مطار «الجبايش» الفضائي يرحب بكم

  • 5/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لفت نظري هذه الأيام إعلان جميل تنشره الصحف السعودية عن أول طائرة بوينج استخدمتها المملكة قبل أكثر من سبعين عاماً، وتَظهر الطائرة جاثمة وسط الرمال وأمام أبوابها عشرات المسافرين أو المودعين أو المستقبلين بملابسهم التقليدية، بينما تقف على مسافة بضعة أمتار سيارة سوداء تدل على وجود شخصية مهمة بين الركاب. لم تكن هناك أبواب إلكترونية للتفتيش ولا حواجز ولا أسلاك ولا إرهابيين. وكثيراً ما شاهدنا في أفلام الأسود والأبيض المصرية مثل هذه الطائرة، حيث لا بد وحتماً وأكيد أن يكون أول النازلين على السلم عماد حمدي حاملاً معطفه على ذراعه أو زبيدة ثروت أو مريم فخر الدين أو محمود المليجي. لكن هذه أيام فاتت وانقضت. وقرأنا مؤخراً أن وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» على وشك إنهاء مهمة المركبة الفضائية «كاسيني» بعد عشرين سنة من إطلاقها و13 عاماً من الدوران حول كوكب زحل وأقماره وحلقاته لأن وقودها بدأ بالنفاد. لقد استغرقت رحلتها من الأرض إلى زحل سبع سنوات بدءاً من عام 1997م. ولو كان على ظهر هذه المركبة رجل فضاء أمريكي لاستطعنا القول إنه غادر الأرض وبيل كلنتون يحكم الولايات المتحدة، وفي تحليقه بالمركبة حكم الولايات المتحدة جورج بوش الابن الذي دمر أفغانستان والعراق وقتل مئات الألوف وشرد ملايين بحجة تدمير برجي التجارة في نيويورك وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ثم حكم البيت الأبيض أول رجل أمريكي من أصل إفريقي هو باراك أوباما الذي استطاع بمهارة تبديد هيبة الولايات المتحدة خلال سنوات ولايته الثماني، قبل أن يعرف العالم الرئيس الأمريكي الرقم 45 دونالد ترامب وزوجته اليوغسلافية ميلانيا. ولو اتصلت وكالة ناسا برجل الفضاء المفروض لتخبره أن المصارع والملياردير وصاحب أكبر فنادق العالم وأجمل الملاهي الأمريكية وأضخم المنتجعات وأشهر ربطة عنق حمراء ترامب صار سيد البيت الأبيض لقال رجل الفضاء كلمة تاريخية: Oh my God! و«طب ساكت»! لم تترك ناسا «جثة» المركبة كاسيني تحلق في الفضاء إلى الأبد، لكنها قررت دفنها في كوكب زحل نفسه تذكاراً لأول رحلة فضائية أرضية غير مأهولة تقترب من هذا الكوكب الجميل وتقدم معلومات ثرية عنه إلى علماء الأرض. المعتاد في أكثر الرحلات الفضائية التي لا تحمل رواداً أن يتم إنهاء مهمتها حين ينفد وقودها أو يصيبها عطل كبير أو تصطدم بنفايات فضائية صلبة أو تحترق، ثم يجري «دفنها» في الفضاء الخارجي، حيث ملايين «الجثث» والحطام والصخور والشهب. اعتمدت القياسات الجوية والمعاهدات والاتفاقات المتعلقة بالفضاء الخارجي ما يسمى بخط كارمن الافتراضي على ارتفاع 100 كم (62 ميل) فوق سطح البحر كبداية للفضاء الخارجي. وتحظر اتفاقية الفضاء الخارجي التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1967م احتكار الفضاء الخارجي أو الادعاء بالسيادة على أي متر فيه، وتسمح لجميع الدول باستكشاف الفضاء بحرية. وعُززت هذه الاتفاقية بأخرى في عام 1979م جعلت أسطح الكواكب والمدارات الفضائية حولها تحت سلطة المجتمع الأرضي الدولي، لكن ذلك لا يمنع نشر الأسلحة في الفضاء على طريقة أفلام الخيال العلمي التي غزت دور العرض العالمية في السنوات الأخيرة. كان وزير النقل العراقي الحالي قد كشف، جدياً أو هزلياً، أن أجداد العراقيين القدماء أطلقوا مركبات فضاء قبل خمسة آلاف عام من مطار الناصرية الدولي قرب آثار مدينة أور التاريخية جنوبي العراق. ولسبب ما لم تعد تلك المركبات إلى الأرض ما يعني أنها دَفَنَت نفسها في الفضاء الخارجي. من دواعي الفخر حقاً أن يكون العراقيون طبقاً لاكتشاف الأخ والصديق الوزير أول رواد فضاء عالميين قبل الروسي غاغارين والكلبة الروسية لايكا بخمسة آلاف عام. للأسف لم يترك لنا جدنا الأكبر حمورابي ولا جدنا نبوخذ نصر ولا غيرهما أي تفاصيل عن تلك الرحلات القديمة ولا أسماء مركبات الفضاء العراقية. وأغلب الظن أن أسماءها مستوحاة من أسماء الميليشيات الحالية، أو العكس، ولا أريد الخوض في المحظورات. وبما أن أجدادنا أطلقوا مركبات فضائية، طبقاً لرواية الوزير العراقي، من مطار محافظة الناصرية، فما المانع أن أدلي بدلوي لأقول إنهم كانوا إضافة إلى ذلك أول من اخترع طائرات ذات مقصورتي قيادة مثل قطارات السكك الحديدية والمترو الكهربائي. فكل طائرة كانت لها قُمرة قيادة أمامية وأخرى خلفية، وميزة هذه الميزة أنه في حالة تعطل محركات «الكابينة» الأمامية تشتغل «توموتيكي»محركات الكابينة الخلفية التي تواصل الرحلة وكأن شيئاً لم يكن، ويهبط الركاب سالمين في مطار «أهوار الجبايش» الدولي الذي يتميز بأفضل سوق حرة Duty Free في العالم القديم للأسماك والقيمر (القشطة) والسجاد اليدوي والسلال الخوص وخبز العباس والتمرية والحرير والدمقس. ولا تسألني ما هو الدمقس، فالذي سمعته بأم عيني من إبراهيم الجعفري أنه نوع من الخيار.

مشاركة :