إلى السمكة النافقة أمامي في شاطئ أنجفة، اسمحي لي أن أسميكِ «لازاريفا ماريا».أووه يا عزيزتي «لازاريفا ماريا» كنت أتمنى لو أخبرتك عن الجهة المسؤولة عن مقتلك بهذه الصورة المذلة والمهينة، في البداية تبادلت الجهات الحكومية الأربع الاتهامات وكل يشير إلى تقصير الآخر، ثم اتفقوا على أنها ظاهرة طبيعية تحدث من أجل التوازن البيئي.. يا إلهي أنتِ أيضاً ضحية التوازن. يا لها من مصادفة!!والتوازن يعني أن نلقي باللوم على الصيادين الأشرار، وأن نلقي بالسرقة على عامل النظافة، وأن نلقي بالجنون على الخدم، وأن نلقي بالوطن في ذيل التصنيفات العالمية.أفكر: هل ينبغي لي أن أخبرك أنه لا أحد أعلن مسؤوليته عن مقتلكِ، هل لك أن تتصوري يا عزيزتي لازاريفا أن الجماعات الإرهابية تعلن مسؤوليتها عن مقتلنا فوراً، بل يتسابقون في ذلك! ولم نجد أحداً إلى الآن يعلن مسؤوليته عن حياتنا.يا لي من أبله!! مَنْ سيهتم بقصة سمكة أو خادمة سواء في حقوق الحيوان أو في عيد العمال؟دعيني يا عزيزتي الملقاة بين ثنايا الأمواج أن أفضفض معك في أمور قد تعنيك، في العام 2001 حدث قتل جماعي لبني جنسك في ظاهرة نفوق كبيرة، وتم استدعاء فريق ياباني للكشف عن الأسباب فكما تعلمين أن اليابانيين أيضاً أهل بحر وغوص وسفر، وأهل بادية وقبائل وعوائل قرروا الاحتفاظ بالتاريخ في الهوية والتعامل بالمنطق في الواقع، ولكنهم رحلوا فجأة من دون أن تظهر نتائجهم للعلن، ومن ذلك الوقت وظاهرة النفوق تحدث باستمرار كشكل من أشكال التوازن بين القوى.. أنتم تموتون ونحن نملك ذاكرة سمكية، ها قد أخبرتكِ بالحقيقة يا جميلتي الصغيرة.. أنتِ ضحية التوازن.والتوازن هو أن يظهر الجميع في عمليات وندوات التأبين على الوطن، بينما وقت العمل كانوا في مكان آخر.سمك الزبيدي له وجهة نظر أخرى ينبغي أن تعرفيها، ففي العام 1995 كان مخزوننا السمكي منه 1100 طن أما في 2014 فقد وصل إلى 120 طناً فقط!! لقد هاجر يا عزيزتي قبل أن يموت منفوقاً.يا لك من تعيسة.. فأنتِ لست كلبة أو هرة أو خروفاً سيُنحر قبل العيد كي يضعوك في قائمة حقوق الحيوان.. كم تُشبهين كثيراً من البشر الذين سقطوا من لستة حقوق الإنسان.أعتذر لأني أكرر أفكاري وعباراتي، فهي المرة الأولى التي أخاطب فيها سمكة.. ذات يوم خاطبت هراً في رسالة كادت أن تكسر يدي وتقصف قلمي.أشعر أن لديّ الكثير لكي أكتبه، كما أشعر أني أحتاج المزيد لكي أنفقه.. وأشعر أني لن أكتب ولن أنفق.. هل تفهمينني يا لازاريفا؟ هل تفهمين أصلاً؟أوووه يا حبيبتي الجميلة النائمة على بساط الماء تتلحفين الغيم.. كيف نجوتِ من أكياس البلدية الصفراء التي تكدس فيها أصدقاؤك خلال اليومين الماضيين، لا بد أنك كنتِ سمكة مميزة. لا بد أنك تشبهين الطفل إيلان المسجى على شواطئ الأتراك.عزيزتي لازاريفا... أود إبلاغك أن كثيراً من طاقات الشباب وأحلامهم قد نفقت قبلك، وإذا كنت تعتقدين أن الأمواج التي تضربك الآن وأنت جثة قد قست عليك بغدر بحر.. فأحب أن أشير لكِ بكلتا يديَّ أن كل شيء حولنا كان يضربنا من فترة طويلة ونحن أحياء.. ابتداءً بإعلام صورنا على أننا ضحية تتم المتاجرة باسمها وفي أول محك سياسي يتم إسقاطنا من اللستة الإعلامية، والحكومة التي صورتنا على أننا مشكلة تجر وراءها مشاكل المخدرات ووقت الفراغ وارتفاع معدل الجريمة، والآن ومنذ أربع سنوات ونحن نسمع أن الشباب (إمكانية) وطاقة واستثمار، ولكن يبدو أن هذا الخطاب سيصيبه النفوق كشكل من أشكال التوازن أيضاً.لقد بدأت أشعر بالحر وأنا جالس أمام البحر، وهي المرة الأولى التي أكتب فيها تحت الشمس لذلك اسمحي لي أيتها السمكة الجميلة أن أنهي خطابي سريعاً على أمل أن تراسليني في أقرب وقت، وأرجو منك أن تكتبي لي عن حياتك وتفاصيلك اليومية، سأدعو لكِ على هامش صلاة الظهر أن ترقدي بسلام وأن تكوني طيراً من طيور الجنة بدلاً من سمكة بائسة من أسماك الوطن.أبنائي يرسلون لك تحياتهم، الولد أطلق عليك لقب «سمكة الشوكة» والفتاة ظلت صامتة، وأنا فضلت أن اسميكِ لازاريفا.****خلف الرسالة:أعتذر لأني أطلقت عليك اسماً روسياً يشبه اسم روسية قالت وسائل الإعلام إنها سرقت 166 مليون دينار ورحلت بعد أن تم رفع منع السفر عنها... فأنا أعلم أنك سمكة نافقة تلعبين دور الكومبارس في مقال ليس دور البطولة في رواية.. لذلك وجب التنويه.كاتب كويتيmoh1alatwan@