كل الوطن- الخليج اون لاين : تنبئ الخلافات وتصريحات التصعيد بين المخلوع صالح والحوثيين بوقوع حرب بين الطرفين المتحالفين، الذين عُرف عنهما العداء القديم. وفي إعطائه، مؤخراً، الضوء الأخضر للإعلام التابع له بتسقيط الحوثي وأتباعه، يكون المخلوع صالح قد بدأ فعلياً الحرب، مبتدئاً بالإعلام. ولا أحد يستطيع الجزم بالبداية الفعلية لتحالف الحوثيين مع الرئيس المخلوع صالح، الذي أُجبر على ترك السلطة بفعل الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت في 11 فبراير/شباط 2011، إلا أن مصدراً مقرّباً من المخلوع أوضح لـ “الخليج أونلاين”، في وقت سابق، أن هذا التحالف بدأ فعلياً في “معركة حاشد” بين الحوثيين وبيت الأحمر، في 2014. وكانت معركة حاشد انتهت بسيطرة الحوثيين على المنطقة؛ بفضل التواطؤ من قبل القيادات المحسوبة على صالح في القبيلة، التي مكّنته من الثأر من مشايخ قبيلة بيت الأحمر، إحدى الجهات الداعمة لثورة الشباب السلمية. الغريب في تحالف الحوثي – صالح أنهما كانا على عداء شديد؛ على خلفية شنّ المخلوع 6 حروب على معقل الجماعة في صعدة (2004 -2009)، قتل في جولتها الأولى مؤسّس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي، الذي كان عضواً في اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام، وفي المقابل كان الحوثيون مشاركين في ثورة الشباب الشعبية المطالبة بإسقاط نظام صالح. ومع أن الحروب الست كانت قراراً خاصاً بصالح، أكثر من كونه صادراً من مؤسّسات دستورية في البلاد، إلا أن إعلام النظام حينها كان يصف الحوثيين بالخارجين عن النظام والقانون، لكن ما لبث أن وضع يده في يدهم بعدما نجحت المبادرات السياسية التي أفضت إليها ثورة الشباب في إبعاده عن الحكم بعد أكثر من ثلاثة عقود. والثلاثاء 9 مايو/أيار، أعطى الرئيس اليمني المخلوع الضوء الأخضر لوسائل الإعلام التابعة له لتعرية زعيم المليشيا الحوثية، عبد الملك الحوثي، وفضحها أمام المواطن اليمني. جاء هذا التحرّك من قبل المخلوع عقب التقارير التي تحدّثت عن نيّة عبد الملك الحوثي الانقضاض عليه وقتله، وإيعازه لوسائل الإعلام الحوثية التابعة له بتجهيز وإعداد التقارير الخاصة بإبعاد التهمة عن الحوثيين في المصير الذي ينتظر المخلوع. ووفقاً لما نشرته وكالة الأنباء السعودية، في اليوم نفسه، ذكرت مصادر مطّلعة في صنعاء أن المخلوع صالح، وخلال لقاء جمعه مؤخّراً بعدد من أعضاء المؤتمر الشعبي العام، هدّد ببيع الحوثي للتحالف إذا لم يتم الإذعان لمطالبه، واصفاً الحوثيين بالمتطرّفين. وأعطى صالح الضوء الأخضر لقناة “اليمن اليوم” التلفزيونية التابعة له لمهاجمة مليشيا الحوثي، واستضافة المناوئين لها والمتضرّرين منها، وفضحها أمام المواطن اليمني، وبيان علاقتها بإيران، وأنها “باعت اليمن إلى طهران بثمنٍ بخسٍ”، وتأكيد أن مليشيا الحوثي مجرّد “جماعة لصوص تسعى إلى المغانم والوزارات والأموال”، وهي إشارة واضحة إلى أنه مستعدّ لقتالها إذا تم عقد صفقة معه لوقف الحرب. وفي رده على الإهانات التي يوجّهها الحوثي ومليشياته لأتباع المؤتمر الشعبي العام، قال صالح: “لا أحد يلوي ذراع الآخر، لوي الأذرعة مرفوض، عواقبه غير سليمة”، وهو تهديد واضح لمليشيا الحوثي. وطالب صالح بضرورة التواصل مع قواعد وقيادات المؤتمر الشعبي العام (الحزب الذي يتزعّمه) بهدف توحيد الصف، وهو ما يدلّل على أن المؤتمر مقدم على خطوات تصعيدية خلال الفترة القادمة؛ ومنها سحب الثقة من الحوثي، والإمساك بزمام السلطة في أي وقت يريد، بحسب ما قاله مراقبون للشأن اليمني. وكانت المصادر الإعلامية في الداخل اليمني، بحسب “واس”، قد أشارت إلى أن المؤتمر الشعبي العام ورئيسه أعدّا خطة لمواجهة الحوثيين؛ تبدأ بـ “الشيطنة الإعلامية” وتحميلهم كل مشكلات اليمن، وتنتهي بمواجهة الجماعة عسكرياً أو إذعانها. المتابعون للأحداث في اليمن يؤكّدون أن المصالحة الآنية هي ما تسبّب بحصول هذا التحالف، ويذهبون بالرأي إلى أن هذا التحالف محكوم عليه بالفشل منذ ظهوره؛ للعداء القديم بين الطرفين، الحوثي والمخلوع. ذلك ما يعتقده القيادي في المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، عبد الكريم حسين ثعيل، الذي بيّن لـ “الخليج أونلاين”، أن “جماعات وعصابات الانقلاب متناقضة ومتناحرة منذ نشأتها قبل عقود، وقد تحاربت وتقاتلت، وما يجمع الانقلابيين اليوم مجرّد خطة مشتركة لهم يسعون من خلالها لاغتيال المشروع الوطني”. في حين يشير عبد الله إسماعيل، الباحث والمحلل السياسي، إلى أن “كثيراً من المراقبين توقّعوا مبكّراً أن تتفكّك جبهة الانقلابيين (المخلوع والحوثي)؛ نظراً لطبيعة هذا التحالف الذي تشكّل على أساس مصلحي وتكتيكي، واختلاف نظرة كل طرف إلى أغراضه منه”. وأضاف لـ “الخليج أونلاين”، أنه “في حين أرادت جماعة الإرهاب الحوثية استخدام علي صالح والقوى المرتبطة به عسكرياً وقبلياً؛ لتنفيذ مشروعها في إسقاط الدولة واختطاف القرار السياسي، مع بقاء علي صالح عدواً استراتيجياً وهدفاً مستقبلياً، رأى صالح أن يستخدم الحوثيين كوسيلة للقضاء على خصومه السياسيين، والانتقام من رموز ثورة 2011 التي أسقطته، بالإضافة إلى ضمان بقائه في المشهد السياسي”. ويرى إسماعيل أن “الحوثيين لعبوا اللعبة بذكاء أكبر من صالح، وذلك يعود إلى طبيعة الجماعة العقائدية، وبعدها الإقليمي، ومشروعها الذي عملت عليه مبكراً”. مشيراً إلى أنه “رغم التنازلات التي قدّمتها جبهة صالح منذ البداية، فإن توغّل الحوثي واستلابه القرار داخل التحالف الانقلابي بدأ بإبراز الخلافات إلى السطح بشكل أوضح”.
مشاركة :