القاهرة: محمد حسن شعبان يحيط الغموض بمستوى مشاركة الاتحاد الأوروبي في مراقبة انتخابات الرئاسة بمصر، وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن عدد هؤلاء المراقبين «قد ينخفض». ويأتي هذا بعد أن قال مسؤول بالاتحاد الأوروبي مساء السبت الماضي إن إجراءات إدارية حالت دون مراقبة بعثة الاتحاد الاستحقاق الرئاسي بمصر. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة رويترز أن القاهرة لم تمنح تصريحا لإحضار معدات ضرورية للأمن والسلامة. ومن جانبه قال السفير بدر عبد العاطي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن الاتحاد الأوروبي سيتابع الانتخابات الرئاسية في البلاد، المقرر إجراؤها يومي 26 و27 مايو (أيار) الجاري، نافيا ما تردد عن تراجع الاتحاد عن متابعة الاستحقاق الرئاسي. لكن تصريحات عبد العاطي لم تبدد الغموض الذي اكتنف موقف الاتحاد الأوروبي من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي، وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي. وتجري الانتخابات الرئاسية في مصر بينما تخيم أجواء من القلق بشأن احتمال قيام جماعات إسلامية متشددة تنتهج فكر تنظيم القاعدة بعمليات تفجير لتعطيل الاقتراع، الذي يعد ثاني خطوات خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وقال المسؤول الأوروبي: «للأسف رغم جهودنا المضنية وطلباتنا المتكررة تبين أنه من المستحيل لأسباب إدارية الإفراج عن معدات اتصال وأدوات طبية ضرورية لضمان أمن المراقبين وسلامتهم في الموعد المناسب». وكان الاتحاد الأوروبي يعتزم البدء في نشر مراقبين في أنحاء مصر لمراقبة الانتخابات، إلا أن ذلك سيقتصر الآن على «فريق تقييم للانتخابات» في العاصمة سيكون له دور آخر محدود في المراقبة. ومن جانبه قال السفير عبد العاطي: «إن ما جرى هو تعديل في عدد بعثة الاتحاد الأوروبي واسم البعثة، وهذه مسألة تخص الاتحاد، ونحن أعلنا ترحيبنا بمتابعة أي جهة لسير عملية الاقتراع، ولا نزال نرحب بذلك». وأضاف عبد العاطي قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر على أي حال ما زال قيد الدراسة، ولم يجر حسمه بعد، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي أبدى رغبة في متابعة سير العملية الانتخابية في محافظات بعينها، وهو أمر لم يجر التوافق عليه بعد. لكن المسؤول الأوروبي قال إن «الوقت أصبح متأخرا للغاية كي يقوم فريق مراقبين على المدى الطويل بعملية مراقبة ذات معنى». من جانبه، أكد المستشار عبد العزيز سالمان، الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية، أن أنباء انسحاب الاتحاد الأوروبي «غير صحيحة إطلاقا»، قائلا في تصريحات صحافية له أمس إن «اللجنة برئاسة المستشار أنور العاصي ستعقد خلال الساعات القليلة المقبلة اجتماعا مع ممثلي الاتحاد الأوروبي في مصر لمناقشة بعض الأمور التي أثارت قلقهم فقط، وليس من الوارد انسحاب الاتحاد من متابعة الانتخابات». وأشار سالمان إلى أن بعثة الاتحاد سبق ولجأت إلى اللجنة لحل مشكلة عدم السماح بدخول بعض الأجهزة والمعدات الخاصة بهم إلى مصر، وتواصلت اللجنة مباشرة مع وزارة المالية ومصلحة الجمارك وجرى حل المشكلة والسماح لهذه الأجهزة بالدخول. وتراوح موقف الاتحاد الأوروبي من التطورات السياسية في القاهرة عقب عزل الرئيس السابق مرسي، بين التشكك في جدية المسار الديمقراطي والترحيب بتنفيذ مقررات خارطة المستقبل. وجاء الموقف الأوروبي بعد يوم واحد من تحذير الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مما سماه «تعثر تحول مصر إلى الديمقراطية بعد سنوات من الاضطرابات السياسية»، وقبيل الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر الشهر الجاري. وقال مركز «كارتر للسلام» في بيان نشره على موقعه الرسمي إن المؤسسة المعنية بتشجيع الديمقراطية «لن ترسل مراقبين للانتخابات المصرية»، معربا عن قلقه من «عدم وجود بيئة حقيقية للتنافس بشأن الحملات الانتخابية، والاستقطاب السياسي الحاد الذي يهدد المرحلة الانتقالية للبلاد». ووجه مركز كارتر للسلام انتقادات حادة للوضع في مصر قائلا إنه «رغم أن الجزء الأكبر من الشعب المصري يبدو وكأنه يقف وراء المرحلة الانتقالية المدعومة من الجيش، فإن الفترة التي تلت الإطاحة بالرئيس مرسي في يوليو (تموز) الماضي، اتسمت بالصراع السياسي الحاد والمتصاعد، والاستقطاب، وعدم تحقيق المصالحة الوطنية». وقال كارتر إن الانتقال السياسي في مصر يقف على حافة الهاوية، لافتا إلى أن الإطاحة بالرئيس مرسي عمقت الاضطرابات السياسية في البلاد، لا سيما بعد أن أعلنت السلطات جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا. وترفض القاهرة تلك الاتهامات وتقول إن حرية الرأي مكفولة بنصوص الدستور الجديد الذي أقر عقب عزل مرسي، وتشدد دائما على أنه لا يوجد معتقلون في السجون وأن جميع الموقوفين يحقق معهم على ذمة قضايا.
مشاركة :