(أ ف ب) - خرج مئات المقاتلين المعارضين والمدنيين الاثنين من حي برزة الواقع في شمال دمشق، في أول عملية اجلاء للفصائل المعارضة من العاصمة السورية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام.وتزامنت عملية بدء اجلاء السكان مع اعلان واشنطن الاثنين انها تدرس بعناية اقتراح اقامة مناطق "تخفيف التصعيد" الذي نصت عليه مذكرة استانا، وذلك قبل يومين من لقاء مرتقب بين وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون ونظيره الروسي سيرغي لافروف في واشنطن.في دمشق، خرج الاثنين 1022 شخصا، بينهم 568 مقاتلا معارضا بالاضافة الى افراد من عائلاتهم في اطار الدفعة الاولى من عملية اجلاء السكان من حي برزة، وفق ما نقل التلفزيون السوري الرسمي عن محافظ دمشق.وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان ان حافلات اقلت المقاتلين وعائلاتهم ومدنيين راغبين في الخروج في طريقها الى محافظة ادلب (شمال غرب)، التي يسيطر عليها تحالف فصائل اسلامية وجهادية.ومن المقرر استكمال عملية الاجلاء "على مدى خمسة ايام" على أن "تبدأ تسوية اوضاع الراغبين في البقاء في الحي"، بحسب الاعلام الرسمي.وتأتي عملية الاجلاء في إطار اتفاق تم التوصل اليه بين الحكومة السورية وأعيان في حي برزة، يقضي بخروج الراغبين من مقاتلي الفصائل المعارضة والمدنيين من الحي، وفق ما ذكر مصدر عسكري لفرانس برس الاحد.وشاهد مصور لفرانس برس في حي برزة مقاتلين يحملون سلاحهم الخفيف ونساء واطفال يقفون بالقرب من حقائبهم واكياسهم بانتظار الصعود على متن الحافلات.- "البديل في المصالحات" -وخلال مؤتمر صحافي في دمشق، اعتبر وزير الخارجية وليد المعلم ان المصالحات هي البديل عن العملية السياسية التي لم تفض الى أي تقدم خلال ست سنوات من النزاع.وقال المعلم "البديل الذي نسير به هو المصالحات الوطنية وسوريا تمد يديها لكل من يرغب في تسوية وضعهم بمن فيهم حملة السلاح".وأضاف "قد جرت مصالحات في مناطق عدة (...) واليوم بدأت مصالحة برزة ونأمل القابون تليها وهناك مخيم اليرموك الذي تجري حوارات بشأن تحقيق اخلائه من المسلحين".وتسيطر القوات الحكومية على كامل دمشق باستثناء ست مناطق، تسيطر فصائل معارضة واسلامية مع جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) على خمس منها، فيما تسيطر الاخيرة وكذلك تنظيم الدولة الاسلامية على اجزاء من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق.وشهد حي برزة معارك عنيفة بين الفصائل المعارضة والجيش السوري في العامين 2012 و2013 مع اتساع رقعة النزاع المسلح في سوريا، الى ان تم التوصل الى هدنة في العام 2014 حولته الى منطقة مصالحة.وتجري مفاوضات ايضا لاجلاء الفصائل المعارضة من حي القابون المجاور الذي يشهد تصعيداً عسكرياً ايضاً.وشهدت دمشق خلال الاشهر الماضية تصعيدا عسكريا في محيط الاحياء التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، وتمكن الجيش السوري في بداية نيسان/ابريل، بحسب المرصد، من محاصرة حي برزة وعزله عن باقي الاحياء الشرقية.وتشيد الحكومة السورية دائما باتفاقات المصالحة التي عادة ما تأتي بعد تصعيد عسكري وتنتهي بخروج الراغبين من المقاتلين المعارضين من مناطق كانوا يسيطرون عليها قبل ان يدخلها الجيش السوري، خاصة قرب دمشق.ويقول محللون ان الفصائل المعارضة خسرت فعليا دمشق، ولم يعد أمامها سوى خيار التسوية او الذهاب الى ادلب، التي تحولت الى وجهة لعشرات الالاف من المدنيين والمقاتلين الذين تم اجلاؤهم من بلدات كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة.وانتقدت الامم المتحدة عمليات الاجلاء التي تعتبرها المعارضة السورية "تهجيراً قسرياً"، وتتهم الحكومة السورية بالسعي الى احداث "تغيير ديموغرافي" في البلاد.- مشروع قرار روسي -وتأتي عملية اجلاء البرزة بعد يومين من بدء آلية تنفيذ اتفاق استانا حول انشاء "مناطق تخفيف التصعيد" في ثماني محافظات سورية تتواجد فيها الفصائل المعارضة.وقدمت روسيا مشروع قرار حول إنشاء "مناطق لتخفيف التصعيد" إلى مجلس الأمن لدولي لتعزيز الاتفاق الذي وقعته في استانا مع طهران وأنقرة، بحسب ما نقلت الوكالات الروسية عن المتحدث باسم البعثة الروسية في الأمم المتحدة فيودور سترجيجوفسكي.ومن المقرر ان يلتقي وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون نظيره الروسي سيرغي لافروف الاربعاء في واشنطن. ويعتزم تيلرسون وفق وزارة الدفاع الاميركية "بحث جهود تخفيف التصعيد، وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وتحديد مسار للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع".وقال وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس الاثنين للصحافيين لدى وصوله الى كوبنهاغن الاثنين "سننظر اذن في الاقتراح (مناطق تخفيف التصعيد) لنرى ما اذا كان قابلا للتنفيذ" مضيفا "هل يعطي هذا الاقتراح املا بوضع حد للحرب؟ علينا ان ندرس هذا الامر".وبحسب المذكرة، سيصار في مناطق تخفيف التصعيد الى "وقف اعمال العنف بين الاطراف المتنازعة بما في ذلك استخدام أي نوع من السلاح ويتضمن ذلك الدعم الجوي".واكدت دمشق على لسان المعلم الاثنين رفض اي "دور للامم المتحدة ولا لقوات دولية في مراقبة حسن تنفيذ المذكرة".وبحسب الاتفاق، تؤمن قوات من الدول الضامنة الحواجز ومراكز المراقبة وادارة "المناطق الامنية". كما من الممكن ان يتم "نشر اطراف اخرى في حال الضرورة"، وفق المذكرة.ويبدو هذا الاتفاق وفق محللين، بمثابة المحاولات الاكثر طموحاً لتسوية النزاع الذي تشهده سوريا منذ منتصف اذار/مارس 2011، واودى بأكثر من 320 الف شخص.
مشاركة :