انخفضت أسعار النفط أمس مبددة المكاسب التي حققتها في وقت سابق من الجلسة بعدما طغت الأدلة على ارتفاع نشاطات الحفر الأميركية على الحديث عن تمديد خفوضات المعروض لكبار مصدري «أوبك». وانخفض خام «برنت» 37 سنتاً إلى 48.73 دولار للبرميل، بعدما ارتفع لأعلى مستوى خلال الجلسة عند 49.92 دولار للبرميل في وقت سابق. ونزل الخام الأميركي الخفيف 30 سنتاً إلى 45.92 دولار للبرميل مقارنة بأعلى مستوى خلال الجلسة البالغ 46.98 دولار للبرميل. وأفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر في «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك) والقطاع، بأن المنظمة ومنتجين من خارجها يدرسون تمديد خفض إنتاج الخام العالمي لتسعة أشهر أو أكثر لتفادي زيادة في الإنتاج قد تضر بالأسعار في الربع الأول من السنة، وهو الوقت المتوقع أن يكون الطلب ضعيفاً فيه. إلى ذلك، قال وزير النفط الكويتي عصام المرزوق أمس، إن منتجي النفط المشاركين في اتفاق عالمي لخفض الإمدادات يدرسون خيارات كثيرة لتمديده لما بعد حزيران (يونيو). وأضاف أن هناك اتفاقاً بشكل عام حول أهمية تمديد الاتفاق لستة أشهر أخرى على الأقل، وإن الكويت تدعم جميع الجهود التي تبذلها دول أخرى في هذا الاتجاه. وأكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح، أن أسواق النفط تستعيد توازنها بعد سنوات من تخمة المعروض، لكنه لا يزال يتوقع تمديد اتفاق خفض الإنتاج ليغطي السنة الحالية بالكامل. وقال الفالح في العاصمة الماليزية كوالالمبور خلال مؤتمر «آسيا للنفط والغاز» أمس: «بناءً على المشاورات التي أجريتها مع الأعضاء المشاركين، أنا واثق من تمديد الاتفاق للنصف الثاني من العام وربما لما بعد ذلك». وأضاف أن «هبوط الأسعار في الآونة الأخيرة يعود إلى موسم انخفاض الطلب وأعمال صيانة مصافي النفط، وكذلك نمو الإنتاج من خارج أوبك وخصوصاً في الولايات المتحدة». وارتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط أكثر من عشرة في المئة منذ منتصف 2016 إلى 9.3 مليون برميل يومياً، مقترباً من مستويات إنتاج روسيا والسعودية وهما من كبار المنتجين. على رغم ذلك، يؤكد الفالح أن الأسواق تحسنت من المستويات المنخفضة المسجلة في العام الماضي. وقال: «أعتقد أننا تجاوزنا الأسوأ حالياً في ظل مؤشرات رئيسة كثيرة تظهر أن ميزان العرض والطلب يسجل عجزاً، وأن السوق تتحرك نحو استعادة التوازن». وتوقع نمو الطلب العالمي على النفط بمعدل يقترب من مستوى العام الماضي. وقال إن نمو الطلب الصيني على النفط سيماثل مستويات العام الماضي، في حين من المنتظر أن يسجّل الطلب من الهند مستوى نمو جيداً. وأضاف إن آسيا ستساهم أيضاً بنحو ثلثي الطلب العالمي على الغاز خلال السنوات الـ25 المقبلة، وأن الاستثمارات العالمية في التنقيب والإنتاج تراجعت هي الأخرى، ما قد ينتج فجوة كبيرة بين العرض والطلب في السنوات المقبلة. وقال إن «التقديرات المتحفظة تتوقع أننا سنحتاج إلى تعويض 20 مليون برميل يومياً ناتجة من نمو الطلب والانخفاض الطبيعي خلال الأعوام الخمسة المقبلة»، مضيفاً أن «هذا هو مبعث تخوفي(...) نتجه صوب مستقبل يتسم باختلالات بين العرض والطلب». وللمساعدة في تلبية الطلب، تعتزم شركة «أرامكو السعودية» الحكومية للنفط استثمار سبعة بلايين دولار في مشاريع تكرير وبتروكيماويات مع «بتروناس» الماليزية. وقال نائب الرئيس والرئيس التنفيذي لعمليات المصب في «بتروناس» محمد عارف محمود: «نتطلع إلى المزيد مما نستطيع أن نفعله في رابيد». وقال نائب الرئيس لأنشطة المصب في «أرامكو السعودية» عبد العزيز الجديمي للصحافيين، إن وحدة التكسير يمكنها أن تنتج 600 ألف طن من البيوتادين الذي يستخدم في إنتاج اللدائن المرنة أو المطاط الصناعي. إلى ذلك، أكدّ الفالح أن «مشروع أرامكو السعودية مع برتامينا الإندونيسية لتوسعة مصفاة سيلاكاب سيدخل في مرحلة التصميم الهندسي الأساس في النصف الثاني من السنة». وهوّن الفالح من أهمية الحديث عن أن زيادة الطاقة البديلة ربما تقلل من استهلاك الوقود الأحفوري، قائلاً إن «الطاقة المتجددة تظل تواجه عقبات مثل أسعارها الباهظة». ولا يتوقع الفالح أن يبلغ الطلب على النفط ذروته في وقت قريب. وفي سياق الاتفاق، أيّد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك تمديد خفوضات إنتاج النفط لمدة أطول وأضاف أنه يعتقد أن ارتفاع الطلب على النفط سيعزز فاعلية خفوضات الإنتاج خلال الأشهر المقبلة. في سياق متصل، قال الرئيس التنفيذي لشركة «بتروناس» الماليزية للنفط المملوكة للحكومة أمس، إن الشركة ستدعم أيّ تمديد لخفوضات إنتاج الخام. وقال وان ذو الكفل وان اريفين الرئيس التنفيذي لـ «بتروناس» للصحافيين في المؤتمر، إن «إذا كان هناك تمديد للترتيب، بالطبع نحن ملتزمون بمواصلة خفض الإنتاج». من جهة أخرى، تراجعت واردات الصين من النفط الخام في نيسان (أبريل) مقارنة بمستوياتها القياسية المسجلة في آذار (مارس)، مع تقليص المصافي كميات التكرير في فترة شهدت الكثير من أعمال الصيانة، في حين نزلت صادرات الوقود بنسبة 25 في المئة مقارنة بالشهر السابق. وفي الشهر الماضي، استوردت الصين 34.39 مليون طن من الخام ما يعادل نحو 8.37 مليون برميل يومياً، بانخفاض نحو تسعة في المئة وفقاً لبيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية أمس. ولا يزال مستوى نيسان مرتفعاً عنه قبل سنة، في حين زادت واردات أول أربعة أشهر من السنة بواقع 12.5 في المئة إلى 139.12 مليون طن أو 8.46 مليون برميل يومياً. وفي آذار بلغت واردات الصين 9.17 مليون برميل يومياً لتتجاوز الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ مطلع السنة.
مشاركة :