الأتراك يلجأون للاتحاد الأوروبي لإنقاذ البقلاوة.. تاريخ الحلويات الشرقية من كنافة معاوية إلى أم علي المصرية

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تزيِّن موائدنا في المناسبات، سواء في الأعياد والمناسبات، لكننا لا نعرف تاريخها وقصصها. تشكلت مجموعة من الحلويات في عصور مختلفة، وكانت في بعض الأزمنة لا تزين سوى موائد الأمراء والأغنياء فقط. اختلفت في مسمياتها، وتميزت في طرق صنعها، والإبداع فيها بأشكال مختلفة.الكنافة راعية الملوك اشتقت من كلمة الكنف، وهو الرعاية والصون. أما تاريخ ظهورها، فاختلف المؤرخون فيما بين العصر الأموي والفاطمي والمملوكي. ومن الأحداث التي سجلت عنها في التاريخ، أنها صنعت للخليفة معاوية بن أبي سفيان بالشام، وذلك في رمضان؛ لاحتياجه كثيراً من السكريات إثر مشقة الصوم عليه، وجوعه الشديد في نهار رمضان؛ فجعلها السحور الأساسي له، ولذلك سميت "كنافة معاوية". برع في صناعة الكنافة العرب كافة، وكانت حكراً على الملوك والأمراء، ثم نزلت لعامة الشعب. ظهرت طريقتان للحصول على الكنافة، إما الكنافة المصنوعة يدوياً أو آلياً، وتتكون الكنافة من عجين سائل يرش على صفيح ساخن، يكون خيوطاً، ما إن تتماسك حتى تكون الكنافة، التي بدورها تدخل في أنواع وأشكال مختلفة. في مصر، يفركون الكنافة بالسمن الدافئ والسكر، وترص في صينية من طبقتين تتوسطهما المكسرات، وكل حسب مقدرته؛ فمنهم من يضع الجوز المحمص أو الفول السوداني المحمص غير المملح مع جوز الهند والزبيب، وتوضع في الفرن، وعندما تخرج يرش عليها القطر أو الشربات (سكر وماء يتم غليها)، بالإضافة إلى رشة بسيطة من عصير الليمون أو الفانيليا. وفي السنوات الأخيرة، ظهرت أشكال جديدة للكنافة في مصر، مثل الكنافة بالمانجو، والكنافة بالشوكولاتة، وغيرها من الأشكال المختلفة، لكن تظل الكنافة بالسمن والسكر هي الطعم الأصلي لها. في الشام وفلسطين، تعددت الأشكال والنكهات، وكانت الأكثر انتشاراً في الخليج، مثل الكنافة بالقشطة، والكنافة بالجبن، والمبرومة، وعش البلبل بالفستق الحلبي. ومن أشهر أنواع الكنافة الشامية، النابلسية، نسبة لمدينة نابلس بفلسطين، وتحشى بالجبن النابلسي المميز، الذي يتكون من حليب الأبقار والعنزات، فينتج خليط ليس له مذاق مالح، ومع إضافة القطر، تتشرب الكنافة والجبن بالقطر. ويرجع سر حشوة الكنافة بالجبن لعدم توافر المكسرات الأخرى، فكان نوع الجبن غير المملح هو البديل، لكنه صار الأشهى في بلاد كثيرة.القطايف.. من يقطفها يسعد لم تشارك القطايف الكنافة على الموائد في رمضان بمجتمعاتنا العربية فقط، لكن يرجح كثير ظهورهما في نفس العصر، فبرزت واشتهرت أكثر في العصر المملوكي، فتفنن فيها الطهاة. وهي تشبه الفطائر، لكن صغيرة الحجم، وتُحشى بالمكسرات، وتسقى بالقطر، الذي يكون بارداً وهي ساخنة. أما سبب التسمية، فيعتقد بعضهم بأنها تشبه في الملمس قماش القطيفة، أما الاعتقاد الآخر فهو أنها في العصر المملوكي سميت فطيرة القطف، ثم عُدلت للقطايف. أشهر أنواع القطايف الحمامي والعصافيري، وكلاهما العجينة نفسها، لكن تختلف في الحجم فقط؛ فالعصافيري أصغر حجماً، وغالبا تحشى بالكريمة، ويرش عليها فستق مجروش (مطحون).البقلاوة.. تركية أم قبرصية ولكن الأصل آشورية ، كلمة تركية، يرجع أصلها لكلمتين، "بق" و"لاوة"؛ فيذكر عن زوجة سلطان عثماني، تدعى "لاوة"، أنها صنعتها فقيل بقلاوة، ف"باك" معناها بالتركية انظر، أي "انظر ماذا فعلت لاوة". أما أصلها، فيرجع لما قبل الميلاد في حقبة العصر الآشوري، فكانت توضع طبقات من عجين الخبز مع المكسرات، أو الفواكه المجففة والعسل، وتعتبر بقلاوة بدائية. ثم ظهرت واشتهرت في المطبخ العثماني، وأنها كانت توزع في الاحتفالات الدينية والسياسية. في القرن السابع عشر، كان يوجد "موكب البقلاوة"، الذي يخرج فيه الجنود الانكشاريون حاملين صواني البقلاوة من قصر السلطان إلى سكناتهم، ولكل عشرة جنود صينية من البقلاوة. أما في قبرص، فيرجع تاريخها إلى المطبخ اليوناني، وهم من اخترعوا عجينة الفيلو، أو ما نعرفه بالجلاش (العجينة المورقة)، وفيلو تعني ورقة الشجر باليونانية. وكان يصنع اليونان مزيجاً من السمسم والمكسرات والعسل المغلي؛ لعمل عجينة رفيعة بين طبقات الفيلو. تتلخص اختلافات البقلاوة من بلد لآخر في الحشوة وعدد الطبقات، تحشى البقلاوة القبرصية باللوز والجوز "عين الجمل"، مع القرفة والقرنفل المطحون، ويكون شرابها من العسل، وأحياناً يضاف عصير البرتقال مع العسل؛ لتعزيز النكهة، أما عدد طبقاتها فيكون 33 طبقة رمزاً لعمر المسيح. أما البقلاوة التركية، فاختلفت وتنوعت حشوتها بين الفستق الأخضر والجوز واللوز، ويكون شرابها القطر أو العسل، ويضيف لها العرب أحياناً ماء الورد؛ لتعزيز النكهة. ولكن طبقات البقلاوة التركية 40 طبقة، ويستهلك منها الأتراك ألفي طن في عيد الفطر. يعتبر الأتراك البقلاوة جزءاً من تراثهم، فعندما وضعت ملصقات عن البقلاوة بأنها الطبق الوطني لقبرص سنة 2006، اندلعت المظاهرات، ولجأ الأتراك للاتحاد الأوروبي ببروكسل، لإثبات أن أصلها تركي. وفي خضم النزاعات، أوضح رئيس جمعية الطهاة القبرصي أن المطبخ التركي أصله مطبخ بيزنطي، وقال "أنا شخصياً أعتقد أن البقلاوة هي حلوى تقدم في تركيا، لكن لا تستطيع تركيا أن تزعم أنها تملك البقلاوة فهي تصنع في العراق ولبنان والأردن وسوريا وعدد من دول المنطقة". وفي مجتمعنا العربي اشتهر بها وأبدع فيها وأضاف لها المطبخ السوري واللبناني؛ بطرق لفها وحشوها، وتنوع نكهات القطر لها.البسبوسة أو النمورة.. اختلفت الأسماء والطعم واحد يرجع سبب تسميتهاللفعل "بس" (دعك)، وتم خلط السمن مع الطحين، وتتكون البسبوسة من الطحين والسمن والسميد الناعم أو دقيق السيمولينا، وتزين بحبات اللوز المقشور، أو تحشى بالكريمة، وبعد خروجها يرش عليها العسل أو القطر، أما النمورة فهو اسمها اللبناني، وفي الخليج العربي يضيفون لها حشوة أخرى ومميزة وهي حشوة التمر الغنية بالطعم والفوائد.أم علي.. بمناسبة مقتل شجرة الدر تنوعت الحلويات ومناسباتها، ولكن أغرب قصص الحلوى الشرقية، ، التي ترجع للعصر المملوكي، أما اسمها فنسبة لزوجة عز الدين أيبك، وترجع القصة لزواج شجرة الدر من عز الدين أيبك، رداً على الخلفاء العباسيين في بغداد، بعد أن أقروا عدم صلاحية المرأة خليفة للمسلمين؛ لكنها اشترطت على عز الدين أيبك تطليق زوجته "أم علي"، حتى لا يرث الابن الحكم عن أبيه. وعندما جردها أيبك تدريجياً من صلاحيتها، وأرجع زوجته السابقة لعصمته، جن جنون شجرة الدر؛ ما دفعها لقتله بطريقة مهينة، وعندما علم ابنه علي بذلك، سلمها إلى أمه التي أمرت خادماتها بقتلها بالقباقيب، وعقب موتها أمرت بصنع تلك الحلوى، التي كانت مشهورة في البلاد، عقب حفلات الشواء، لكن أم علي قدمتها لمناسبة أخرى، وهي مقتل ضرتها، وأطلق اسمها على تلك الحلوى الشهيرة. أما عن طريقتها، فتكون طبقات من العجين الرفيع، سواء جلاش أو بيف باستري (عجينة من أوراق الجلاش الخفيفة) محمص في الفرن بالزبدة أو السمن، ثم يغلى كل من اللبن والكريمة والسكر والزبدة ويضاف إلي البيف باستري المحمص مع المكسرات والزبيب وجوز الهند، ثم يرجع الخليط إلى الفرن مرة أخرى، حتى يتجانس الخليط.لقمة القاضي أو أذنا القاضي؟ يرجع تاريخ ظهورها إلى العهد العباسي، ويقال أنها سميت أذني القاضي؛ لأنها على شكل أذنين كبيرتين، وهو ما يجب أن يكون عليه القاضي حتى يسمع أكثر، وسميت في العصر العثماني عوامة؛ نظراً لخفتها أثناء التحمير، فكانت تعوم على الزيت وهي تقلى، ولها أسماء أخرى، مثل الزلابية واللقيمات. وتكون عجينة لينة جداً، تحتوي على الطحين والخميرة والنشا وماء للعجن، وبعد الخلط تنزل في زيت ساخن للقلية، وتقطع على شكل كور صغيرة. وبمجرد خروجها، يبدع كل بلد في تقديمها؛ ففي الدول العربية وتركيا ترش بالسكر البودرة، أو بالعسل، أو تنزل في القِطر، وتخرج سريعاً، أما باليونان فتقدم مع الآيس كريم بالمستكة، أو ترش بالقرفة والسكر، وهي طبق شعبي جداً ومحبب إليهم.

مشاركة :