رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس باقتراحٍ عرضه عليه الرئيس بوتين، حول عقد لقاء ثلاثي في موسكو بمشاركة بوتين ونتنياهو وعباس، بهدف بحث التسوية في الشرق الأوسط. وجاءت تصريحات الرئيس الفلسطيني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بوتين، أمس، عقب محادثاتهما في مدينة سوتشي، وقال موجهاً كلامه للرئيس بوتين: «لقد رحبنا في وقت سابق بالدعوة حول عقد مؤتمر دولي في موسكو للتسوية. كما رحبنا بدعوتكم لعقد لقاء ثلاثي في موسكو، ونحن مستعدون للمشاركة في مثل هذه الدعوات في أي وقت، نظراً لأن روسيا تلعب دوراً رئيسياً على الساحة الدولية، وفي جهود إحلال السلام في منطقتنا»، مشيراً إلى أنه أطلع الرئيس الروسي أيضاً على الوضع في الأراضي الفلسطينية في ضوء استمرار الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الاستيطانية. كما ناقش معه إضراب الأسرى في سجون الاحتلال، مشدداً على أن هذه الممارسات «تقوِّض فرص إحلال السلام في المنطقة، وتقوض فكرة حل الدولتين بحد ذاتها». وفي تعليقه على اللقاء الثلاثي قال ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، إنه لا يوجد بعد أي مؤشرات حول موعد محتمل لمثل هذا اللقاء. فيما قال الرئيس بوتين إن محادثاته مع الرئيس الفلسطيني كانت موسعة وبناءة، وجرت في أجواء من الثقة والصراحة، موضحاً أن اللقاءات الدورية بين الرئيسين تؤكد على طابع الصداقة التقليدية للعلاقات بين روسيا الاتحادية وفلسطين. وبخصوص التسوية في الشرق الأوسط أكد الرئيس الروسي عدم وجود بديل عن الحل على أساس حل الدولتين، وشدد على أنه لا يمكن ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة دون حل القضية الفلسطينية، داعياً في هذا السياق إلى الابتعاد عن الخطوات أحادية الجانب، ومؤكداً أن «روسيا وبصفتها عضواً في اللجنة الرباعية، إلى جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تواصل تقديم الدعم الشامل لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أبدى استعداده للقاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو تحت رعاية أميركية «من أجل صنع السلام»، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الألماني فرانك شتاينماير عقب اجتماعهما في مدينة رام الله في الضفة الغربية قبل أيام، حيث شدد عباس على الالتزام الفلسطيني بالسلام القائم على العدل وقرارات الشرعية الدولية، وفق حل الدولتين ضمن حدود عام 1967. وجاءت تلك التصريحات بعد أقل من أسبوع على عقده أول اجتماع مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب في واشنطن، وبعد توقف طويل لعملية السلام. وليست هذه هي المرة الأولى التي تقترح فيها روسيا عقد لقاء ثلاثي، حيث سبق أن عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذه الفكرة على صائب عريقات خلال محادثات في موسكو مطلع العام الحالي، وأكد حينها استعداد بلاده لاستضافة مفاوضات مباشرة بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية لاستئناف المفاوضات المباشرة بينهما لتسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. ومن جانبه، أكد عريقات آنذاك استعداد الرئيس عباس المشاركة في المفاوضات التي تدعو إليها موسكو، أي عقد لقاء بين عباس ونتنياهو بدعوة روسية، لافتاً إلى أن «الرئيس الفلسطيني كان قد أعلن في وقت سابق عن استعداده للمشاركة في مثل تلك المفاوضات في موسكو». وتحاول روسيا منذ السنوات الأولى لتسلم بوتين السلطة استعادة دورها في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي تلك السنوات كان الانخراط الفعال في جهود تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي بوابة رئيسة، وشبه وحيدة لاستعادة زخم ذلك الدور في المنطقة. وقد اقترح بوتين خلال زيارته إلى القاهرة عام 2005 عقد مؤتمر دولي في موسكو للتسوية الفلسطينية، لكن في مقابل الترحيب العربي عارضت إسرائيل الاقتراح الروسي، ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون حينها، أي وساطة من أي طرف في عملية التسوية باستثناء الوساطة الأميركية. وفي السنوات التالية واصلت موسكو اهتمامها بتسوية النزاع العربي - الإسرائيلي، إن كان بصورة أحادية أو عبر مجلس الأمن الدولي، ومن خلال عضويتها في اللجنة الرباعية الخاصة بتسوية النزاع في الشرق الأوسط. إلا أن كل تلك الجهود الفردية والجماعية لم تأت بأي نتيجة.
مشاركة :