيا عن ماضيه كزعيم قومي هندوسي مثير للجدل. ويتوقع الناخبون الكثير بعد الحملة التي سلطت الضوء على حصيلة مودي الاقتصادية في ولاية غوجارات التي يديرها منذ 2001. وتسارع الارتفاع المسجل في الأسواق المالية مع ترقب فوز كبير لمودي فبلغ خمسة في المائة أمس بعد زيادة مماثلة في مطلع الأسبوع، في ظل تفاؤل المستثمرين في قدرته على إخراج الهند من المشكلات التي تعاني منها وفي طليعتها البنى التحتية المتهالكة والتضخم المتسارع، ولو أن البعض عد هذا التفاؤل مبالغا به. ويدعم كبار صناعيي البلاد زعيم حزب بهاراتيا جاناتا بسبب ترحيب ولايته بالشركات التي تنتقل إليها. وكسب الحزب أيضا تأييد الأكثر فقرا الذين يصوتون عادة لصالح حزب المؤتمر وبرامجه الاجتماعية. ولا يبدو أن الهجمات التي شنها معارضوه وأحدهم وصفه بـ«الشيطان» و«جزار غوجارات»، وتحذيرات الأقليات الدينية من الانقسامات التي يمكن أن يثيرها داخل السكان، كان لها أي تأثير سلبي عليه على الإطلاق. ورأى موهان غوروزوامي من مركز «بوليسي الترناتيفز» أن «مودي جاء في الوقت المناسب بينما السكان يعانون من خيبة الأمل». ومن المتوقع أن تؤدي هذه الهزيمة إلى تغييرات داخل حزب المؤتمر كما أنها تطرح تساؤلات حول قدرة عائلة غاندي على إدارة البلاد. وأدى راهول غاندي حملة افتقدت الحماس وعجزت عن منحه الدفع اللازم كما أن النتائج الأولية لم تعطه سوى تقدم طفيف في دائرته. وقالت شقيقة مودي فاسنتيبين مودي من منزلها في غوجارات «لا يمكنهم أن يصدقوا أن شخصا بسيطا مثله يمكن أن يتفوق عليهم». وسيشكل وصول مودي إلى السلطة تغييرا جذريا بالنسبة إلى الغربيين الذين قاطعوه طيلة عشر سنوات بعد أعمال العنف الدامية في غوجارات في 2002. وأسفرت تلك الاضطرابات عن سقوط ألف قتيل معظمهم من المسلمين وقد اتهم الزعيم الهندوسي بأنه شجع أعمال العنف. وامتنع مودي خلال حملته عن الإشارة إلى المطالب القومية الأكثر تطرفا في برنامج حزبه. ورأى كريستوف جافريلو الباحث في معهد العلوم السياسية في باريس وفي ومعهد «كينغز كوليدج» في لندن أن مودي «سيحكم عليه في مجال الاقتصاد. وماذا لو فشل في إعادة إطلاق الاقتصاد؟ الخطة البديلة قد تكون البرنامج القومي الهندوسي».
مشاركة :