أصبح جراج لسيارات أكاديمية شرطة الغابات الإيطالية في مدينة سيتادوكالي (نحو 90 كيلومتراً من شمال شرقي روما) واحداً من أماكن تخزين أربعة لما يمكن أن تكون أكبر عملية إنقاذ في العالم للأعمال التراثية الفنية المتضررة، وذلك بقيادة خبراء يقومون بالبحث بين الأنقاض التي تخلفت عن زلزالين ضربا وسط إيطاليا في أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، ودمرا بلدات بأكملها وقتلا 299 شخصاً.ويقول فابيو كارابيتزا جوتوسو، مسؤول العمليات بوزارة الثقافة الإيطالية، الذي أشرف على تدخلات مماثلة بعد زلزالين إيطاليين سابقين في لاكويلا وأسيزي: «الأمر يشبه تماماً عملية إنقاذ طبية». وتقوم فرق الخبراء، بقيادة عالم آثار وبمساعدة رجال الإطفاء، بتمشيط الكنائس والمتاحف وغيرها من المباني المهمة التي دمرت جزئياً من أجل البحث عن الأعمال التراثية الفنية والتحقق منها. وتصنف الفئات الأكثر عرضة للخطر من تلك الأعمال بوضع علامة حمراء كرمز للدلالة عليها، بينما يتم تصنيف الأعمال التراثية الفنية التي هي في حالة أفضل بعلامات صفراء وخضراء.ويقول كارابيتزا جوتوسو: «لقد قمنا حتى الآن بتصنيف 16111 قطعة». وأضاف: «لا تزال هناك عشرات الآلاف من (القطع الأخرى) يتعين علينا العثور عليها»، موضحاً أنه لم يتم أخذ كل شيء للاحتفاظ به في أماكن آمنة وأن اختيار ما يتم إنقاذه غالباً ما يكون «قراراً رهيباً».وتعد سيتادوكالي موقعاً لاستقبال القطع التراثية الفنية التي يتم انتشالها من أماتريس وأكومولي، وهما من البلديات الأكثر تضرراً من الزلازل. ويجري تخزين الأعمال الفنية من المناطق المتضررة الأخرى - في أومبريا وأبروتسو وماركي - في 3 مستودعات أخرى.ووجدت نحو 3000 قطعة من القطع التراثية الفنية التي تحمل سمات دينية، في الغالب، مأوى لها داخل جراج السيارات، حيث تم استيعابها في هيكل متعدد الطوابق مصنوع من السقالات التي تم نصبها وبصورة مقصودة على شكل كنيسة، وذلك وفقاً لما ذكرته مديرة الموقع كريستينا كوليتيني.وقد تم تزيين ممر مركزي، محاط بالتماثيل واللوحات الدينية، في الطرف البعيد مع هيكل كنسي أنقذ في مارس (آذار) من كنيسة في سان لورينزو آبيناكو، وهي واحدة من أكثر من 60 قرية تنتشر حول أماتريس.وتعود تواريخ القطع التراثية الفنية التي تم انتشالها إلى الفترة من القرن الرابع عشر إلى القرن العشرين، بما في ذلك أعمال لرسامين صغار يعودون إلى عصر النهضة. ولكن عدم وجود فنانين كبار لا يهم، ولا يتم ادخار أي جهد لإنقاذ القطع الفنية.وتظهر سيلفيا بورجيني، وهي عالمة آثار أخرى، صندوقاً من الأنقاض التي تم انتشالها من كنيسة متهالكة، حيث تتمثل وظيفتها في التقاط أجزاء اللوحات الجدارية المدمرة التي قد يتم تجميعها يوماً ما مرة أخرى. وتقول بورجيني بينما تعلو شفتيها ابتسامة: «الأمر مثل أحجية عملاقة للصور المقطوعة».وفي سيتادوكالي، فإن الخطوة التالية تتمثل في افتتاح مختبر، ومن المتوقع أن يتم ذلك في الأشهر المقبلة، لبدء أعمال ترميم القطع الأكثر تضرراً - وهي مهمة شاقة يقول موظفو الوزارة عنها إنهم حريصون على خوضها.ويتم أيضاً عرض العشرات من أجراس الكنائس. ويقول كارابيتزا جوتوسو إن السلطات أعادت أقصى عدد ممكن من تلك الأجراس إلى العمل مجدداً، وربطتها بأبراج مؤقتة مصنوعة من السقالات، في محاولة لاستعادة مظاهر الحياة اليومية في القرى التي ضربتها الزلازل.وكان التفاوض حول الأمور الحساسة محلياً يمثل مصدر قلق كبيراً. وتقول فيديريكا دي نابولي رامبولا، عالمة الآثار المسؤولة عن استعادة الأعمال الفنية من أماتريس وأكومولي، إن بعض الأشخاص رفضوا في البداية التعاون معها.وأضافت: «كانوا لا يريدون تسليم أي شيء، كانوا يخشون من عدم رؤية هذه الأعمال التراثية الفنية مرة أخرى، وكان الأمر يستغرق 30 دقيقة لإقناعهم من جانب كاهن، و30 دقيقة (أخرى) من جانب قائد شرطة الدرك (كارابينيري) و30 دقيقة (ثالثة) مني لكي يتم السماح بإخراج (تلك القطع)».وفي العام الماضي، تعهد رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي «بإعادة بناء كل شيء»، ولكن من المتوقع أن تكون التكلفة باهظة - وذكر كارابيتزا جوتوسو رقماً يزيد على 20 مليار يورو، ومن المحتمل أن يستغرق العمل بين 10 و15 عاماً.
مشاركة :