طارق العلي فنان صنع لنفسه تاريخا فنيا جميلا وملهما، وارتبط بالمسرح بشكل استثنائي، ليصنف كحالة فريدة في الخليج، وربما الوطن العربي، كأكثر ممثل وقف على الخشبة، وقد لا تتفاجأ لو عرفت أنه شارك في 36 مسرحية منذ عام 1993، من بينها نحو 10 مسرحيات من بطولته، إلى جانب 44 عملا تلفزيونيا، وربما هو الممثل الخليجي الوحيد الذي اقتحم عوالم السينما أخيرا وخرج بفيلمين، لم يلقيا الرواج الجيد لكنهما يبقيان تجربة. كل هذا التاريخ الممتد من العطاء والإبداع من الممكن ألا يشفع له عند محبيه، حين تصل المسألة إلى الجانب الإنساني والقفز عليه، وحين يشاهده الناس وهو يمارس أنواعا من الفوقية والتمادي والتجاوز على حساب زملائه الفنانين، فالفنان مهما فعل يبقى في عين الجمهور قيمة أخلاقية، متى ما تشوهت تنتهي وكأنها لم تكن. ولو كان طارق أسهم في خروج عدد كبير من الفنانين أو ساعدهم في الظهور كممثلين، فهذا لا يمنحه الحق في أن يؤذيهم نفسيا أو معنويا، متى ما اختلف معهم، وليس من حقه أصلا أن يردد مع كل واردة وشاردة أنه هو من عبد لهم طريق الشهرة، لأنه لم يكن سوى أداة سهلت لهم الطريق الذي كانوا يسلكونه وسيصلون به أو بدونه. مسرحيات طارق العلي الأخيرة تشي بوقوعه تماما في شرك ذلك الغرور المفضوح، ولو جاء على هيئة "كوميديا"، فهو يحضر عددا من الممثلين، خصيصا لكي يجعل منهم أضحوكة أمام الجمهور ويمارس بحقهم التعنيف اللفظي والجسدي والضرب والتنكيل ووضعهم في مواقف محرجة. البعض يضحك على الموقف حين يشاهد البطل طارق وهو يصفع الممثل الفلاني على وجهه أو "قفاه"، ولكنه لا يلبث إلا أن يبدأ بالسؤال، كيف يسمح الممثل الفلاني لأحد أن يضربه هكذا؟ ثم يتطور السؤال، كيف يفعل طارق هذا بزملائه، ومن أعطاه الحق، وهل هذا تمثيل أم سخافة؟
مشاركة :