الميليشيات الليبية حاضرة على الأرض وغائبة عن لقاء السراج وحفترتبقى معضلة تطويع الميليشيات وإنشاء “جيش ليبي موحد” هي الحكم الأخير في تحديد نجاح أي اتفاق محتمل. وتراوحت ردود الفعل حول لقاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج مع قائد قوات مجلس النواب المشير خليفة حفتر، في العاصمة الإماراتية أبوظبي قبل يومين، ما بين متفائل ومتشائم من إمكانية مساهمة اللقاء في حل أزمة تقاسم النفود والسلطة في ليبيا.العرب [نُشر في 2017/05/05، العدد: 10623، ص(4)]تشكيلات خارجة عن السيطرة طرابلس - طرح لقاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج مع قائد قوات مجلس النواب المشير خليفة حفتر، في العاصمة الإماراتية أبوظبي الثلاثاء، أسئلة عديدة حول إمكانية اللقاء إنهاء الأزمة المستمرة منذ سنوات في البلاد. وسبق لقاء حفتر والسراج بأبوظبي لقاء آخر عقد بالعاصمة الإيطالية روما وجمع رئيس مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق (شرق) عقيلة صالح برئيس المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي، لكن لقاء السراج وحفتر حظي باهتمام أكبر بكثير من سابقه، ولقي ترحيبا- محليا ودوليا وأمميا- فاق ما قبله، في دلالة واضحة على أهمية اللقاء في مستقبل ليبيا. وأوضح السراج أن “اللقاء أكد على قضايا، أبرزها الدعوة إلى حوار مجتمعي موسع لترسيخ الثوابت الوطنية، وتأصيل فكرة بناء الدولة الديمقراطية المدنية، والعمل على التسريع في الاستحقاق الدستوري، لتجاوز المرحلة الانتقالية الحالية في أسرع وقت”. وأكد اللقاء أيضا، وفق السراج، على “وضع إستراتيجية متكاملة لتطوير وبناء الجيش الليبي الموحد، والتأكيد على انضواء المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية، وتوحيد الجهود والإمكانيات لمحاربة المجموعات الإرهابية والقضاء عليه عسكريا وفكريا”. ولا يعترف حفتر بسلطة حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والتي تعمل من العاصمة طرابلس (غرب). ويصر السراج على أن تكون القيادة العسكرية تابعة وخاضعة لسلطة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق. واعتبر مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، الثلاثاء في تغريدة على حسابه الشخصي على تويتر، أن لقاء السراج وحفتر يمثل “خطوة أساسية نحو تطبيق الاتفاق السياسي”. ووقعت أطراف النزاع الليبي، برعاية الأمم المتحدة، في ديسمبر 2015، اتفاقا لإنهاء أزمة تعدد الشرعيات، تمخض عنه مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومجلس الدولة (غرفة نيابية استشارية)، إضافة إلى تمديد عهدة مجلس النواب في طبرق، باعتباره هيئة تشريعية. وبعد مرور أكثر من عام على توقيع الاتفاق دون اعتماد مجلس النواب (الذي يريد إدخال تعديلات على الاتفاق) لحكومة الوفاق، اعتبرت أطراف في شرقي ليبيا أن الاتفاق السياسي انتهى، وهو ما ترفضه الأمم المتحدة.مارتن كوبلر: لقاء السراج وحفتر يمثل خطوة أساسية نحو تطبيق الاتفاق السياسي ووصف صلاح الدين الجمالي المبعوث العربي إلى ليبيا، اللقاء بـ”التاريخي”. ودعا، خلال مداخلة مع قناة محلية، الليبيين إلى أن يساندوا لقاءات مختلف الأطراف. وقال علي جابر الإعلامي الليبي إن “لقاء حفتر بصفته القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية مع السراج بصفته رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني وإن لم يحل الأزمة مباشرة، فهو خطوة أولى مهمة نحو الوصول إلى حل”. واعتبر جابر أن “اللقاء يعطي الأمل للشعب الليبي بأن بإمكان كافة الأطراف وإن اختلفت أن تجلس وتتحاور وتصل إلى نقاط اتفاق تنطلق منها نحو وضع خارطة للحل، الذي يبدأ بتوحيد كافة مكونات الجيش غربا وشرقا وجنوبا، تحت قيادة واحدة تصدر التكليفات لكافة أمراء المناطق العسكرية، وبعد توحيد الجيش سيكون هو الحامي لكافة الإجراءات التي تتخذها السلطات المدنية”. وقال محمد فرجاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية إن “لقاء حفتر والسراج بإمكانه حل الأزمة الليبية إذا تمت اجتماعات أخرى وجرى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه”. وتابع فرجاني أنه “بمجرد الإعلان عن أن اللقاء تم انخفض سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية الليبية، التي كانت يوميا تفقد قوتها بشكل مخيف، وهذا مؤشر إيجابي على نجاح اللقاء”. ويقلل البعض من أهمية اللقاء ومنهم السياسي الليبي حمود ناجح، الذي قال إن “لقاء السراج وحفتر لن ينهي الأزمة؛ فببساطة أحد المجتمعين لا يمثل طرف النزاع كاملا”. وأضاف ناجح قائلا إن “معادلة الأزمة الليبية هي بين الشرق بكل طوائفه من سلطة ومؤسسات وسكان وبين الغرب بما هناك من مؤسسات وسلطة، وإذا ركزنا علي موقع السراج من الغرب وحفتر من الشرق سنفهم أن الأزمة لن تحل باجتماعهما”. وتابع موضحا أن “حفتر هو الحاكم الناهي في جميع شرقي البلاد، وبالتالي يستطيع أن يقدم على طاولة الحوار، ويستطيع الالتزام بما يعد به باعتبار نفوذه في كل الشرق، أما السراج فلا يستطيع أن ينفذ وعوده؛ لوجود قوى ومؤسسات لا تأتمر بأمره في غربي البلاد، وبالتالي ليس لديه ما يقدم على الطاولة”. واستطرد “لو قبل السراج بما يطلبه حفتر وهو حل الميليشيات المسلحة، فسيعني هذا أن قوات تحالف البنيان المرصوص وهي فجر ليبيا سابقا ستصبح خصما لهذا الاتفاق، لا سيما وأنها عبارة عن تجمع لميليشيات اكتسبت الشرعية، لكنها لا تزال ميليشيات، وليست جيشا، وبالتالي إذا تضمن الوفاق بين حفتر والسراج أي بند يمس نفوذ أو بقاء هذه الميليشيات فلن تطيع السراج”. وأشار إلى أن “هناك بقايا المؤتمر الوطني (السابق) والميليشيات التابعة لحكومة الإنقاذ في طرابلس والميليشيات التابعة للجماعة الليبية المقاتلة السابقة وقوة كبيرة تأتمر بأمر المفتي الصادق الغرياني الذي وصف لقاء حفتر والسراج بالمؤامرة.. كل تلك القوى ليست خاضعة للسراج، وبالتالي الأزمة لن تنتهي بجلوسه مع حفتر واتفاقهما”. وتتقاتل في ليبيا كيانات مسلحة متعددة، منذ أن أطاحت ثورة شعبية بالعقيد معمر القذافي عام 2011. وتتصارع حاليا ثلاث حكومات على الحكم والشرعية اثنتان منها في طرابلس وهما الوفاق والإنقاذ إضافة إلى الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء (شرق) المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق.
مشاركة :