إعداد:عبير حسين تنضم ذاكرة اليوم إلى ملايين المحتفين حول العالم بذكرى ميلاد شاعر الهند وفيلسوفها روبندرونات طاغور فيلسوف الحب والجمال الذي أبصر النور في مثل هذا اليوم من العام 1861. أكثر من قرن ونصف على ميلاد الفيلسوف الذي آمن بالخير الكامن في نفس الإنسان،وبنى فلسفته الخاصة على ان الحب هو بداية المعرفة، وكلما تراكمت الأعوام عقداً بعد الآخر يتأكد حضور طاغور أكثر فأكثر ليصبح «ظاهرة انسانية» عصية على النسيان، ولتبقى مقولته الشهيرة «ان كان نور الشمس يفتح باب الكون، فإن نور الحب يفتح كنوز العالم»، نافذة أمل يطل منها العالم منتظراً انتصار الخير وشفاء الألم.عاش طاغور كل حياته رحل عن عمر ناهز الثمانين مؤمنا بالانسان والحب والجمال، بنى ثقته بالإنسان على تطور وعيه، وتحقيق طاقاته. لم يعتره اليأس يوماً على الرغم من الأحداث الجسام التي عاصرها طوال حياته خاصة شهادته لحربين عالميتين هددتا كل القيم التي كان يؤمن بها، لكنه تمسك بإيمانه الكامل بأن الغد لابد أن يأتي حاملاً الخير والحق والسلام، وتجلى ذلك في رسالته الأخيرة التي قال فيها «مهما يكن من شيء فاني لن ارتكب الخطيئة الخطيرة: خطيئة فقدان الايمان بالانسان، أو الاذعان للهزيمة التي حاقت بنا في الوقت الحاضر على اعتبارها نهائية وحاسمة، بل سأظل اتطلع بأمل إلى تحول في مجرى التاريخ بعد ان تزول هذه الغمة الجاثمة، وتصفو السماء ثانية، وربما بزغ الفجر الجديد من افقنا هذا، افق الشرق، حيث تشرق الشمس. وعندئذ تهب روح الانسان لتقوده من جديد إلى طريقه، طريق التقدم رغم كل العوائق، ليسترد تراثه الضائع».ينتمي طاغور إلى أسرة بنغالية ميسورة، كان جده دوار كانات رائداً من رواد حركة النهضة البنغالية التي سعت إلى الربط بين الثقافة الهندية التقليدية والأفكار الغربية، وكان والده مصلحاً اجتماعياً ومفكراً سياسياً معروفاً، أما والدته سارادا ديفي فأنجبت 12 ولداً وبنتاً قبل ان ترزق بطاغور أصغر أشقائه الذين عرفوا جميعهم بتفوقهم العلمي والأدبي إلى جانب مساهماتهم الثرية في إغناء الثقافة والأدب والموسيقى البنغالية، وان كان طاغور هو الذي اكتسب شهرة واسعة كفيلسوف وشاعر لغزارة انتاجه إلى جانب فوزه بجائزة نوبل في الآداب عام 1913 عن روايته «البيت والعالم». حصل طاغور على تعليم منزلي راق فدرس التاريخ والعلوم الحديثة وعلم الفلك واللغة، وأظهر اهتماماً خاصاً بالطبيعة منذ صغره التي تحولت لتصبح مصدر الهامه الأول، وبعد بلوغه الثامنة عشرة أرسله والده إلى إنجلترا لدراسة الحقوق، الا انه انقطع عن الدراسة بعدما فتر اهتمامه بها، وعاد إلى كلكتا دون نيل شهادته الجامعية.تعددت محطات الألم في حياة الشاعر، كان أولها فقدان والدته ولم يتجاوز السابعة حيث كانت تربطه بها علاقة وجدانية خاصة بدت واضحة في رثائه لها قائلاً «سأنظم بدموعي عقوداً أزين بها عنقك يا أمي.. انطفأ المصباح الذي كان ينير ظلماتي». توالت المآسي بعد ذلك عليه وكان أقساها فقدانه زوجته بالعام 1902، وإثر ذلك فجع بابنته الكبرى 1904، ووالده 1905 ثم ابنه الصغير 1907. يزخر ميراث طاغور بفيض من آلاف الأبيات الشعرية والقصص والمسرحيات والمقالات والكتب والموسيقى وصولاً إلى الرسم.
مشاركة :