تحقيق: محمد إبراهيم اعتبر عدد من التربويين والمعلمين في الميدان التربوي، أن وزارة التربية تركز جهودها في المرحلة المقبلة على بلورة ترجمة واقعية، لرؤية المشروع، وتحقيق أهدافه، لاسيما أنها بدأت المرحلة التجريبية للمشروع، باختبار تجريبي استهدف 100 معلم ومعلمة من 6 مناطق تعليمية، يدرسون 6 مواد أسياسية تضم اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات والأحياء والفيزياء والكيمياء. «الخليج» تناقش مع الخبراء والتربويين، أهمية مشروع «ترخيص المعلم»، وكيف يسهم في بقاء أفضل العناصر التربوية في الميدان، وإلى أي مدى يواكب المستجدات التعليمية في ميادين العلم العالمية، وكيف تنعكس نتائج المشروع على جودة المخرجات مستقبلاً، بما يحاكي رؤية الإمارات 2021. كوادر تربوية البداية كانت مع الخبير الدكتور عز الدين حطاب رئيس كلية الدار الجامعية، حيث أكد أهمية مشروع «ترخيص المعلم»، لإيجاد كوادر تربوية تستطيع مواكبة متغيرات المستقبل في المجالات كافة، لاسيما أن التعليم يشهد مسارات تطويرية متنوعة ومتسارعة عالمياً، موضحاً أن ممارسة العديد من المهن يقترن ب«ترخيص مزاولة المهنة»، كما هو الحال في مجال الطب والمحاماة والهندسة وغيرها من الميادين. وأكد أهمية امتلاك الحد الأدنى من كفاءة الأداء المهني، كشرط ضروري لممارسة المهنة، لاسيما في قطاع التعليم، من أجل حماية الأجيال من الممارسين غير الأكفاء، مضيفاً أن ترخيص المعلم مسار جاد يسهم بفاعلية في تطوير أداء المعلم، وإعداده ومتابعة تطوره، بما يتفق مع متطلبات مهنته، وفق ضوابط إجراءات تحكم عمله وتجعل منه، معلماً فاعلاً ومؤثراً في مسيرة تقدم طلابه، باعتباره أهم عناصر المنظومة التعليمية. وحدّد 5 شروط أساسية لنجاح مشروع ترخيص المعلم، تتمثل في: تأهيل الموارد البشرية المتخصصة، إعداد وإدارة المشروع، وتعاون مؤسسات التعليم العالي والمجتمع، ووجود مركز تدريب للمعلمين الأكفاء لتلبية متطلبات المشروع، إضافة إلى دعم الاتجاهات الإيجابية نحو نظام الترخيص من قبل الفئات المستهدفة، ووضع تشريع له. اتجاهات حديثة أما الخبير الدكتور عبد الله مصطفى، فيرى أن الاتجاهات الحديثة في التعليم، أبرزت أهمية ترخيص المعلمين في ميادين العلم، لاسيما أن بات لهم أدوار شتى في تعليم الطالب ووسائل تأهيله وإعداده للمستقبل، مما يتطلب منهم تطوير أدائهم والاطّلاع والقراءة المستمرة لمتابعة المستجدات التربوية الحديثة، وتطوير إمكاناتهم ومهاراتهم المهنية والتركيز على الاطّلاع على البحوث التربوية، وعدم الاكتفاء بالجانب النظري خاصة مع تسارع المستجدات العلمية وتطور التقنيات الحديثة وظهور الكتاب والفصل الذكي والمنهج التكنولوجي. وأفاد أن وزارة التربية والتعليم، تركز في المرحلة المقبلة على اختيار أفضل العناصر التربوية التي تتمتع بقدرات ومهارات القرن الحادي والعشرين، القادرة على الإبداع والابتكار، ومواكبة الاتجاهات التربوية الحديثة في المواد العلمية كافة، لاسيما المواد الأساسية، معتبراً أن الاختبار التجريبي الذي أعدته الوزارة ل 100 معلم في الميدان خطوة جادة نحو تفعيل المشروع والوقوف على مدى إيجابية تلك المرحلة، والوقوف على نقاط القوة ومعالجة مواطن الضعف تمهيداً لمنح الترخيص للمعلمين في الميدان. حجر الزاوية من جانبها ترى التربوية سمر أبو مرسة، أن المعلم يعتبر حجر الزاوية، في أي مسعى لإصلاح وتطوير التعليم، ولذا فإن برنامج إعداده يجب أن يكون مستمراً، وفق المتغيرات الحديثة، معتبرة أن ترخيص المعلم يعد ترجمة واضحة لتمهين التعليم، الذي يعتبر مهنة كغيرها من المهن التي تتطلب الاعتراف ووجود المعايير والشروط اللازمة لممارستها والاستمرار فيها وتقديم الكفايات الأساسية لها والضوابط المناسبة لسلوكها وأخلاقها.