«ماري بوبينز» تنثر سحرها على أوبرا دبي

  • 5/11/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

متابعة: مها عادل سيبقى حدثاً استثنائياً عرض المسرحية الغنائية الشهيرة «ماري بوبينز»، وستتوقف الذاكرة السمعية و البصرية عند هذه الأمسية الفريدة، التي ستظل مقياساً فنياً لحجم الإبهار والإتقان المتوفر بأي عمل فني مسرحي شاهدته من قبل أو سيقدر لك أن تشاهده في المستقبل.إن مهمة نقل مشاهد فيلمية بحذافيرها وخدع مبتكرة وأدوات وتقنيات حديثة من شاشة السينما إلى خشبة المسرح، والنجاح في منافسة حجم الإدهاش والسحر التي تميز بها فيلم «ماري بوبينز» على الشاشة الفضية بهذه الكفاءة، شيء يستحق كامل الإعجاب والتقدير، خاصة أن العرض المسرحي حافظ على رسالته القيمة ودرسه الهام الموجه وهو أن «الأسرة تأتي أولاً»، مع تأكيده على ضرورة الاهتمام بمن تحب، وتقوية التواصل والروابط بين كل أفراد العائلة حتى لا تأخذنا مشاكل الحياة في طريق آخر يفقدنا البوصلة الأهم وهي أسرتنا، وهذه الحقيقة رسالة صالحة لكل زمان ومكان، وما أحوجنا إليها في زمن أصبحنا فيه فرائس سهلة لمواقع العالم الافتراضي والبعد عن عالمنا الواقعي والأصيل. تقنية مدهشة كانت كل التفاصيل رائعة. الموسيقى والرقص والغناء وحتى التفاعل ما بين الجمهور والممثلين. وعندما تدفقت إيقاعات الموسيقى المرحة وتفجرت المنصة بحيوية الراقصين، اتجه بطل العرض «بيرت» وهو يرقص إلى زاوية المسرح، ومد ساقه إلى الفراغ ثم بدأ يتسلق الجدار.. صمت الجمهور لبرهة من هول المفاجأة، ما نراه جميعاً ليس خدعة سينمائية، فنحن أمام مسرح حي والممثل أمام أعيننا يسير بشكل حقيقي على الإطار العمودي.. جسده يمتد بشكل أفقي موازيا الأرض وقدماه تسيران في الفراغ وكل خطوة ترفعه لأعلى، ويمتد صمت الجمهور المبهور لثوان ثم تنطلق تنهيدة جماعية وتتفجر صيحات الإعجاب.. ويهتف الأطفال في براءة: «إنه يسير على الحائط.. فعلاً يسير على الحائط» بينما تحترق الأكف وهي تصفق على إيقاع الرقصة. يواصل عدد كبير من الممثلين الرقص، أما الممثل الذي كان قد وصل بخطواته الإيقاعية إلى قمة المسرح وبدأ يسير مقلوباً.. رأسه إلى أسفل وجسده عمودي تماماً وقدماه تسيران بثبات في أعلى.. يتحدى الجاذبية على نحو يثير الدهشة ولا يبدو عليه أنه يقوم بأي شيء غرائبي، ويستكمل «بيرت» رقصته مقلوباً يخطو في الفراغ ويتحرك كخفاش متدلياً من السقف حتى يصل إلى الجدار الآخر ويسير عليه مرة أخرى متحدياً الوقوع إلى أسفل حتى يصل الأرض.. بينما يحتدم تصفيق الجمهور وهو يتفاعل مع هذا المشهد الفريد الذي يقدم تقنية عالية من السحر المسرحي الذي يمتزج فيه الفن بالتكنولوجيا بالأسرار الخاصة التي يرفض أصحابها الكشف عنها. صناعة المعجزات لم يكن المشهد السابق مصدر الإبهار الوحيد في مسرحية «ماري بوبينز» التي تقدم حالياً على خشبة أوبرا دبي، فقد برز كذلك قدرة تغيير المناظر وخلفيات الديكور بسرعة وسلاسة وتلقائية أثناء سريان العرض، ودون أن تقطع اندماج المشاهدين أو تخدش تفاعلهم بالأحداث، التي تنتقل بين لحظة وأخرى من منظر داخلي بمنزل مستر بانكس إلى مشهد آخر بالحديقة وثالث فوق أسطح العمارات بلندن، إلى أن تفاجئنا البطلة زيزي ستارلين أو ماري بمشهدها الختامي الجبار.