رعاية محمد بن زايد للسلام في ليبيا تجسّد القوّة الناعمة للإمارات

  • 5/9/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أكد تقرير صدر عن المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية في أبوظبي، أمس، أن النجاح التاريخي الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة أخيراً، في جمع طرفي الأزمة الليبية، المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، في اجتماع بالعاصمة أبوظبي، بدعم ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. إنما هو تجسيد حقيقي وعملي للقوة الناعمة والدبلوماسية الإماراتية الناجحة، وتأكيد في الوقت ذاته على حضورها الفاعل عربياً وإقليمياً ودولياً، حيث إنها تنطلق من ثوابت ومبادئ ومرتكزات تحظى بالقبول والتقدير من جانب القوى الإقليمية والدولية. وأضاف «المركز الاستشاري الاستراتيجي» أن الإدارة الناجحة الذي حقّقته الدبلوماسية الإماراتية ومعالجة الأزمة، من خلال القمة التي جمعت قطبي الأزمة الليبية، وبعدها بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يعد منعطفاً تاريخياً في مسار الحل السياسي للأزمة الليبية. ليس فقط لأنه أسفر عن توافق وجهات النظر بين حفتر والسراج، وإنما أيضاً لأن ما تم التوصل إليه من نتائج بوساطة أبوظبي يحافظ على وحدة ليبيا وسيادة أراضيها، ويهيئ الأرضية الخصبة لتسوية شاملة، ولعل هذا يفسر ترحيب دول الجوار الليبي بهذا الإنجاز الدبلوماسي الكبير، والبناء عليه في اجتماعات دول الجوار الليبي في الجزائر. خاصة بعد اتفاق حفتر- السراج على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بعد ستة شهور من سريانه، ما يعني أن الأرضية الآن باتت مؤهلة، أكثر من أي وقت مضى، لتحقيق انفراجة حقيقية تنهي حالة الاحتقان السياسي والانفلات الأمني في البلاد، والبدء في وضع أسس قوية لتسوية الأزمة الليبية، تقوم على إرساء مؤسسات قوية وجيش موحد يعزز الأمن والاستقرار الشامل في ليبيا، ويضع البلاد على أعتاب مرحلة جديدة من البناء والأمن والتنمية والسلام. عوامل نجاح وبيَّن المركز الاستشاري الاستراتيجي أن نجاح دولة الإمارات في تحقيق اختراق حقيقي في الأزمة الليبية يعد مبادرة في المكان والتوقيت المناسبين، وتطوراً مهماً ينطوي على العديد من الدلالات المهمّة، لعل أبرزها قدرة الدبلوماسية والقوة الناعمة الإماراتية على طرح حلول توافقية لأزمات المنطقة، من خلال تراكم الخبرة المعروف لدى القيادة الرشيدة في معالجة أزمات مماثلة في المنطقة والعالم. فضلاً عما تحظى به دولة الإمارات من مكانة وتقدير لدى أطراف هذه الأزمات، لكونها تنطلق من مبادئ ثابتة تنحاز لإرادة الشعوب العربية وحقها في الأمن والاستقرار والتنمية ومكافحة الإرهاب بكل صنوفه، حيث يعد اليوم، أحد مصادر الرئيسية لبث الفرقة وإشاعة الاضطراب في المنطقة والعالم. وبدا هذا واضحاً في تعاطيها مع الأزمة الليبية منذ بدايتها، فقد كانت البوصلة التي تحرك الموقف الإماراتي هي الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسلامة أراضيها، وهذا ما عبر عنه بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدى لقائه المشير أركان حرب خليفة أبوالقاسم حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، في شهر أبريل الماضي، في العاصمة أبوظبي، حينما أكد سموه أن «التزام الإمارات بدعم واستقرار ليبيا ينطلق من انتمائها العربي والإسلامي، وإدراكها أن استقرار دول المنطقة مترابط ومتصل». بل إن سموه حدد بوضوح الأسس التي تنطلق منها الإمارات في التعاطي مع الأزمة الليبية، حينما قال: «سنبذل كل الجهد نحو