وأضافت أن ترخيص المعلم يغير النظرة السلبية السائدة في بعض المجتمعات بأن التعليم مهنة من لا مهنة له، فالمعلم المهني يقوم بدور المشخص للتعليم للتعرف على الصعوبات التعليمية التي تعوق الطلاب عن التعليم، ويعمل على معالجتها ومرجعيته في ذلك خلفيته العلمية في الجوانب الأكاديمية والتربوية والثقافية، إذ يسعى دائماً لتجديد معرفته وتنمية استعمال وسائل التعليم ووسائل الاتصال والتقنيات المتصلة بها واهتمامه المتواصل بالتغير الذي يحدث في بيئته التربوية. المعارف والمهارات أما أسماء دحبور مديرة مدرسة الخليج العالمية، فترى أن ترخيص المعلم يهدف إلى الارتقاء بالتعليم، وجعله مهنة واضحة المعالم، ويشكل الأساس المناسب لعمليات إصلاح وتطوير عملية التعليم والتعلم، إذ إنه يشكل ضابطاً للنوعية في برامج تربية المتعلمين، لاسيما أن نتائج الدراسات العالمية أثبت أن المعلمين الذين يتم اختيارهم باستخدام اختبارات الترخيص لمزاولة مهنة التدريس، أفضل من المعلمين الذين تم اختيارهم بالمؤهلات العلمية أو بعدد سنوات الخبرة، فالترخيص آلية يضمن من خلالها النظام التعليمي امتلاك المعلمين، للقدر الأساسي من المعارف والمهارات الفنية المطلوبة للتعيين في الوظيفة أو الاستمرار في شغلها. وأكدت أن الاهتمام بالمعلم يؤكد ضرورة التركيز على اختياره وإعداده، وتدريبه، فمعيار المسؤولية في تكوين المهنة، يقوم على شرطين: الأول حرية المهنة، والثاني تقنين ظروف العمل نفسها، وما يتطلبه هذا التقنين من إصدار تشريعات تحدد مسؤولية المعلم. من جانبها قالت التربوية إيمان غالب إن نظام المساءلة القائمة على أداء المعلم في الآونة الأخيرة، يشكل اهتماماً كبيراً بين المجتمعات وميادين العلم، إذ يقدم النظام، المعرفة البنائية التي يتم على أساسها تحسين جودة أداء المعلم، في برامج كليات التربية، ليتم اختباره بعد ذلك، ولا يمنح رخصة لمزاولة مهنة التعليم، إلا إذا نجح في هذا الاختبار، وهذا يعني أن درجة البكالوريوس لا تكفي لأن يمارس المعلم مهنة التدريس، بل يجب اجتيازه اختبارات رخصة التعليم. وأكدت أهمية استمرارية التعلم في تنمية وتطوير مهاراته المهنية ومواكبة المتغيرات الحديثة المتسارعة في التعليم عالمياً، حتى بعد نجاحه وحصوله على رخصة ممارسة التعليم ومزاولته للمهنة، عليه التركيز على نتائج اختبارات قياس الكفاءة في المادة التي يدرسها. تجربة اليابان اليابان من الدول التي يحتل فيها المعلم مكانة مرموقة مادياً واجتماعياً ولا يُعيّن المعلم في اليابان في جميع المراحل التعليمية، إلاّ بعد حصوله على الدرجة الجامعية الأولى كمتطلب أساسي لممارسة مهنة التعليم، ويتم تعيين المعلم في مدخل الخدمة بصورة مؤقتة لمدة عام دراسي واحد، يرافقه خلال هذه الفترة معلم المادة الأساسي لمتابعته وإرشاده أثناء قيامه بتدريس المادة وبناء على تقرير إيجابي من معلم المادة الأساسي عن أداء المعلم الجديد يتم ترشيحه للجلوس لاختبار وطني لمزاولة مهنة التدريس«رخصة المعلم». 