باريس – يتطلع المرشح الوسطي لانتخابات الرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون الأحد الى كتلة كبيرة من الناخبين الذين لا يؤيدونه بقدر ما يعارضون وصول زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى الإليزيه. وفي حين ترجح استطلاعات الرأي فوز ماكرون بفارق كبير، لا يزال استفتاء الخروج البريطاني من أوروبا وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، حاضرَين في الأذهان. وتجنبا لمفاجأة مماثلة، سيكون على معارضي لوبن من اليمين واليسار التصويت لماكرون، وهم على الاقل الذين صوتوا ضده في الدورة الأولى من الانتخابات. وقال مراقبون ان هذا "التصويت التكتيكي" سيشكل عاملا حاسما لفوز ماكرون في مواجهة احتمالات الامتناع عن الاقتراع او "الاوراق البيضاء"، وهو ما يمكن ان يصب في صالح مرشحة اليمين المتطرف. وعادة ما يتم اتباع التصويت التكتيكي في الدورة الأولى من الانتخابات لكن وصول لوبن الى الدورة الثانية، جعل من التصويت لماكرون الليبرالي خيارا وحيدا لتلافي وصول لوبن المناهضة للهجرة والاتحاد الاوروبي والعولمة إلى سدة الرئاسة الفرنسية في سابقة تاريخية. وتتميز هذه الانتخابات بأنه ولأول مرة منذ قرابة ستين عاما يغيب اليسار واليمين التقليديان ممثلان بالحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري عن الدورة الثانية. وتنادى اليمين واليسار بعد الدورة الأولى للاصطفاف خلف ماكرون وسد الطريق على الجبهة الوطنية في غياب تعبئة شعبية وعدم وضوح موقف اليسار الراديكالي الذي يرفض بعض المنتمين إليه الاختيار "بين الطاعون والكوليرا". وبعد تصدره الدولة الأولى، تتوقع استطلاعات الرأي فوز ماكرون (39 عاما) وهو وزير سابق للاقتصاد في الدورة الثانية بما بين 61.5 و63%. أما لوبن (48 عاما) المعارضة للهجرة وللعولمة فيتوقع أن تحصل على ما بين 37 و38.5%. ويؤكد المرشحان انهما يمثلان التجديد لكن في حين يدافع ماكرون عن حرية التجارة وتعميق الاندماج الأوروبي، تدين لوبن "العولمة المتوحشة" والهجرة وتدافع عن سياسة "حمائية ذكية". وفي مفاجأة شغلت فرنسا عشية الانتخابات، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي عشرات آلاف الوثائق الداخلية لفريق ماكرون عبر رابط نشره موقع ويكيليكس وروجه اليمين المتطرف عبر تويتر. ودعت اللجنة الانتخابية وسائل الإعلام إلى الامتناع عن إعادة نشر الوثائق التي قالت انه تم الحصول عليها بطريقة الاحتيال وأضيفت إليها معلومات كاذبة. وصرح فلوريان فيليبو، نائب رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، عبر موقع تويتر إلى أن التسريبات قد تتضمن معلومات حاولت وسائل الإعلام طمسها. وخلال مناظرة تلفزيونية حامية الأربعاء، كررت لوبن اتهامات لا مصادر لها انتشرت على الانترنت تفيد بأن لمنافسها حسابا مصرفيا في جزر الباهاماس، ما دفع الأخير إلى رفع دعوى قضائية لتعرضه للتشهير. واكد حزب ماكرون "الى الامام!" في بيان ان الوثائق التي تمت قرصنتها رسائل الكترونية "او وثائق مالية" وكلها "شرعية" لكن اضيفت اليها "وثائق مزورة لاثارة الشكوك والتضليل". وتنظم الدورة الثانية وسط إجراءات أمنية مشددة مع نشر نحو 50 ألف شرطي ودركي وجندي في ظل حالة الطوارئ السارية منذ 2015 والاعتداءات الجهادية التي اوقعت 239 قتيلا في فرنسا. وربما تفادت فرنسا اعتداء جديدا مع الاعلان عن اعتقال متطرف بايع تنظيم الدولة الإسلامية قرب قاعدة عسكرية جوية في ايفرو (حوالي مئة كلم شمال غرب باريس) كان يخضع منذ 2014 للمراقبة بسبب تطرفه. ومساء 20 نيسان/أبريل، أي قبل ثلاثة أيام من الجولة الأولى من الانتخابات، قتل شرطي في جادة الشانزيليزيه في باريس وتبنى الاعتداء تنظيم الدولة الإسلامية المسؤول عن معظم الهجمات التي اوقعت 239 قتيلا في البلاد منذ كانون الثاني/يناير 2015.
مشاركة :