لكي تكون الأخبار المحلية قادرة على البقاء في العصر الرقمي، فإن بناء بيئة تعاون واستعادة ثقة القراء سيكون أمرا ضروريا”. وكان من اللافت والملهم بالنسبة للصحافيين الأميركيين حصول “ستورم ليك تايمز”، وهي صحيفة تديرها عائلة في ولاية إيوا، ويعمل فيها 10 موظفين، على جائزة بوليتزر الصحافية، والتي كانت هذا العام واحدة من الجوائز المدهشة. وقد أتاحت الجائزة لصحيفة محليّة صغيرة الانضمام إلى صفوف عمالقة الأخبار الوطنية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست، وفق رأي خبراء الأخبار. وعلقت أمالي ناش المحررة الإقليمية التنفيذية “لقد كان من الرائع جدا أن نرى مؤسسة إخبارية صغيرة تولي أهميّة للمصالح نيابة عن المجتمع وتتمتّع بالشفافية في قضية رفيعة المستوى”. وتعد صحيفة “ستورم ليك تايمز” محظوظة بهذا الإنجاز الذي حققته في وقت تتراجع فيه العديد من وكالات الأنباء المحلية، وهو ما ترك فراغا في التغطية الإخبارية في المجتمعات خارج المراكز الكبيرة في البلاد.جيسي هاردمان: إيجاد توازن بين أحداث المجتمع العادية والتحقيقات المتعمقة أمر لا بد منه وبحث الخبراء الأميركيون المشاركون في مناقشة شبكة الصحافيين الدوليين عن الحلول الممكنة لإعادة بناء الأخبار المحلية وتنشيطها، إذ أن التغطية الإخبارية المحلية في أغلب الأحيان، تكون ركيكة بعض الشيء، سواء بسبب نقص الموارد أو عدم وجود مراسلين متمكنين، فالقصص العميقة التي يتناولها الصحافي دان براي في عموده الشهير في صحيفة نيويورك تايمز هي أمر نادر في المؤسسات الإخبارية الصغيرة. ويعتبر استقاء الخبر من مصدره الركيزة الأساسية التي يجب أن تستند عليها المؤسسات الإخبارية الصغيرة، فلا شيء يستبدل فعالية الخروج من غرفة الأخبار والتحدث إلى الناس في مجتمعك وجها لوجه، وأضافت ناش “إن الانضمام إلى مجموعات فيسبوك واتباع قوائم تويتر يمكن أن يساعدا المحرر أيضا في العثور على قصص، لكنها لن تكون ذات قيمة منخفضة، مقارنة بتغطية الحدث مباشرة”. وبدورها طرحت جمعية كابل بريستول الإعلامية، في المملكة المتحدة، أفكارها في التقارير التي تتناولها، من خلال البحث عن زاوية محلية في الأخبار الكبرى. وقال ألون أفيرام المؤسس المشارك لشركة “كابل” “أجد أنه من الجيد في الكثير من الأحيان متابعة الأخبار الوطنية والدولية ومن ثم طرح السؤال، كيف يتم ذلك في بلدي؟”. وأضاف “لقد استلهمنا عددا من القصص البارزة على هذا النحو، على سبيل المثال، تناولنا تحقيقا عن مراقبة الشرطة، وكان في البداية نتيجة تحقيق قمنا به في السويد”. ومن جهتها أوصت تيريزا جورمان، التي تعمل في الأخبار المحلية في صندوق الديمقراطية، بعدد من الموارد للصحافيين المحليين الذين يبحثون عن أفكار أكثر إبداعا في التقارير. وأضافت أن “الصحافة الحرة لديها مجموعة أدوات مفيدة لإنشاء غرفة أخبار مشتركة تمنح الصحافيين نصائح لإيجاد قصص”، لكن التحدي الأساسي بالنسبة للصحافيين وخبراء الإعلام هو بناء الثقة مع المجتمعات المحلية، فتراجع ثقة الجمهور حاليا في وسائل الإعلام قد أثر بشكل سلبي على الأخبار المحلية، لذلك يجب إعادة بناء هذه الثقة. وقال جيسي هاردمان الصحافي في مؤسسة “ليستينينغ بوست” “إن التقارير التقليدية عن الصناعات المحلية تلعب دورا أساسيا في ربط الصحافيين بمجتمعاتهم”. وأضاف “إن تغطية الفعاليات المجتمعية تبني ثقة المجتمع. إنه يظهر أنك على استعداد لقضاء بعض الوقت في هذا المكان. سوف تخرج المصادر من تلك التغطية المنتظمة التي يمكن أن تساعد في تقارير أكثر تعمقا”. وأكد قائلا “سيبقى إيجاد توازن بين أحداث المجتمع العادية والمزيد من التحقيقات المتعمقة أمرا لا بد منه لوكالات الأخبار المحلية”، ووافق المشاركون في الدردشة على كلامه. واستعرضت كريستين هير، التي تغطي الابتكارات الإخبارية المحلية لموقع بوينتر تجربتها الصحافية قائلة “أتبع نهجا دائما وهو الإحاطة بالقصّة من الأمام والخلف، وذلك عبر مشاريع متوسطة وطويلة الأمد”، فيما استشهدت جورمان بالقصص والموظفين والمصادر، باعتبارها ضرورة لبناء الثقة مع المجتمع. وأكد المشاركون أن التعاون مع غرف الأخبار الأخرى سيكون أمرا حيويا بالنسبة لوكالات الأنباء المحلية التي لا تتطلع إلى الاستمرارية فقط، ولكنها تطمح إلى الازدهار والتطور. ويرجع ذلك إلى أن التعاون يمكن أن يسمح لغرف الأخبار بالاستفادة من مهارات وتخصصات بعضها البعض، مع الوصول إلى جمهور أكبر والحصول على اهتمام الممولين. ومن المقرر أن يعقد مؤتمر كامل يستند إلى فكرة التعاون في شهر مايو الحالي. ونوهت ناش “إن قصة الاغتصاب التي لا تصدق، والتي فازت بجائزة بوليتزر العام الماضي، كانت نتيجة تعاون بين مشروع مارشال وبروبوبليكا “. وأضافت “كيف حدث ذلك؟ كان الصحافيون في كلا المكانين يعملون على جوانب مختلفة من هذا التحقيق. تعلموا عن بعضهم البعض. وكانت النتيجة النهائية واحدة من أفضل التقارير الصحافيّة التي قرأتها”.
مشاركة :