إسلاميو ليبيا يناورون لتحقيق مكاسب أكبر في العملية السياسيةشن إسلاميو ليبيا هجوما لاذعا على وزير خارجية حكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة على خلفية تصريحات له قال فيها إن المشير خليفة حفتر هو القائد العام للجيش الليبي، وهو ما أثار استغراب المتابعين للشأن السياسي الليبي الذين اعتبروا الهجوم محاولة لتحقيق مكاسب أكبر في العملية السياسية.العرب منى المحروقي [نُشر في 2017/05/12، العدد: 10630، ص(4)]الميليشيات لا تؤمن بغير العنف لتحقيق أطماعها السياسية مازالت تصريحات وزير الخارجية بحكومة الوفاق الليبية الطاهر سيالة تلقي بظلالها على المشهد السياسي والأمني في العاصمة الليبية طرابلس. وكان سيالة قد صرح في مؤتمر صحافي عقد في الجزائر على هامش اجتماع دول جوار ليبيا بأن المشير خليفة حفتر هو القائد العام للجيش الليبي بموجب قرار أصدره البرلمان سنة 2014. وتتالت البيانات والتصريحات الصادرة عن ميليشيات وأطراف سياسية إسلامية لإدانة تصريحات سيالة والمطالبة بإقالته. ووجه المفتي المعزول الصادق الغرياني سؤالاً إلى المجموعة المؤيدة لاتفاق الصخيرات من تحالف فجر ليبيا حول ما يبدو أنها وعود منهم بأن الاتفاق سيطيح بالمشير حفتر من قيادة الجيش. وقال الغرياني في حديثه لقناة التناصح الفضائية الأربعاء “لقد قلتم لنا إن حفتر خرج من المشهد بجرة قلم، والآن حكومتكم تقول إن حفتر هو قائد الجيش؟”، مضيفًا “لا تُغالطوا أنفسكم حفتر ومشروع الصخيرات حزمة واحدة”. وكان عضو المجلس الأعلى للدولة صالح المخزوم قد أكد عقب توقيع الصخيرات ديسمبر 2015، في تصريحات لقناة محسوبة على الإسلاميين، أنهم (أي الإسلاميون) أبعدوا حفتر من المشهد بجرة قلم، في إشارة إلى المادة الثامنة من الاتفاق السياسي. وأصدر المجلس الرئاسي بيانا أكد فيه أنه ليس طرفا في الصراع داعيا إلى التهدئة، إلا أن التصريحات والبيانات لم تتوقف لتشمل مؤيدي اتفاق الصخيرات حيث وصف رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان الذراع السياسية للإخوان المسلمين تصريحات سيالة بأنها “في غاية الغرابة”، معتبرًا أن التصريح “متناقض تمامًا مع بنود الاتفاق السياسي”. وطالب المجلس الأعلى للدولة برئاسة عبدالرحمن السويحلي (منبثق عن اتفاق الصخيرات) المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني “باتخاذ إجراءات حاسمة وواضحة حيال سيالة، كونه أصبح فاقدًا للمصداقية التي تمكنه من الاستمرار في منصبه”.عيسى عبدالقيوم: الإسلاميون يخشون المحاكمة لذلك يحاولون الضغط لضمان مستقبلهم كما أصدرت عدة ميليشيات من بينها ميليشيات مؤيدة للمجلس الرئاسي بيانات أدانت تصريحات سيالة وطالبت بإقالته من منصبه مذكرة بأنه ليس من “ثوار 17 فبراير” في إشارة لمساندته لنظام الراحل معمر القذافي ورفضه تدخّل حلف شمال الأطلسي لإسقاط النظام سنة 2011. وقالت وسائل إعلام محلية إن اشتباكات اندلعت فجر الخميس فى منطقتي صلاح الدين والهضبة جنوب طرابلس بين مجموعات مؤيدة لحكومة الوفاق وأخرى معارضة ومقربة من حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل. وتأتي