توحيد كلمة الليبيين ودعم جهودهم في مكافحة التطرف والإرهاب، الآفة التي تواجه المنطقة بأسرها»، كما دعا سموه إلى توحيد كلمة الليبيين وتغليب مصلحة ليبيا في هذه المرحلة الدقيقة. وسيط نزيه وثبت بذلك أن دولة الإمارات تعد وسيطاً نزيهاً يحظى بالثقة والمصداقية، وهذا ما تؤكده شهادات طرفي الأزمة، السراج – حفتر، فالأول ثمّن دور الإمارات في الأزمة الليبية، قائلاً في بيان له: «إنه تلبية لدعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فقد عقد والمشير خليفة حفتر لقاء في أبوظبي سعياً لتحقيق تسوية سلمية للأزمة الليبية وعزماً على تهيئة الظروف للوصول إلى حل للأزمة الراهنة، وحرصاً على سيادة الشعب الليبي وسلامة ووحدة أراضيه». أما خليفة حفتر فيشيد دوماً بمواقف الإمارات المساندة للشعب الليبي، والتي تنطلق من مواقف عروبية خالصة تعلي من مصالح الشعوب العربية وأمنها الواحد، وحقها في الأمن والاستقرار والتنمية. ولعل هذا يفسر لماذا نجحت الإمارات في مبادرتها التاريخية وإقناع كل من السراج –حفتر بضرورة الموافقة على تسوية الأزمة من أجل الشعب الليبي. والدلالة الواضحة في هذا الأمر أنه حينما يثق طرفا أو أطراف أي أزمة في الدولة التي تقوم بجهود الوساطة، فإنه تتاح لها قدرة كبيرة على التأثير والإقناع، وهذا ما تحقق مع الإمارات التي استطاعت أن تحقق «المستحيل»، إن صح التعبير، بجمع طرفي الأزمة الليبية، وإقناعهما بضرورة التخلي عن مواقفهما المتصلبة والموافقة على حلول توافقية وسطية تؤسس لتسوية شاملة ومستدامة للأزمة الليبية. حملة مضللة كما أن نجاح مبادرة الوساطة الإماراتية في الأزمة الليبية يمثل رداً عملياً على الجماعات الإرهابية المعروفة في المنطقة والعالم، كجماعة الإخوان، وحركات الإسلام السياسي المرتبطة بها في ليبيا وبعض الدول العربية، والتي كانت تشكك في نوايا وأهداف الموقف الإماراتي من الأزمة الليبية. وذلك ضمن حملتها الإعلامية المضللة لتشويه صورتها لدى الشعب الليبي والشعوب العربية بوجه عام، بهدف إبقاء الصراع والاقتتال مستمراً لا نهاية له، فضلاً عن أن جماعة الإخوان الإرهابية وحلفاءها الآخرين، يرون وجودهم وسطوتهم تتسع وتكبر في ظل هذه الصراعات، وأي منطقة تتحول من الرخوة إلى الصلدة، تعني القضاء على أهدافهم ومشاريعهم التفتيتية والتقسيمية. لكن مواقف دولة الإمارات منذ بداية الأزمة الليبية، وحتى وقتنا الراهن وفي المستقبل، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مصلحة الشعب الليبي وحقه في الأمن والاستقرار والتنمية هي الأهداف التي سعت الإمارات من أجلها في الوقت الذي كانت تعمل فيه جماعة الإخوان وحلفاؤها في داخل ليبيا وخارجها على تعقيد الأزمة الليبية، وإفشال مبادرات الحوار الليبي من أجل تحقيق مصالحها الضيقة في الاستحواذ على السلطة، ولهذا ظلت صورة الإمارات ناصعة لدى الشعب الليبي والشعوب العربية، باعتبارها رمزاً للنخوة والأخوة العربية الأصيلة. انحياز إيجابي ويظهر ذلك انحياز الإمارات الدائم لمصلحة الدول العربية، وحق الشعوب العربية في الأمن والاستقرار الشامل والتنمية والازدهار، فلا شك أن الاختراق الذي حققته الدبلوماسية الإماراتية في الأزمة الليبية في هذا التوقيت، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الإمارات تعمل دوماً منذ المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحتى وقتنا هذا على تعزيز السلام والاستقرار والأمن والعدل في الدول الخليجية والعربية بوجه عام، باعتبار أن ذلك هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية والرفاهية والسلام لشعوب الدول العربية.

مشاركة :