"يمتاز شعر فواز عيد بغنائية موسيقية عالية، وهو يميل إلى استنباط الموروث الشعبي والأسطوري والتاريخي، ويميل إلى مراقبة التفاصيل اليومية" (عزالدين المناصرة) في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وإبان سطوع قصيدة التفعيلة (الشعر الحر) والمناقشات، والمنازعات حوله، خاصة في الستينيات، كان من الشعراء العرب الذين وضعوا بصمتهم بقوة بعد نازك الملائكة، وبدر السياب، وعبدالوهاب البياتي، وصلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وخليل حاوي، وبرز عبر صفحات مجلة الآداب التي تولت تلقي القصائد والدراسات التي حولها من الكتاب والنقاد المساندين لحركة الشعر الجديد -آنذاك- عددٌ من الشعراء العرب الذين أضافوا إلى ما قدمه الرواد سمات وتكنيكات، وتشكيلات جديدة ساهمت في جذب المتلقين، ووسعت من مساحة الرقعة التي يحتلها الشعر الحديث، بحيث أصبح وجهة معظم المواهب في كافة العالم العربي، حيث برزت أسماء: فايز صيّاغ، عبدالباسط الصوفي، فواز عيد، أمل دنقل، أيوب طه، وهذا كمثال لكون هذه الأسماء كانت لافتة، فهناك أسماء واكبت واختفت أو توارت عن الإعلام لأسباب سياسية، أو أيديولوجية، وفنية. فواز عيد الشاعر الفائض رقة، والشفاف المهموم إنسانياً، والذي نذر نفسه للشعر دون سواه، كان في (الرياض) العاصمة، جاء يعمل في سلك التعليم، وقد عرَّفنا على بعض الناقد الراحل عبدالله نور، وأهداني وقتها -فواز- ديوانه الأول (في شمسي دوار) وكانت اللقاءات معه في مكتب جريدة "الرياض"، أو مجلة اليمامة، وبعض المناسبات الاجتماعية والثقافية، كما نشر قصائد في المطبوعتين، وكتب المقالات الأدبية والفنية، وقد كانت حياته العملية دافعاً مؤازراً للاندماج ومعرفة الثقافة والمثقفين في المملكة، وقد شارك في عدد من المناسبات الثقافية شاعراً ومتحدثاً كما في (ندوة الأمير خالد الفيصل) و(ندوة الشاعر محمد الفهد العيسى) وكان نجماً يجبرك على أن تستمع إليه وهو يلقي، وأن تتأمل قصائدة السهلة السلسة المليئة بالمشاعر والأحاسيس، فهو في رأيي سبق مدعي قصيدة الومضة أو المقطع وفي ديوانه الثاني (أعناق الجياد النافرة) الصادر 1969 يرسم موقعاً: 1- الذكرى امتدت الشجرة تمتد أغصاني والريح غربية. 2- الحب زرعوا زهور البر.. فوق سطوح ضيعتهم فمات.. على السطوح. 3- العيون المرايا في حصى النهر كسيرة والعيون خشباً صارت حكاياتي وصار الانتظار. هذه إشارة بدء رحلة في عالم فواز عيد الشعري، وذلك لإحساسي بأنه لم يعطَ حقه المستحق كشاعر كبير، ولي وقفة أخرى مع شعره.الميناء ككومة أنجم في جبهة الميناء تنهمر صديقي.. خر وانطفأ. تهدّم كالجدار على رصيف الليل عانقني وحين صرخت.. قام إلي واتكأ وأكمل في بحار الليل غربته. ( ف.ع)
مشاركة :