في الأسبوع الماضي زرتُ بعض الأصدقاء الخليجيين في منازلهم، وقد شدَّ انتباهي في أكثر من مدينة، أنَّ هناك أعمال ترميم طارئة في بعض تلك المنازل، عرفت لاحقاً أنَّها موضة تركيب (ديكورات رمضان) وصلت إليهم من بعض البلدان العربية والإسلامية، مع بدء العد التنازلي لدخول الشهر الفضيل، والتي تمتد من الخيم وورق الجدران بالتصاميم الرمضانية والنقشات الإسلامية، وصولاً إلى الديكورات الخشبية والجبسية الكاملة المُطعَّمة بالمرايا والزجاج والفوانيس التي يمكن أن تمتد إلى موسم الحج القادم، ومن ثم يجب تغييرها والعودة إلى التصاميم والديكورات العصرية والتقليدية الحُرة مع بدء العام الهجري الجديد!. هكذا هي الموضة الجديدة التي أسأل الله ألاّ تُصيب منازلنا نحن السعوديين، حتى لا تُضيف أعباء جديدة وإرهاقاً أكثر لميزانياتنا التي تعاني من تبعات مقاضي رمضان ومُتطلباته ومُستلزماته التي تعوّدنا عليها لمواسم طويلة ومُتكررة، وشكَّلنا فيها رقماً استهلاكياً كبيراً على مستوى المنطقة، خصوصاً وأنَّ بعضنا سريع التأثر بمثل هذه التغيرات من باب التحرّر والتغيير في المفاهيم، والبعد عن التقليدية والروتين والرَّتابة، والابتداع الجائز في مثل هذه المناسبات، سبقتهم في ذلك بعض الفنادق والمطاعم والمحلات في تزيين الشوارع والواجهات في بعض مناطقنا ومدننا خلال سنوات مضت، وتطوَّرت عاماً بعد آخر بصيوان وزينة خاصة، وإن كانت لا ترقى بعد إلى موضة الديكورات الكاملة في بعض البلدان المُنسجمة مع روحانية الشهر الفضيل - بحسب رأي أصحابها -، وهي لعنة جديدة أصابت ميزانيات الأُسر العربية والإسلامية. الاستعداد لرمضان أبسط من كل هذا الانقسام الذي يحدث في عالمنا العربي والإسلامي، فمثلما يرى مُعظمنا أنَّ أصحاب هذه الديكورات والزينة مُخطئون في التكلُّف بالمظاهر للبحث عن روحانية الشهر، فإنَّهم أيضاً يرون أنَّ مُعظمنا مخطئ بتكديس الأغذية، والاستهلاك والشراء العشوائي، وكأنَّ رمضان شهر مجاعة وحرمان. بينما الصواب الذي يجب أن نفهمه جميعاً، بأنَّ رمضان شهر عبادة وطاعة، فلا هو شهر (فوانيس وزينة)، ولا هو شهر (طبخ ونفخ).. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :