قال مدير الإدارة الاقتصادية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» عبدالفتاح دندي إن «المؤشرات الرئيسية المتعلقة بصناعة النفط تعكس المكانة المرموقة التي تتبوأها الدول العربية المنتجة للنفط بشكل عام، ودول مجلس التعاون بشكل خاص في السوق النفطية العالمية»، مشيرا الى أن «ما يبرز هذه المكانة استحواذها على الجزء الأكبر من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط الخام، حيث بلغت احتياطات دول مجلس التعاون حوالي 496.5 مليار برميل عام 2016، أي ما يشكل حوالي 39% من الإجمالي العالمي و70% من إجمالي احتياطيات الدول العربية». وأضاف دندي خلال حلقة نقاشية نظمتها إدارة العلاقات العامة والإعلام فى وزارة النفط تحت عنوان (التنوع الاقتصادي بين الرؤى والاحتياج)، إن «إنتاج النفط الخام في دول مجلس التعاون خلال عام 2015 بلغ نحو 18 مليون برميل في اليوم، أي ما يشكل حوالي 23% من الإجمالي العالمي، ونحو 73 % من اجمالي انتاج الدول العربية»، مبيناً أن «الاستهلاك المحلي من النفط في دول المجلس قد بلغت نحو 3.8 مليون برميل في اليوم عام 2016 ما يمثل حوالي 53% من الإجمالي العربي، وبمقارنة نسبة الاستهلاك المحلي من النفط الخام إلى إنتاجه في دول مجلس التعاون لعام 2016، يتضح أن النسبة تقدر بنحو 21%، الأمر الذي يعني أن جزءاً كبيراً من الكميات المنتجة من النفط (79 %) تتجه إلى الأسواق العالمية كصادرات، والتي شكلت 23.5% من إجمالي الصادرات النفطية العالمية و77% من إجمالي الصادرات النفطية العربية». وأشار الى أن «الطاقة هي حجر الزاوية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي دولة ولا يستثنى من ذلك دول مجلس التعاون، خاصة لما توفره موارد الطاقة من حوافز مباشرة وغير مباشرة للصناعات المختلفة المرتبطة بها، سواء للسوق المحلية أو للتصدير»، موضحا أن «الطاقة من وجهة نظرنا تلعب دوراً مزدوجاً في عملية التنمية حيث أن توفرها يساعد على التوسع في النشاطات الاقتصادية المحلية المختلفة لاسيما الصناعية والتحويلية منها، وبالتالي فإن مثل هذا التوسع في النشاطات لا شك أنه يؤدي إلى زيادة في الطلب وما لذلك من أثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول مجلس التعاون».وتابع إن «قطاع النفط يمثل أهم مصدر للدخل في دول مجلس التعاون ومما يعكس دوره وأهميته في اقتصادات دول المجلس مساهمته الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات العامة والصادرات الإجمالية. وتشير آخر البيانات الى بلوغ الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون نحو 1.6 تريليون دولار عام 2015 ما يشكل حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي العربي. ومما يشير إلى الدور الكبير والمهم الذي يقوم به القطاع النفطي في تحديد حجم الناتج المحلي الإجمالي هو أن حصة الصناعة الاستخراجية لدول مجلس التعاون قد بلغت 693 مليار دولار عام 2015، أو ما يشكل 48% من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس. وبلغت الإيرادات البترولية نحو 495 مليار دولار ما يمثل 79% من إجمالي الايرادات العامة لدول المجلس، كما شكلت قيمة صادرات دول المجلس من النفط حوالي 48% من قيمة صادراتها الاجمالية». وفيما يتعلق بارتباط أسعار النفط بعائداته، أوضح «شهدت الفترة (2016-2005) تقلبات واضحة في العائدات النفطية لدول مجلس التعاون إستجابة للتقلبات التي شهدتها أسعار النفط خلال ذات الفترة، فعندما ارتفعت أسعار النفط من 51 دولاراً للبرميل في عام 2005 إلى 94 دولاراً للبرميل في عام 2008 صاحب ذلك ارتفاع في حجم العائدات النفطية لدول مجلس التعاون لتصل إلى 442 مليار دولار عام 2008 مقارنة بنحو 241 مليار دولار فقط عام 2005». وأضاف: «عندما وصلت أسعار النفط في عام 2009 إلى 61 دولاراً للبرميل مسجلة انخفاضاً بنحو 33 دولاراً للبرميل دفعة واحدة مقارنة بمستوياتها لعام 2008 صاحب ذلك انخفاض كبير في حجم العائدات لدول المجلس حيث انخفضت بنسبة 42% لتصل إلى 256 مليار دولار في عام 2009. وبعد أن أخذت الأسعار في الارتفاع مرة أخرى لتصل الى 77 دولاراً للبرميل في عام 2010 صاحب ذلك ارتفاع في العائدات النفطية بمقدار 85.5 مليار دولار لتصل إلى 342 مليار دولار. وخلال الأعوام 2011 و2012 و2013 عندما تخطت الأسعار حاجز 100 دولار للبرميل، تخطت العائدات النفطية لدول المجلس عتبة 500 مليار دولار. وبعد أن أخذت الأسعار منحى الانخفاض مرة أخرى خلال الفترة 2014-2016 صاحب ذلك انخفاض في العائدات النفطية لدول المجلس لتصل إلى 220 مليار دولار في عام 2016، وهو أقل مستوى له خلال الفترة 2005 -2016».ولفت دندي الى أن «الزيادة في العائدات النفطية أدت إلى تحقيق إما فائض في الميزانية العامة أو انخفاض في العجز لدول المجلس»، مبيناً ان «ارتفاع العائدات النفطية في عام 2006 ترتب عليه زيادة في الفائض في الميزانية العامة من 82 مليار دولار في عام 2005 إلى 128 مليار دولار عام 2006، وعندما ارتفعت العائدات مرة أخرى في عام 2008 ارتفع الفائض في الميزانية العامة لدول المجلس لتصل لأعلى مستوى له وهو 391 مليار دولار»، ومشيراً الى أنه «خلال عامي 2013 و2014 انخفض الفائض إلى 139 و103 مليار دولار على التوالي نتيجة انخفاض العائدات، وفي عام 2015 تحول الفائض المحقق في عام 2014 الى عجز مقداره 136 مليار دولار نتيجة لانخفاض العائدات النفطية بنسبة زادت عن 42%».وقال: «التنوع الاقتصادي يعني العمل على زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الصادرات وتفعيل الضرائب في اقتصاد معين للحد من مخاطر الاعتماد المفرط على مورد أو قطاع واحد وخصوصاً إذا كان ريعياً.. بمعنى آخر، إيجاد مصادر إضافية غير نفطية لتوليد العملة الأجنبية ولإيرادات الموازنة العامة وفي الوقت ذاته إيجاد مصادر مستديمة للاستخدام في القطاعات الإنتاجية والخدمية لاستيعاب الأعداد المتنامية الداخلة لسوق العمل».وتابع: «إن دول المجلس بعدما كانت قاعدتها الصناعية تقارب الصفر منذ 30 عاما، باتت اليوم أحد المراكز العالمية الكبرى لإنتاج البتروكيماويات والأسمدة والألمونيوم والإسمنت والمباني المعدنية سابقة التجهيز وكابلات الألياف الضوئية وأجهزة تكييف الهواء وجميع صور المنتجات الخاصة بالبناء والتشييد، ناهيك عن التطور في مجالات الخدمات المالية والتجارية والمصرفية التي تنمو بشكل تصاعدي».وأوضح أن «آخر الخطوات المتخذة في اتجاه تنويع مصادر الإيرادات هو فرض بعض الضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة: وهي من أكثر أنواع الضرائب الاستهلاكية انتشارا حول العالم فهي مطبقة في 162 دولة، وقد بدأت دول المجلس في اتخاذ خطوات متسارعة باتجاه ضريبة القيمة المضافة المقرر تطبيقها في مطلع عام 2018 بنسبة 5% لتعزيز الإيرادات التي تقلصت جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه ميزانيات دول المجلس بشكل رئيسي. وضريبة السلع الانتقائية: وهي ضريبة تفرض بنسب متفاوتة على السلع ذات الأضرار على الصحة العامة أو البيئة أو السلع الكمالية. وقد أنهت العديد من دول مجلس التعاون الإجراءات المتعلقة بتطبيق هذه الضريبة التي تشمل 3 سلع وهي المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتبغ ومشتقاته، تتراوح ما بين 50 الى 100%».
مشاركة :