خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤثر في حياة الكثيرين

  • 5/10/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستبدأ بصورة سيئة، وهذا واضح تماماً الآن. وكانت المعلومات التي رشحت عن الحادثة التي أجرتها رئيسة الحكومة تيريزا ماي على العشاء، مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جانكر، لا تفضي إلى شيء. ومن الواضح أن الانتخابات المحلية في كل من المملكة المتحدة، وفرنسا وألمانيا، جعلت المفاوضات تعلق في دائرة مفرغة، لكن قريباً سيأتي الوقت الذي سيتم فيه الانتقال إلى ما هو أبعد من الأمور العبثية، نحو التفاوض على المسائل المهمة.بوجود الإرادة السياسية، يمكن التوصل إلى اتفاق تجاري بسهولة، بحيث يغطي البضائع وليس خدمات الاستثمار، وهو الأمر الذي يوافق عليه الاتحاد الأوروبي بسهولة. وبخلاف ادعاءات جانكر، فإن الإنجليزية ستظل لغة مهمة في أوروبا. وعلى الرغم من الاتهامات التي تطلقها ماي فإن الاتحاد الأوروبي لا يتدخل بخبث في الانتخابات العامة. وربما تبدو التهجمات الكلامية غير ضارة، بيد أن النيات الحميدة تعتبر مصدراً ثميناً في هذه المفاوضات. وعلى الأقل فإن حرب الكلمات، والمشاعر العامة تظهر أن كلا الطرفين يدرك مدى دقة وصعوبة موقفه، والحقيقة أن الانتخابات المقبلة ستكون معقدة بصورة لا توصف لأسباب تقنية وسياسية. وعلى سبيل المثال، كيف يمكن أن نتعامل مع الحدود في آيرلندا، إذ إن الترتيبات الجديدة ستكون لها آثار كبيرة في الأعمال والتجارة، وبالذات في مئات الآلاف الأشخاص في آيرلندا الشمالية، الذين يحملون جوازات سفر من جمهورية آيرلندا، إذ ينتقل نحو 20 ألف عامل عبر الحدود بصورة مستمرة، وهذه ليست قضايا تقنية، وإنما تساؤلات تنطوي على نتائج بعيدة المدى، بما فيها عمليات السلام بين الطوائف في آيرلندا الشمالية. وربما الحاجة الأكثر أهمية هي التوصل إلى اتفاق يحدد حقوق المقيمين لدى الطرفين، لكن ما الحقوق التي سيحتفظ بها هؤلاء المهاجرون؟ فالمواطن البريطاني الذي يعيش في إسبانيا حالياً له الحق في التصويت في الانتخابات المحلية. فهل سيستمر ذلك بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي؟ وماذا بشأن الطالب الفرنسي الذي يدفع رسوماً محلية في جامعة لندن، أي مثل الطالب البريطاني؟ وكيف ستتم معالجة قضية حقوق التقاعد التي يستحقها العامل البولوني، الذي يمضي ست سنوات في المملكة المتحدة، ومن ثَمَّ يغادر البلاد؟ يمتلك الاتحاد الأوروبي آليات لكل هذه الحالات، وحسب القوانين المعمول بها. وبغض النظر عن شكل الاتفاق المتعلق بحقوق المواطنين، الذي ينبغي فرضه وحمايته، وبناء عليه من الذي سيقوم بهذه المهمة، ومن الذي ستكون له السلطة القضائية؟ تيريزا ماي تتحدث عن التهرب من الرقابة عن طريق اللجوء إلى محكمة العدل الأوروبية، في حين أن الاتحاد الأوروبي يريد من هذه المحكمة أن تكون هي الفصل والحكم. وكل هذه التساؤلات تكون مقلقة من الناحية الفنية، كما أنها مشحونة سياسياً، لكن كلا الطرفين يصر على أن حقوق المواطنين هي الأولوية. والقضية الثانية هي مستقبل العلاقات التجارية، وعلى المستوى التقني ينبغي الاتفاق عليها بسهولة، إذ لا نتحدث هنا عن اتفاق بين نظامين اقتصاديين مختلفين، والمشكلة هنا تتعلق بما إذا كان أحد الطرفين يفرض تعرفة جمركية، وكيف يمكن التعامل مع الاختلاف التنظيمي المستقبلي. وتبقى القضية الأخيرة وهي فاتورة الانفكاك السيئة عن الاتحاد الأوروبي، وإن كانت غير مهمة من الناحية الاقتصادية، إلا أنها ربما تكون القضية الأكثر أهمية، ومن المهم أن نفهم أن 60 مليار جنيه إسترليني، تشكل 3% من الناتج المحلي البريطاني، لن تشكل أهمية كبيرة على فرص الاقتصاد البريطاني، لأنها ستمتد على عدد من السنوات، لكن بالنسبة للسياسيين فإن الفاتورة ضخمة جداً، بالنظر إلى العناوين العاطفية الرنانة عند الطرفين.

مشاركة :