50 معياراً في المملكة وضعت هيئة تقويم التعليم العام في المملكة العربية السعودية، 50 معيارًا لحصول المعلمين والمعلمات على رخصة مزاولة المهنة، والتي يجب توفرها في جميع المعلمين على رأس العمل من أجل الارتقاء بأداء المعلمين والمعلمات، مما سينعكس أثره الإيجابي على التعليم العام في جميع المراحل، ويتم إخضاعهم إلى اختبارات دورية ودورات مكثفة قبل الحصول على رخصة مزاولة المهنة من أجل التأكد من توفر المعايير المطلوبة. تطبيق المشروع تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أوائل الدول التي طبقت مشروع رخصة المعلم في العام 1987 وطبقت نظام الاعتماد المهني للمعلم في جميع ولاياتها، وباتت رخصة التعليم شرطاً لازماً لكل معلم للسماح له بممارسة مهنة التعليم. ويعتقد الكثير من المربين أن هذا الإجراء أسهم بفاعلية في تعزيز مكانة التعليم في أمريكا، وجعلها تحافظ على هيبتها التنظيمية والعلمية والاجتماعية والثقافية والعسكرية. 4 معاييـر موحّــدة للمعلميـن تتضمـن 14 عنصـراً اعتمدت وزارة التربية، أربعة معايير موحّدة للمعلمين في الإمارات، تتضمن 14 عنصراً و42 معياراً، بالإضافة إلى 99 مؤشراً للأداء، من أجل بناء نظام تعليمي متميز، يؤكد أن المعلمين على اختلاف مستوياتهم الوظيفية، لديهم كفاءات مهنية تنسجم مع أهداف رؤية الدولة 2021 وأفضل الممارسات الدولية.وجاء المعيار الأول يحمل عنوان«السلوك المهني والأخلاقي»، حيث ينبغي أن يُظهر المعلم الالتزام بالقيم التراثية والثقافية للدولة، ويتمثل شخصياً ومهنياً بسلوكيات وأخلاقيات قائمة على النزاهة والاحترام والعدالة والالتزام، وبناء أواصر التعاون والتواصل مع جميع الأطراف المعنية على أسس مهنية تضمن دعم التعلم وتعزيزه. وركز المعيار الثاني على «المعرفة المهنية»، إذ ينبغي أن يدرك المدرس التعلم وكيفية تنميته في سياق الإدراك الكامل لحقيقة تنوع خصائص المتعلمين واحتياجاتهم، ويفهم ويطبق محتوى المنهاج التعليمي في الجوانب التي تقع ضمن نطاق الاختصاص والمسؤولية، فضلاً عن تطبيق المنهجيات التربوية والتعليمية والقيم الثقافية والسياسات. جاء المعيار الثالث يحاكي «الممارسات المهنية»، حيث يتم التركيز على إيجاد بيئات تعلم آمنة وداعمة ومحفّزة للمتعلمين، ويخطط المعلم لتدريس فعّال يضع المتعلم في محور العملية التعليمية،من خلال خصائص واحتياجات كل متعلم، ويُوظف التّقنية بأساليب مبتكرة، مع تطبيق أساليب تقييم متنوعة تدعم عملية التدريس.وأكد المعيار الرابع أهمية «التطوير المهني»، حيث ينبغي على المعلم أن يتحمل مسؤولية التطوير المهني الذاتي من خلال ممارسة التفكر في مستوى الأداء، ويحدد الجوانب التي تحتاج إلى تطوير ويخطط ويشارك في التطوير المهني، ويُقيّم أثره على عملية التّدريس والتّعلم. وأفادت الوزارة خلال تعميمها على مدارس المستهدفين التي تضم 100 معلم ومعلمة تم ترشيحهم للاختبار التجريبي، والذي حصلت «الخليج» على نسخة منه، أن المشاركة في الاختبار لا يترتب عليها أي قرار سويّ، إذ إن نتائج المرحلة التجريبية، تساعد في الوقوف على مدى فعلية مشروع الترخيص، وتقدم التغذية الراجعة للتحقق من فاعلية مجالات التجريب، وترابطها وقابليتها للتطبيق، ومعرفة مواطن القوة، وتحديد مجالات التحسين و مواجهة التحديات قبل التطبيق الفعلي لمشروع ترخيص المعلمين، فضلاً عن منح المشاركين شهادات المشاركة في المرحلة التجريبية للترخيص.
مشاركة :