المناوشات وسط أنباء عن إطلاق الغويل مدعوماً من رئاسة المؤتمر العام المنتهية ولايته برئاسة نوري أبوسهمين لعملية عسكرية تهدف إلى استعادة مقار الدولة وطرد موالي المجلس الرئاسي. وعاد أبوسهمين مجددا إلى المشهد السياسي بعد غياب دام أكثر من سنة من خلال زيارة أداها إلى غينيا كوناكري رفقة الغويل وعدد من الوزراء في حكومة الانقاذ. وأجرى أبو سهمين مباحثات مع الرئيس الغيني ألفا كوندي، رئيس الدورة الجديدة للاتحاد الأفريقي في العام 2017، الذي أرسل الأربعاء مبعوثه جاكايا كيكويتي إلى ليبيا حيث التقى السراج والسويحلي ورئيس البرلمان عقيلة صالح. وتعكس ردود أفعال الإسلاميين صعوبة مهمة السراج في إقناع الميليشيات والأطراف السياسية المناوئة لحفتر بالاتفاق الذي وقعاه في مدينة أبوظبي الأسبوع الماضي. وأثارت ردود أفعال الإسلاميين تساؤلات المتابعين للشأن السياسي في ليبيا، حيث ذهب البعض إلى اعتبار أنها مبالغ فيها خاصة تلك الصادرة عن مؤيدي إعادة فتح الاتفاق السياسي وإجراء البعض من التعديلات عليه. فالموافقة على إعادة فتح الاتفاق السياسي تعني قبولا ضمنيا بحفتر قائدا عاما للجيش الوطني. ووقّع الفرقاء الليبيون ديسمبر 2015 اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية لكنه لم يطبق حيث رفض مجلس النواب تضمينه داخل الإعلان الدستوري قبل إجراء بعض التعديلات عليه وفي مقدمتها حذف المادة رقم 8. وأصدر السويحلي الثلاثاء، قرارًا بتشكيل لجنة لدراسة تعديل الاتفاق السياسي. وقال المحلل السياسي عيسى عبدالقيوم، إن ردود أفعال الإسلاميين من تصريحات سيالة مبالغ فيها، لافتا إلى أن الغاية من تلك البيانات حشد أكبر عدد ممكن من الشباب للقتال بذريعة حماية ثورة 17 فبراير. وأوضح عبدالقيوم لـ“العرب” أن الإسلاميين يبحثون عن ضمانات أكبر عبر مشاركة أوسع وأكثر تأثيرا لأنهم يعيشون هاجس المحاكمة إذا ما انتصر حفتر دون اتفاق سياسي يضمنون به مستقبلهم. ويقلل البعض من أهمية الأصوات المنتقدة لتصريحات سيالة سواء كانت شخصيات سياسية أو ميليشيات في خضم الدعم الدولي والإقليمي الذي حظي به لقاء حفتر والسراج. ونص الاتفاق على أن حفتر قائد عام للجيش وعضو في مجلس رئاسة الدولة الذي سيتشكل من السراج وحفتر وعقيلة صالح. لكن عبدالقيوم رجح إمكانية شن الجماعات الإسلامية وخاصة المتطرفة منها حربا يعيدون من خلالها سيناريو الحرب على بنغازي، إلا أنه استبعد قدرتهم على حسم المعركة لصالحهم. وأوضح أن ما كان يعرف بتحالف فجر ليبيا سيشهد إعادة اصطفاف جديدة حيث سيتحالف التيار الجهادي مع دار الإفتاء وجزء من مشايخ الإخوان وسيحاولون استقطاب البعض من كتائب ثوار مصراتة وغريان والزاوية ومسلاتة تحت شعار حماية الثورة. في حين ستبقي البعض من الميليشيات على ولائها لحكومة الوفاق وفي مقدمتها قوة الردع بقيادة عبدالرؤوف كارة. وكان تحالف فجر ليبيا قد انقسم قبيل دخول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى طرابلس إلى مجموعتين، مجموعة مؤيدة لحكومة الوفاق وأخرى موالية لحكومة الغويل.
مشاركة :