كشفت وكالة الأنباء الإيطالية (آكي)، عن أن «قوة شرطة عسكرية روسية في حلب، اعتقلت عدداً من عناصر الاستخبارات الجوية التابعة لقوات النظام السوري، الذين لم يمتثلوا لأوامرها». وفي حين أكدت الوكالة أن العناصر الروس «منعوا قوات الأسد والحرس الثوري الإيراني و(حزب الله) اللبناني من دخول المدينة»، وضع خبراء هذا التطور في سياق «المحاولة الروسية للإمساك بالأرض شيئاً فشيئاً، وتقليص النفوذ الإيراني، الذي وظّف كل ما حققته القوة العسكرية الروسية لصالحه». الوكالة الإيطالية نقلت عن مصادر عسكرية مقربة من نظام الأسد، قولها إن روسيا «أرسلت مقاتلين عسكريين من أنغوشيا والشيشان (جمهوريتين قوقازيتين ذاتيتي الحكم داخل روسيا الاتحادية) مدججين بالسلاح إلى سوريا بصفة شرطة عسكرية روسية». وتابعت أن موسكو «استبقت أي توافق سياسي أو عسكري مرتقب، فعزّزت وجودها في سوريا من خلال إرسال مقاتلين ميدانيين على الأرض غير تابعين للجيش الروسي، وهؤلاء هم نواة قوات محاربة، وتحديداً من أنغوشيا والشيشان». وقالت المصادر نفسها، إن «النظام لم يكن قادراً على رفض أو قبول هذه القوات، رغم معرفته بأنها ليست قوات شرطة عسكرية نظامية». ووفق معلومات الوكالة الإيطالية، فإن «الشرطة العسكرية الروسية في مدينة حلب، منعت عناصر جيش الأسد وميليشيا (حزب الله) وإيران من دخول المدينة، وتسلمت الحواجز العسكرية فيها». في قراءة لهذا التطور، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد أحمد رحال أنه «يشير إلى ما هو أبعد من دور للشرطة الروسية»، وأردف رحال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات المنتشرة في حلب ليست شرطة روسية، إنما هي قوات خاصة استقدمت من الشيشان، وبعض دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وتم تطعيمها ببعض العناصر الروس». واستطرد شارحاً أن القوات الروسية «استقدمت اللواء الذي اقتحم شبه جزيرة القرم إلى حلب، تحت اسم الشرطة العسكرية، وكلفته بمهمة الإمساك بشرق حلب، التي خرج منها الثوار، كي لا تتحول مرتعاً للميليشيات الإيرانية». من جهة أخرى، يبدو أن روسيا تتخوّف من مجازر وعمليات انتقام في شرق حلب، قد تتحمّل وحدها مسؤوليتها، وفق ما أوضح العميد رحال، الذي لفت إلى أنه «بعد خروج الثوار من حلب الشرقية، جرى تكليف اللواء فريد صالح، التابع للنظام والقريب من الروس، بمنع المقاتلين التابعين للميليشيات الإيرانية من دخول حلب الشرقية، كي لا تُرتكب فيها عمليات قتل عشوائي وانتقامي بحق من بقي من المدنيين، وبالتالي يتحمل الروس تبعاتها السياسية والعسكرية». وتابع رحال: «هذا الأمر أزعج الميليشيات الإيرانية، وجاء الردّ عليها بقتل نجل اللواء صالح في أحد التفجيرات الذي استهدف مدينة جبلة». وللعلم، ينتشر حالياً آلاف المقاتلين التابعين للميليشيات الإيرانية والحرس الثوري وقوات النظام السوري، على جبهات القتال غرب وشمال حلب، حيث تدور معارك عنيفة في محاولة منهم للتقدم أكثر في مناطق سيطرة «الجيش السوري الحر». ويؤكد ناشطون، أن «بعض الأحياء في مدينة حلب، يُمنع على أي قوات غير القوات الروسية من دخولها، مع بضع عناصر تابعين لأفرع استخبارات النظام». ولم يخف العميد أحمد رحال، أن يكون «هذا الوجود الروسي، يعني أن موسكو بدأت محاولة الإمساك بالأرض في بعض المناطق، لأن كل ما قام به سلاح الجو الروسي في سوريا، جرى توظيفه بالحقيبة الإيرانية، باعتبار أن الإيرانيين هم من يمسكون بالأرض». وأضاف أن «السلوك الإيراني بدأ يزعج الروس كثيراً، خصوصاً بعدما خرّبت طهران كثيرا من اتفاقيات وقف إطلاق النار التي أبرمها الروس مع الأتراك، كما حصل في وادي بردى وريف دمشق وحي الوعر وغيرها»، مشيراً إلى أن «الروسي بدأ يفكّر جدياً في تحجيم الدور الإيراني في سوريا، لكن ذلك يحتاج إلى وقت طويل، لأن إيران لا تزال صاحبة اليد الطولى في سوريا».
مشاركة :