وخلال الاستراحة سألت جاسبر هوب المدير التنفيذي لأوبرا دبي عن مشهد تسلق بيرت للجدار، فضحك وهو يقول: «إنه السحر.. وهذا شيء طبيعي فماري بوبينز مربية خارقة ولها قدرات سحرية»، ويضيف: «في مسرح أوبرا دبي نمتلك بالفعل إمكانات تقترب من السحر، ونستطيع صناعة المعجزات بفضل تقنيات العرض والخدع المسرحية الحديثة، ولكن مثل هذه المشاهد الخطرة تتمتع أيضاً بأعلى درجة من إجراءات الأمان لإظهارها بالشكل الأمثل، وضمان ألا يحدث ما يعكر صفو العرض أو يهدد سلامة أي من المشاركين أو الجمهور، كما يوجد لدينا فريق متابعة متخصص لإخراج هذه المشاهد وتنفيذها، وهذا المشهد بالتحديد كان من المشاهد التي تتحدى أي إدارة مسرحية، فهي ممكنة فقط في عالم السينما بفضل تقنيات الخدع اللامحدودة أما تنفيذها داخل المسرح وبشكل حي وأمام عيون آلاف المتفرجين فهذا أمر بالتأكيد في منتهى الصعوبة».. ويختتم حديثه معي بينما تقترب الاستراحة من نهايتها، ويقول: «لا تنسي أن تخبريني عن رأيك في مشهد النهاية». النجاح الحقيقي طبقاً للفيلم الشهير توقعت النهاية، ولكنها بالفعل كانت مبهرة جداً على المسرح، فماري بوبينز يفترض أن تحلق بعيداً باستخدام مظلتها، وقد حدث ذلك بالفعل بطريقة انتزعت آهات الإعجاب من الحاضرين، حيث لم ترتفع باستخدام أسلاك كما يجري في مسارح عالمية شهيرة، بل ارتفعت وهي واقفة في ثبات وطارت فوق رؤوس الجمهور داخل صالة العرض ثم اختفت فجأة. ومع هذه النهاية وخلال تفاعل الجمهور مع الممثلين والفنانين، قال المنتج نيل وايت، المسؤول عن الجولة العالمية للمسرحية: «يتكون العرض من 130 شخصاً من بينهم 32 عارضاً وعارضة و13 عازفاً.. كما أن لدينا فريقاً خاصاً بالسلامة للتأكد من الأمان عند تنفيذ الخدع الخطرة، كالمشي على السقف وطيران ماري بوبينز، وقد شاهد هذا العمل أكثر من 5 ملايين شخص حول العالم خلال السنوات الثماني الماضية»، وأضاف: «تم إحضار الديكور وكل مستلزمات المسرحية من خلال 80 حاوية كبيرة، وبعد إحضار العرض من لندن، تم التعديل عليه قليلاً، لاسيما أن مسرح أوبرا دبي كبير، وتم تضخيم الديكور قليلاً كي يتلاءم مع المسرح».وينهي وايت كلامه قائلاً: «أستطيع القول إن هذا العرض يقدم درساً لكل فرد حول تقديم الأسرة على جميع الأولويات، وأن النجاح في الحياة العائلية هو النجاح الحقيقي في الحياة، وقد سعدت جداً باستقبال جمهور دبي وتفاعلهم مع الرواية، فما حققناه من نجاح حتى الآن يفوق كل التوقعات». الحفاظ على روح الرواية يعلق «نيك ألوت» المدير الفني للمسرحية عما يمثله هذا العرض العالمي في أوبرا دبي، قائلاً: «عملت مع المنتج العالمي كاميرون ماكينتوش منذ حوالي 37 عاماً، وأدير شركته منذ 16 عاماً وتعتبر «ماري بوبينز» أحد أهم أحلامه، وبتعاونه مع ديزني التي تمتلك الموسيقى والأغنيات الأيقونية لهذا العرض الرائع، نجح في تحقيق الحلم.. ورغم أن المسرحية تبدو معقدة وتتمتع بدرجة صعوبة عالية جداً إلا أنها استطاعت تحقيق نجاح كبير في لندن ثم دول أوروبا لتنطلق إلى العالم كله وصولاً إلى دبي في فتح آفاق جديدة أمام جماهير مختلفة».ويضيف قائلاً: «أهم ما نجحنا فيه هو الحفاظ على روح الرواية، والتركيز على الهدف منها و «إعلاء قيم العائلة»، ففي ظل حياتنا الحديثة بإيقاعها السريع المتلاحق والذي يفرض علينا انشغالاً كبيراً بالعمل لتدبير نفقات الأسرة، معتقدين أن توفير المال لهم هو هدف في حد ذاته، وهذا غير صحيح تماماً، ولذلك تزداد أهمية هذه المسرحية مع الوقت ويحتاج الجمهور لمتابعتها حتى يقدروا قيمة الأسرة ويزيد الاهتمام بالأبناء، وأنا كأب لدي أربعة أطفال أجد أن هذا العرض مؤثر جداً ويحرك شحنات عاطفية ضرورية وهامة بين الجميع».

مشاركة :