--> استكمالاً للحديث عن ملتقى الوحدة الوطنية والذي عقد تحت شعار( معا لنشر روح المحبة والإخاء والتسامح) واستلهاماً لما طرح من الأفكار يمكننا القول بكل تأكيد: إذا كانت حكمة -الله سبحانه- قد اقتضت وجود التعددية في المجتمعات والأوطان، يجسد ذلك قوله سبحانه (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) فإن هذه التعددية لا تقتضي بالضرورة الاختلاف والشقاق والنزاع بين الأفراد والجماعات، ولكنها بكل تأكيد تعني تعدد الآراء التي يجب أن نستغلها في صالح الإنسان والأوطان بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، بمعنى أنه يجب علينا أن نوظف تعدد الآراء، بل حتى اختلافها في صياغة واقعنا ومستقبلنا، بحيث تكون هذه التعددية مصدر قوة لا أداة للفرقة وبما يضمن إشاعة روح المحبة والتآخي والتسامح والتضامن بين المواطنين ويمكن أن يكون ذلك من خلال الحوار المبني على احترام الرأي والرأي الآخر، لا سيما وأن هذا الآخر كما هو في واقعنا شقيق وليس غريبا، ومع ذلك فإن وعينا جميعاً سيظل له الدور الأساسي في نشر ثقافة التسامح والمحبة والمساواة وقيمها بين المواطنين، وتجنب كل ما يفرق بينهم أو يثير الخلافات والنزاعات أياً كانت، والتأكيد مجدداً على ما يجمع ولا يفرق ويوحد ولا يشتت. وينبغي أن توظف لهذا الغرض النبيل كل الإمكانيات وأن تسخر له كل جهود وأنشطة مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها المؤسسات الثقافية والإعلامية والأندية والصالونات الثقافية والأدبية، ويقتضي ذلك أيضاً مراجعة المناهج والمقررات الدراسية بما في ذلك مقررات مادة التربية الوطنية التي سنفرد لها -إن شاء الله- مقالاً خاصاً يناقش واقعها ويقترح التطوير الذي يرتقي بها ويساهم في تحقيق أهدافها ودورها في صياغة الوعي والانتماء الوطني الكفيل بتوثيق العرى بين المواطنين فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين الوطن ومؤسساته ومكوناته من جهة أخرى. إن ما يسود عالمنا اليوم وخاصةً ما يلم في المناطق المحيطة بنا من نزاعات وما أدت إليه من تفكك مجتمعاتها وتفتيت لحمتها وضياع مكتسباتها وافتقادها نعمة الأمن والأمان التي نعيشها -والحمد لله-؛ كل ذلك ينبغي أن يجعلنا ندرك تماماً مدى ما يمكن أن تسببه الاختلافات من فرقة وتمزق وانعدام الأمن في الأوطان والمجتمعات وبين الأمم والشعوب، وانعكاس ذلك كله على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها وجعلها جحيماً من الفوضى التي تسود فيها شريعة الغاب ولا يأمن فيها إنسان على نفسه وماله وعرضه. بقى أن نقول: إن مسؤولية المحافظة على تماسك هذا الكيان وتحصينه ضد كل محاولات الاختراق الخارجي التي قد تلجأ إليها بعض القوى المعادية التي تعمل على إثارة الفتنه والفرقة لإضعاف الوطن من الداخل؛ هي واجب وطني يشترك فيه كل من يعيش على هذه الأرض؛ لذلك علينا أن نبدأ بأنفسنا ومن ثم تربية أبنائنا على قيم التسامح والمحبة والإخاء كما هو شعار الملتقى-، الذي أتمنى أن ينعقد الكثير من أمثاله وتوسيع قاعدة المشاركة فيه لتشمل المزيد من المفكرين وأهل الرأي الغيورين على وطنهم؛ لما لذلك من دور في إشاعة روح المواطنة والتفاهم والتعارف الذي يقرب القلوب والمسافات ويمتن أواصر السلم الاجتماعي بين كافة طوائف المجتمع وأفراده، ونبذ كل صور التفرقة التي يمكن أن تقوض هذا التماسك، ليظل هذا الوطن شامخاً آمنا ومطمئناً وموحداً، تحفظه رعاية الله وتصونه وتحميه من كل سوء ومكروه. Fahad-er@hotmail.com مقالات سابقة: فهد الخالدي : -->
مشاركة :