تذهب المعارضة السورية إلى الجولة السادسة من «مفاوضات جنيف»، الأسبوع المقبل، وهي مدركة تماماً أن أفق التوصل إلى حلّ حول الانتقال السياسي شبه معدوم في ضوء مستجدات كثيرة، كان آخرها اتفاق آستانة «الغامض»، وفق وصفها، إضافة إلى سياسة المصالحات القسرية التي يعتمدها النظام السوري في عدد كبير من المناطق، وهو ما أشار إليه أيضاً المبعوث الخاص إلى سوريا مايكل كونتيت، داعياً إلى «عدم تعليق كثير من الآمال على جولة جنيف المقبلة».كونتيت قال أمس: «التقدم الذي تم إحرازه في الجولات السابقة كان متواضعاً وضئيلاً. وليس هناك توقعات بأن تكون الجولة المقبلة بالضرورة أكثر أهمية من سابقاتها». ومعلوم أنه خلال الجولات الخمس السابقة من محادثات جنيف، لم تجرِ المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة مباشرة، بل فقط عبر المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا كوسيط، وتوقّع كونتيت أن تستمر وفق الصيغة نفسها في الجولة السادسة.من جهة ثانية، تلقّت «الهيئة العليا للمفاوضات» الدعوة إلى المشاركة في الجولة الجديدة من دون تحديد جدول الأعمال المطروح للنقاش، بحسب ما قال المتحدث باسمها الدكتور منذر ماخوس، وهذا بعدما كان قد أعلن مكتب دي ميستورا قد أعلن أن المباحثات بين السوريين ستستأنف برعاية الأمم المتحدة في جنيف في 16 مايو (أيار) 2017.ماخوس قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «يُفترض أن تبدأ المفاوضات من حيث انتهت الجولة السابقة، وتحديداً حول الانتقال السياسي الذي نتمسك بها أولاً وأخيراً، بعدما أصبح هناك انفتاح على البحث في بعض القضايا». وأشار إلى أنه «قبل موعد المفاوضات ستعقد الهيئة العليا اجتماعاً في الرياض في يومي 12 و13 مايو الحالي للبحث في الأمور المطروحة، إضافة إلى الوثائق التي تعمل عليها بعض اللجان لتقديمها خلال المؤتمر، التي تثبت أن النظام، ومن خلال كل ما يقوم به، لا يريد الحل السياسي ويستعيض عنه بالمصالحات التي يعمد إلى فرضها على المناطق المحاصَرَة».وجدّد ماخوس رفض المعارضة أي محاولة للاستعاضة عن «جنيف» بـ«آستانة»، إذ قال: «رهاننا الوحيد على آستانة كان التوصل إلى وقف لإطلاق النار على أن يشكل محطة تهيئ إلى (جنيف)، لكن نتائجه لم تكن إيجابية. بل كانت غامضة بعيداً عن أي آلية واضحة حول الأهداف التي يجب تحقيقها، وإبدال وقف إطلاق النار بتخفيف التصعيد، وهو الأمر الذي يستفيد منه النظام للالتفاف على العملية السياسية وتمييعها، لا سيما عبر توسيع دائرة ما يسميها بـ(المصالحات)». وهنا تجدر الإشارة إلى أن دي مستورا كان قد عبّر عن أمله الأسبوع الماضي في أن يُسهِم اتفاق آستانة في «تخفيف التصعيد العنيف بشكل كبير وتشكيل بيئة مواتية للمحادثات السياسية بين السوريين في جنيف».أيضاً، ذكّر ماخوس بكلام وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، أول من أمس، لجهة رفضه مشاركة قوات دولية وتابعة للأمم المتحدة في مراقبة مناطق تخفيف التصعيد، مما يؤكد أن روسيا وإيران ستقومان بهذه المهمة، ورفضه كذلك «المناطق الآمنة»، وقوله إن هناك بلدات جديدة تدخل ضمن اتفاقات «المصالحة». وأضاف ماخوس مستخلصاً: «هذه المواقف تعرّي النظام السوري، وتؤكد أنه ليس هناك من أمل في التوصل إلى نتيجة إيجابية في المفاوضات». من جهته، يؤكد الدكتور يحيى العريضي، مستشار «الهيئة العليا للمفاوضات» أن «كل من يعتقد أن اتفاق آستانة هو بديل أي حل سياسي فهو واهم»، وتوقع العريضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تحمل الأيام التي تسبق موعد مفاوضات جنيف «بعض الإشارات إلى ما قد ينتج عنها، لا سيما فيما يتعلّق بالموقف الأميركي». ثم أوضح: «بعض ملامح الخطة الأميركية بدأت تظهر، لكن نحن اليوم في حالة ترقّب للخطوات التالية والحراك الدولي على أكثر من خط، وماذا سينتج أيضاً عن الاجتماع المرتقب، اليوم (الأربعاء)، بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ونظيره الروسي سيرغي لافروف». واعتبر العريضي أن «اتفاق آستانة فاشل لغاية الآن، وموسكو التي كانت راعية له تحاول اليوم لملمته للدفاع عن فشلها في سوريا عبر تمريره في مجلس الأمن».
مشاركة :